المروحيات الرباعية الإسرائيلية… سلاح إسرائيل الذي يهدد المدنيين الفلسطينيين في غزة

بقلم مها الحسيني 

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لسنوات طويلة، اعتاد الفلسطينيون في غزة على الموت القادم من فوق رؤوسهم، من ترسانة المنصات الجوية الإسرائيلية التي تشمل طائرات حربية مثل طائرات F 16 ومروحيات أباتشي الهجومية وطائرات بدون طيار مقاتلة.

أما الحرب المستمرة على غزة فقد جلبت معها تطوراً جديداً يستخدم لاستهداف الأفراد والمجموعات من الناس من أماكن قريبة، حيث تم نشر طائرات كواد كابتر رباعية المروحيات لأول مرة في الأراضي الفلسطينية، حيث يتم التحكم فيها عن بعد مستهدفة المقاتلين والمدنيين الفلسطينيين المشتبه بهم على حد سواء.

أفاد شهود عيان أنهم رأوا الكواد كابتر وقد فتحت النار على مئات الأشخاص الذين تجمعوا هناك لانتظار وصول شاحنات المساعدات

تهدف هذه التكنولوجيا إلى أخذ مكان الجنود على الأرض، حيث تعمل على تحديد الأهداف وتأمين المناطق التي تتمركز فيها القوات الإسرائيلية، كما تستخدم في استكشاف المواقع الأمامية واستهداف الأشخاص في منازلهم وتفريق الحشود في المناطق العامة.

هذا سلاح جديد يضاف إلى قائمة طويلة يعرفها أهل القطاع من الأسلحة المدمرة، حيث استُخدمت الكواد كابتر في هجمات ضد مئات المدنيين في المناطق المزدحمة، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات في كل مرة.

مجزرة شارع الرشيد

من أبرز الحوادث التي استخدمت فيها الكواد كابتر كان في المجزرة التي وقعت يوم 11 يناير في شارع الرشيد قرب ساحل مدينة غزة، حيث أفاد شهود عيان أنهم رأوا الكواد كابتر وقد فتحت النار على مئات الأشخاص الذين تجمعوا هناك لانتظار وصول شاحنات المساعدات.

يقول قاسم أحمد: “سمعنا أن شاحنات محملة بالمواد الغذائية والمساعدات ستمر عبر شارع الرشيد، فمنذ انقطاع المساعدات والغذاء عنا 3 أشهر تقريبًا، هرعنا خلف شاحنات المساعدات في محاولة للحصول على أكبر قدر ممكن من الطعام”.

أضاف قاسم: “غادرت المنزل مع ابني البالغ من العمر 18 عامًا في حوالي الساعة 8 صباحًا، وذهبنا إلى شارع الرشيد سيرًا على الأقدام لأنه لم تكن هناك سيارات، وكانت الطرق متضررة جدًا بحيث لا تسمح بعربات تجرها الحيوانات”، وقبيل وصول الشاحنات، هاجم الجيش الإسرائيلي من كان في المنطقة.

يقول قاسم: “فوجئنا بإطلاق النار الكثيف القادم من الأعلى، وكانت هناك طائرات كواد كابتر تطلق النار مباشرة على الناس المحتشدين، فبدأنا بالركض في كل الاتجاهات، وفي غضون ثوان قليلة، سقط العشرات من الأشخاص لكننا لم نتمكن من التوقف لمساعدتهم أو سحبهم لأن إطلاق النار كان مستمراً”.

بحسب شهود عيان، فقد قُتل على الفور أكثر من 40 شخصاً وأصيب العشرات في تلك المجزرة.

“محملة بالأسلحة”

هناك العديد من النماذج المختلفة من الكواد كابتر التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، إلا أن Lanius يعد أشهرها، وهو الذي يتم إنتاجه من قبل شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية إلبيت سيستمز.

على الموقع الإلكتروني لشركة إلبيت سيستمز، هناك وصف مكتوب  لوظائف السلاح القاتل جاء فيه:

” LANIUS مسيرة ذات قدرة عالية على المناورة ومتعددة الاستخدامات وهي مصممة للعمليات قصيرة المدى في مناطق حضرية”

“يمكن للمسيرة استكشاف المباني والنقاط المهمة ورسم خرائط لها بشكل مستقل بحثًا عن التهديدات المحتملة”

” LANIUS يمكنها حمل حمولات من الأسلحة أو غير ذلك، وهي قادرة على أداء مجموعة واسعة من المهام للقوات الخاصة والجيش ومواقع هبوط طائرات الهليكوبتر”.

ومن المعروف أن بعض المسيرات الرباعية المروحيات مزودة بخاصية “انتحارية”، حيث يمكنها الاقتراب من هدف ما من أجل الاغتيال بإطلاق حمولتها من المتفجرات، حيث يُعتقد أن إسرائيل استخدمت هذه الخاصية  لقتل زعيم حركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، في غزة في 2019.

أما خارج غزة، فيُعتقد أن إسرائيل قامت بتشغيل الكواد كابتر في لبنان وإيران لاستهداف المواقع التي عادة ما تكون بعيدة عن متناول جيشها، فالمظهر المنخفض والدقة في الرادار في الكواد كابتر يعني أنها تستطيع تجاوز التدابير المضادة للطائرات بشكل طبيعي بحثًا عن الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الأكبر حجمًا.

استهداف المدنيين

في غزة، تعد الوظيفة الرئيسية للكواد كابتر هي تهديد الفلسطينيين، حيث افاد شهود عيان لموقع ميدل إيست آي بأنهم رأوا الآلات تستهدف مدنيين كانوا يحاولون إخلاء المناطق التي يقصفها الجيش الإسرائيلي.

أكد إبراهيم المدهود، من سكان حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، أن سيارة أجرة كان يستقلها يوم  نزح من منزله في 16 أكتوبر، تم استهدافها بطائرة كواد كابتر، يقول: “خرجت من منزلي مع زوجتي وأطفالي، واستقلت سيارة أجرة باتجاه وسط غزة، وفي طريقنا، أطلقت طائرة كواد كابتر حوالي 15 رصاصة على مقدمة السيارة وأحدثت عدة ثقوب فيها”.

وبعد أن استقر هو وعائلته في خيمة في منطقة الزوايدة في غزة، يقول إبراهيم البالغ من العمر 45 عامًا وهو أب لخمسة أطفال، أن طائرة كواد كابتر هاجمتهم مرة أخرى!

وفي 3 يناير، لاحظ  إبراهيم وجود كواد كابتر بقيت تحلق فوق خيمة عائلته لمدة نصف ساعة تقريبًا، يقول: “فجأة أطلقت رصاصتين على خيمتنا بينما كنت هناك مع زوجتي وأطفالي، ولحسن الحظ أن الطلقات لم تصبنا، بل أحدثت ثقبين في الخيمة”.

“رأيت 4 أشخاص يقتلون بواسطة الكواد كابتر، أحدهم بقي على الأرض لمدة 5 أو 6 أيام لأن أحداً لم يتمكن من انتشال جثته، فطائرات الكواد كابتر كانت تحوم في كل مكان ومن الخطر علينا مغادرة منازلنا” – محمد حجار- صحفي من غزة

وفي شهادة أخرى، يقول أكرم العثماني، سائق حافلة يعيش أيضاً في الزوايدة، أن طائرة  كواد كابتر هاجمته بينما كان في طريقه إلى المنطقة نازحاً من منزله في شمال القطاع، بعد إسقاط الجيش الإسرائيلي مناشير تهدد السكان بالإخلاء.

يقول أكرم: “كانت هناك بركة مياه على الأرض وكنت على وشك القفز فوقها عندما أطلقت رصاصة فوق رأسي مباشرة، فصرخت امرأة مسنة أمامي وسألت: ماذا يحدث يا بني، فقلت لها أنني لا أعرف، ثم نظرت للأعلى ورأيت طائرة كواد كابتر على بعد حوالي 100 متر فقط مني، لم تكن رصاصة عادية، فقد أحدثت حفرة في الأرض، لو أصابتني لكنت قتلت على الفور”.

“فتاكة وخطيرة”

أحد الشهود كان مراسل ميدل إيست آي في غزة، محمد الحجار، حيث شاهد طائرات كواد كابتر وهي تطلق النار على أهداف مدنية، واصفاً الرصاص الذي أطلقوه بأنه يشبه المسمار.

رغم عدم دقته كغيره من التقنيات، إلا أنه فتاك وخطير، يقول محمد أنه “خلال الحصار الذي دام 22 يومًا على منطقتنا، حلقت الكواد كابتر فوق أعلى مبنى في الحي، وأطلقت النار على كل شيء يتحرك حتى عبر النوافذ المغطاة بالستائر”.

 وأضاف محمد: “تم إطلاق النار حتى على القطط والكلاب التي كانت تسير في الشارع، كما تلقت النوافذ في منزلنا المسدودة بالستائر أكثر من 200 رصاصة”، مشيراً إلى أن “القوات الإسرائيلية تخشى من أن يكون هناك مقاتلون الفلسطينيون مختبئين خلف الستائر، لذا حاولوا تأمين المنطقة بإطلاق النار من خلالها”.

أوضح حجار أن شوارع مدينة غزة  باتت مليئة بجثث الفلسطينيين الذين قتلوا بواسطة الكواد كابتر، حتى بقيت بعض الجثث هناك لعدة أيام، فأي شخص كان يحاول انتشالها سوف يتعرض لخطر إطلاق النار عليه.

يقول حجار: “رأيت 4 أشخاص يقتلون بواسطة الكواد كابتر، أحدهم بقي على الأرض لمدة 5 أو 6 أيام لأن أحداً لم يتمكن من انتشال جثته، فطائرات الكواد كابتر كانت تحوم في كل مكان ومن الخطر علينا مغادرة منازلنا”.

لقد أدى الانتشار الواسع للأسلحة القادمة من فوق رؤوس سكان القطاع إلى معرفتهم حتى بسعة الذخيرة في طائرة الكواد كابتر، فوفقاً لحجار”عادةً ما يتم تحميل الكواد كابتر بحوالي 64 طلقة ويمكن إطلاق جميع الـ 64 طلقة عندما يكون هناك هدف”.

مقالات ذات صلة