احتفظوا بنقدكم لأنفسكم! رسالة الجزائر القوية لفرنسا!

أعرب وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، عن استغرابه من مساعي فرنسا لإثارة الجدل حول النشيد الوطني للبلد الشمال إفريقي.

وأعادت الجزائر نشيدها الوطني الأصلي الذي كان يعزف منذ عام 1962، ويذكر فرنسا وحكمها الإمبراطوري، الأمر الذي أثار رد فعل عنيف في باريس، حيث قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا أن الخطوة “عفا عليها الزمن”.

وقال عطاف في مقابلة يوم الأربعاء “أنا مندهش من حقيقة أن وزيرة الخارجية الفرنسية اعتقدت أنها تستطيع إبداء رأي في النشيد الوطني الجزائري”.

وتابع ساخرًا: «كان ينبغي عليها أن تنتقد اللحن أيضًا، فربما هو لا يناسبها أيضاً “.

وفي 24 أيار / مايو، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرسوماً يقضي بإعادة مقطع شعري إلى النشيد الوطني يسمي فرنسا بالاسم.

يقول المقطع المسترجع:” يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي وخذي منا الجواب، إن في ثورتنا فصل الخطاب، وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر، فاشهدوا.. فاشهدوا فاشهدوا”.

وعندما سألها الصحفيون في 19 حزيران / يونيو للتعليق على التغيير ، قالت كولونا في البداية إنها لا تريد التعليق قبل معرفة حقيقة ما جرى، لكن كبيرة الدبلوماسيين الفرنسيين أكدت أن المقطع يعود من حقبة ماضية تعكس عملية إنهاء الاستعمار.

لكن الجزائر لم تقبل هذا التعليق واعتبرته تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد من قبل المستعمر السابق.

وفي الحقيقة، فإن المقطع الذي يأتي على ذكر فرنسا لم يقتطع أبدًا من النشيد الوطني، حيث ينص الدستور الجزائري لعام 2008 على أن ثبات النشيد الوطني.

وينسخ المرسوم الجديد مرسوم عام 1986، والذي بموجبه كان يتم عزف النشيد الوطني وفقاً لطبيعة الاحتفالية ذات الصلة.

وسمحت الصيغة الغامضة من المرسوم الملغي بالتخلص التدريجي من بعض المقاطع دون حذفها من النشيد الوطني، بما فيها المقطع المذكور الطي كان يتم تحاشي ترديده لتجنب التوتر مع باريس لا سيما خلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي واجهتها الجزائر بسبب أزمة النفط في الثمانينيات.

والشاعر والمفكر مفدي زكريا هو من كتب كلمات النشيد الوطني الجزائري عام 1955 بناء على طلب قادة جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب الاستقلال ضد فرنسا.

سنوات من التوتر

في السنوات الأخيرة، تصاعد التوتر بين البلدين، حيث تتبادل باريس والجزائر الانتقادات اللاذعة بانتظام.

وفي أعقاب التصعيد الأخير، قال عطاف:” بالنسبة لبعض الأحزاب أو السياسيين الفرنسيين، هناك انطباع بأن الجزائر أصبحت موضوعًا سهل الاستخدام لأغراض سياسية”.

وأجلت الحكومة الجزائرية مؤخرًا وإلى أجل غير مسمى زيارة رسمية كان تبون يعتزم القيام بها إلى فرنسا في أيار / مايو بغية إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح.

واتهمت الحكومة الجزائرية فرنسا بمساعدة أميرة بوراوي، وهي ناشطة تحمل الجنسيتين الجزائرية والفرنسية، على الفرار من البلاد إلى تونس المجاورة ثم إلى فرنسا.

وتدخلت السلطات الفرنسية، عبر السفارة في تونس، لمنع تسليم البراوي، الممثلة البارز لحركة الحراك الاحتجاجية، إلى الجزائر.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في ذلك الوقت أن ” السلطات الفرنسية مارست الحماية القنصلية باعتبار أن البراوي تحمل الجنسية الفرنسية”.

لكن الجزائر اعتبرت هذه الخطوة “انتهاكًا للسيادة الوطنية” وقررت سحب سفيرها من باريس سعيد موسي “بأثر فوري”.

وتعرضت بوراوي، وهي ناشطة بارزة في الجزائر ، لحظر سفر وكان هروبها محرجًا للغاية للسلطات.

واحتلت فرنسا الجزائر في ثلاثينيات القرن العشرين، وأخضعتها لفترة احتلال وحشية انتهت في عام 1962، بعد حرب طويلة ودموية.

وانتقدت الجزائر منذ فترة طويلة الماضي الاستعماري لفرنسا، وطالبت باريس بالتكفير عن الظلم الذي ارتكبته خلال حكمها الاستعماري.

لقد أوضحت الجزائر أن المصالحة بين الجانبين لا يمكن أن تستمر دون مساءلة عن الماضي، وهو أمر تجنبته فرنسا إلى حد كبير.

مقالات ذات صلة