الفلسطينيون في غزة يُجبرون على تناول العشب.. كيف يؤثر ذلك على أجسادهم

على مدار الشهور الخمسة الماضية، ظلت منظمات الإغاثة تحذر من الكارثة الإنسانية الوشيكة في غزة، حيث دفع نقص المساعدات والحصار الإسرائيلي والقصف المتواصل العديد من الفلسطينيين على اللجوء إلى أكل الأعشاب ومن بينها الضارة.

وأعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين عن توقعاتها بحدوث مجاعة في شمال قطاع غزة بين شهري آذار/ مارس وأيار/ مايو.

ونقلت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عن تحليل جديد أجراه التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) بشأن غزة أن جميع سكان القطاع الذين يقدر عددهم بحوالي 2.3 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي “الحاد”، في حين يعاني نصف السكان من مستوى أكبر من انعدام الأمن الغذائي المصنف على أنه “كارثي”.

وخلال الأسبوع الجاري، انتشرت بشكل واسع عبر الإنترنت صورة لعائلة فلسطينية يجلس أبناؤها لتناول وجبة الإفطار المعد من العشب المطحون.

وأثارت الصورة العديد من التساؤلات حول ما إذا كان أكل العشب آمناً، وما إذا كان له أي قيمة غذائية.

وقال رب إحدى العائلات الغزية أنهم اضطروا إلى جمع العشب وطهيه بسبب نقص الغذاء والمساعدات الإنسانية، قائلاً: “نحن نكذب على أطفالنا ونقول لهم إنها ملوخية”.

وأكد الصحفي في قناة الجزيرة أنس الشريف ما تردد عن عائلات تتناول العشب، قائلاً أنه يتم خلطه بالليمون، وأن “هناك بعض الأسر التي لا تملك حتى هذا العشب”.

هل العشب آمن للاستهلاك؟

ورغم أن العشب صالح بالعموم للاستهلاك البشري وغير سام، إلا أنه ليس الأفضل للبشر، خاصة إذا تم استهلاكه على مدى فترات طويلة.

إذ يتكون العشب من الماء واللجنين، وهو بروتين يصعب تفكيكه أو تحليله إلى العناصر الغذائية الأولية بواسطة الجهاز الهضمي البشري.

ولا يمثل تناول العشب مشكلة للحيوانات مثل الأبقار، لأن معداتها تدعم عملية هضم المركبات المعقدة في العشب وتحليلها إلى النشا والسليلوز.

لكن بالنسبة للإنسان، فإن الكمية العالية من محتوى السليلوز تعني أن هناك قيمة غذائية قليلة، خاصة عند مقارنتها بالأطعمة الأخرى الغنية بالمواد المغذية والفيتامينات والمعادن.

ويمكن أن يكون تناول العشب ضاراً بالأسنان أيضاً، لكونه يحتوي على نسبة عالية من السيليكا، والتي يمكن أن تكون كاشطة وتؤدي إلى تآكل الأسنان بمرور الوقت.

وإذا تم استهلاك العشب على مدى فترة طويلة، فإن السيليكا، المادة الرئيسية في العديد من الصخور، تؤدي إلى تآكل المينا وهي الطبقة الواقية للأسنان.

كما يمكن أن يكون استهلاك العشب خطراً بسبب الأوساخ والمبيدات الحشرية العالقة به، والتي يمكن أن تسبب السرطان والعيوب الخلقية مع مرور الوقت.

وبما أن جسم الإنسان يكافح من أجل تفكيك العشب في الأمعاء إذا تم استهلاك كمية كبيرة منه، فإنه يمكن أن يسبب القيء أو الإسهال أو على الأقل سوف يخرج دون هضم، مما يعني أنه سيوفر القليل من التغذية للجسم.

وأظهرت لقطات فيديو من غزة تم تداولها عبر الإنترنت أطفالاً صغاراً يجمعون العشب من الشوارع.

وقالت إحدى الأمهات أن أطفالها “ضعفاء ويعانون دائماً من الإسهال، ووجوههم تبدو صفراء”، بعد إجبارهم على شرب المياه الملوثة وأكل العشب.

بدوره أوضح الكاتب والناشط السياسي الأردني من أصل فلسطيني وسام الحسيني أن أكل الفلسطينيين للعشب يذكرنا بالمجاعة الأيرلندية.

ومنذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر سُمح بدخول مساعدات محدودة إلى غزة، وفي كانون الثاني/ يناير تم تسهيل وصول تسع إرساليات إنسانية فقط إلى المحافظات الشمالية، وانخفضت إلى ست فقط في شباط/ فبراير.

ويقيم غالبية المهددين بالمجاعة في المحافظات الشمالية، حيث إمكانية وصول المساعدات الإنسانية محدودة للغاية.

وقال فنسنت ستيهلي، مدير عمليات منظمة العمل ضد الجوع، في بيان: “إن يأس السكان المدنيين يتصاعد، وقد تلقينا تقارير عن أشخاص يأكلون طعام الحيوانات كالتبن والقش والأعلاف الأخرى المناسبة للماشية والماعز والأغنام”.

وحذر ستيهلي قائلاً: “نحن نعمل في غزة منذ 20 عاماً ولم أر شيئاً كهذا من قبل”.

وتابع: “يعاني 80% من الأطفال من أمراض معدية، و70% يعانون من الإسهال، وليس لديهم ما يكفي من الغذاء، أما الخدمات الصحية فهي غير قادرة على العمل، إنه خليط مثالي لخلق سوء التغذية ذي الآثار المدمرة، وهذه مجرد البداية”.

وقال الدكتور حسام أبو صفية، رئيس قسم الأطفال في مستشفى كمال عدوان شمال غزة: “يدخل المستشفى يومياً ما بين 25 إلى 30 طفلاً، نصفهم يعاني من الجفاف وسوء التغذية” .

وأضاف: “توفي اليوم طفل يبلغ من العمر شهرين بسبب الجفاف وسوء التغذية، ويسير أطفال آخرون على نفس المسار ما لم تتم معالجة الوضع قريبا”.

مقالات ذات صلة