توجه أمريكي لفرض عقوبات على كتيبة “نتساح يهودا” الإسرائيلية المتطرفة 

ذكر موقع أكسيوس أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعد لإدراج كتيبة “نتساح يهودا” العاملة في جيش الاحتلال على القائمة السوداء بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة.

ونقل الموقع عن مصادر أمريكية القول أنه من المقرر أن يعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن إدراج الكتيبة العسكرية المكونة من اليهود المتشددين في القائمة السوداء خلال الأيام المقبلة.

ومن شأن هذا التصنيف أن يحظر على الكتيبة التي تعمل في لواء كفير تلقي أسلحة أو تدريب من الولايات المتحدة، بموجب قانون صدر عام 1997 يحمل اسم السيناتور السابق باتريك ليهي.

ويمنع القانون تقديم المساعدات أو التدريب الأمريكي للوحدات العسكرية أو الأمنية الأجنبية التي يتبين أنها ارتكبت “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

وفي حال تم المضي قدماً بهذا الإجراء، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها معاقبة كتيبة من جيش الاحتلال بشكل مباشر من قبل واشنطن.

وذكر المحلل ميراف زونسزين أن الإجراء المقترح لا يمثل عقوبة مستجدة، كما ورد في بعض وسائل الإعلام، بل هو تطبيق لقانون ليهي.

وكانت لجنة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية قد أوصت بلينكن قبل عدة أشهر بوضع عدد من كتائب الجيش والشرطة الإسرائيلية على القائمة السوداء بعد مراجعة انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، وفقاً لتقرير نشر الأسبوع الماضي في .ProPublica

وقال موقع أكسيوس أنه لن يتم إخضاع كتائب إسرائيلية أخرى غير نتساح يهودا لعقوبات من قبل واشنطن لأنها “قامت بتصحيح سلوكها”.

من ناحيته، وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الإجراء الأمريكي بأنه “ذروة السخافة والانحدار الأخلاقي” بينما وصفه وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأنه “جنون مطلق”.

أما منافسه والوزير في حكومته بيني غانتس، فقال: “لدي تقدير كبير لأصدقائنا الأمريكيين، ولكن قرار فرض عقوبات على كتيبة من الجيش الإسرائيلي يشكل سابقة خطيرة”.

وبدوره وصف زعيم المعارضة يائير لابيد الخطوة بأنها “خطأ” لكنه ألقى باللوم على الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل.

وقال إن وزير الأمن القومي بن غفير وسموتريتش “لا يعارضان الإرهاب اليهودي وأعمال الشغب المتطرفة التي يقوم بها المستوطنون والتي تسبب ضرراً جسيماً لمكانة إسرائيل الدولية”.

ما هي نتساح يهودا؟

تم تشكيل كتيبة نتساح يهودا لأول مرة في عام 1999، وكانت تُعرف في الأصل باسم ناحال هيريدي وكانت تضم 30 جندياً إسرائيلياً فقط.

وجرى إنشاء الكتيبة العسكرية المكونة من الذكور فقط لتلبية الاحتياجات الدينية للرجال الحريديم المتشددين، الذين تم إعفاؤهم من التجنيد العسكري منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948.

وتستثني الكتيبة غير اليهود، ولديها لوائح غذائية دينية صارمة، وتحافظ على الفصل الصارم بين الجنسين (زوجات الضباط هن النساء الوحيدات المسموح بوجودهن في قواعدها).

وتضم الكتيبة حالياً نحو 1000 جندي، وكثيراً ما قامت بتجنيد مستوطنين يمينيين ينتمون إلى حركة فتيان التلال، الذين يتم إبعادهم بشكل روتيني عن الوحدات الأخرى داخل جيش الاحتلال.

وذكرت مروة مزيد، أستاذة الدراسات الإسرائيلية في جامعة ميريلاند،: “هذه الكتيبة تجذب الصهاينة المتدينين الذين يجمعون بين التفسيرات الدينية اليهودية والنزعة العسكرية القومية”.

وأشارت إلى أنه وبسبب إعفاء الإسرائيليين المتشددين، فإن الكتيبة تعتمد على المتطوعين بدلاً من تجنيد الجنود.

وأوضحت مزيد: “هذا الإعفاء بالذات يثير الجدل في إسرائيل الآن، لأن حقيقة تجنيد هؤلاء المستوطنين غير الشرعيين رسمياً كمجندين حريديم تمثل خطوة مهمة نحو مزيد من التدين وإضفاء الطابع الديني على الجيش الإسرائيلي الذي كان علمانياً في السابق”.

وتعد هذه الكتيبة واحدة من خمس كتائب تشكل لواء كفير الذي يصفه جيش الاحتلال بأنه في “طليعة الحرب ضد الإرهاب الفلسطيني” في الضفة الغربية المحتلة.

وتعمل كتيبة نتساح يهودا في مدينتي رام الله وجنين بالضفة الغربية.

وفي كانون الثاني/يناير 2022، أثارت الكتيبة غضباً دولياً بعد وفاة الأمريكي الفلسطيني عمر محمد أسد، 80 عاماً، بنوبة قلبية بعد اعتقال عنيف على يد عناصرها.

وقال شهود عيان أن أسد كان مقيد اليدين ومكمماً وأجبر على الاستلقاء على بطنه، قبل أن يتركه الجنود الإسرائيليون المنسحبون في هذا الوضع، حيث تم العثور عليه لاحقاً على جانب الطريق وأعلن وفاته بسبب سكتة قلبية.

وأثارت وفاة الأسد دعوات لإجراء تحقيق من قبل أعضاء في الكونغرس من ولاية ويسكونسن، حيث عاش أسد سابقاً لعقود من الزمن.

وقالت مزيد: “بحسب تشريح جثته، تعرض أسد للضرب، مما أدى إلى إصابته بأزمة قلبية، ولم تتم محاكمة الجنود المسؤولين، ولكن تم إعادة انتشار الكتيبة بعيداً عن الضفة الغربية”.

تاريخ الانتهاكات

وعرفت الكتيبة بتاريخ طويل من الانتهاكات العنيفة ضد الفلسطينيين حتى قبل تلك الحادثة.

ففي حزيران/يونيو 2015، أطلق جندي من نتساح يهودا النار على فلسطيني أعزل في بلدة سلواد، شمال رام الله، وزعم جيش الاحتلال أن الفلسطيني ألقى زجاجة حارقة على الجنود، لكن لقطات الفيديو لم تظهر قيامه بذلك.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، تم احتجاز أربعة جنود من الوحدة بسبب الضرب والاعتداء الجنسي المزعوم على معتقل فلسطيني.

وفي الشهر نفسه، ظهرت تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن خمسة جنود من الوحدة اعتدوا جسدياً على شادي الغبيشي، وهو مدني فلسطيني من مخيم الجلزون للاجئين في رام الله، وقاموا باحتجازه تعسفياً.

وبحسب ما ورد، كان الغبيشي قد اقترب من الجنود ليطلب منهم التوقف عن إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بالقرب من منزله، لأن ذلك كان يخيف أطفاله.

وفي حادثتين منفصلتين وقعتا في تشرين الأول/أكتوبر 2015، تم تعصيب أعين الفلسطينيين الذين احتجزتهم كتيبة نيتساح يهودا في جنين وطولكرم، وتكبيل أيديهم، وتعرضوا للضرب والصعق باستخدام الأقطاب الكهربائية.

وبعد أشهر، حكم على الجندي الذي نفذ الصعقات الكهربائية وثلاثة آخرين متورطين في الحادث بالسجن لمدة تتراوح بين سبعة وتسعة أشهر.

وفي آب/أغسطس 2016، أطلق جندي تابع للكتيبة النار على الشاب الفلسطيني إياد زكريا حامد بالقرب من سلواد، مما أدى إلى استشهاده.

وزعم الجيش الإسرائيلي أن حامد كان يشكل تهديداً، قبل أن يتراجع لاحقاً عن هذه المزاعم، ولم تكن هناك أي محاكمات فيما يتعلق بالقضية.

وقال رائد جرار، مدير المناصرة في منظمة “الفجر” أن: “الانتهاكات التي ترتكبها الكتائب المدرجة في القائمة السوداء مروعة، لكنها لا تختلف عن معظم الكتائب الأخرى في الجيش الإسرائيلي”.

وفي عام 2022، قدمت منظمة الفجر طلباً إلى الحكومة الأمريكية لإدراج نتساح يهودا في القائمة السوداء.

وأوضح جرار أن “الانخراط في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب والاخفاء القسري، هو ممارسات شائعة في دولة ترتكب جرائم الفصل العنصري والإبادة الجماعية في نفس الوقت”.

وتابع جرار بالقول أن التحرك الأمريكي كان كبيراً وغير مسبوق، نظراً لتمتع إسرائيل بسياسة “الشيك على بياض” منذ عقود.

وأردف: “الآن وقد اتخذت هذه الخطوة الأولى الصغيرة في الاتجاه الصحيح، فإننا نأمل في حدوث تأثير كرة الثلج، إذ يجب على الحكومة الأمريكية تطبيق كل القانون الأمريكي على إسرائيل، وهذا يعني إدراج مئات الوحدات الأخرى في القائمة السوداء، وتعليق عمليات نقل الأسلحة الأمريكية حتى إشعار آخر بناءً على قوانين ولوائح ملزمة أخرى تجاهلتها إدارة بايدن حتى الآن”.

مقالات ذات صلة