حراك الطلاب في الجامعات الأمريكية محاولة لعولمة الانتفاضة الفلسطينية

بقلم كريغ بركهيد و ياسمين بيرغمان

ترجمة وتحرير مريم الحمد

بعد إنشاء أول مخيم تضامني مع غزة في الولايات المتحدة، كُتب الكثير من الكلام حول طبيعة الهتافات وتهمة معاداة السامية وفلسفة الحروب الثقافية في الحرم الجامعي، وكل ذلك في محاولة لتحويل التركيز بعيداً عن الإبادة الجماعية التي تحدث على الأرض في فلسطين.

نحن كطلاب متضامنين مع فلسطين نفهم أنه يجب علينا رفض هذا الخطاب، فواجبنا هو أن تبقى مطالبنا مبدئية وتضامننا غير مشروط وأن تبقى أعيننا موجهة بالكامل نحو غزة وغزة فقط.

نحن نرفض نشر دعاية الاحتلال الإسرائيلي وإدانة المقاومة الفلسطينية، كما لا نسمح لجامعة ييل التي ندرس فيها بمواصلة تواطؤها في حرب الإبادة الجماعية على غزة.

لقد أظهرت المخيمات في الجامعات أن جماهير الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين في هذا البلد لن يهدأ لهم بال حتى تكشف مؤسسات التعليم العالي عن استثماراتها، وتسحب استثماراتها مع الاحتلال الإسرائيلي ومن جميع الشركات المتواطئة في الحرب والاستعمار، وتعمل على إعادة الاستثمار إلى مكانه الصحيح، وبحالة جامعة ييل، فهي دفع حصتها العادلة من الضرائب إلى نيو هيفن.

نؤكد على أن حركتنا “طلاب ييل من أجل فلسطين” تسعى بصرامة إلى تحقيق المثل الأعلى التي من المفترض أن تكون عليها الجامعة وهي أن تكون “جامعة منفصلة عن النظام الاقتصادي والسياسي غير الأخلاقي في الأساس للولايات المتحدة، وأن يتم فيها التدريس والتعلم لصالح المجتمع المحلي والعالمي”.

نحن نسمي ذلك “الحركة من أجل جامعة شعبية” لا يمكن أن تستقيم دون أن تكون فلسطين حرة وهذا التوجه يرقى إلى أن يكون ثورة أو انتفاضة، وهو المصطلح الذي بذل المروجون الصهاينة قصارى جهدهم لإساءة فهمه منذ بداية الحراك.

صراعات 

رغم ارتباط مصطلح الانتفاضة بمقاومة الفلسطينيين في فترة ما بعد عام 1967، إلا أنه تم استخدام هذا المصطلح في تاريخ العالم العربي قبل ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال، كانت هناك الانتفاضة العراقية عام 1952، وهي حركة جماهيرية ثار فيها الطلاب والعمال وكوادر الحزب الشيوعي وأعضاء الأقلية الكردية ضد النظام الملكي العراقي.

كانت هناك الانتفاضة البحرينية أيضاً عام 1965، والتي ثار فيها شعب البحرين ضد الاستعمار البريطاني، مما عجل بانسحاب بريطانيا من الخليج الفارسي في وقت لاحق من عام 1971، بالإضافة إلى الانتفاضة المصرية في عام 1977، والتي انتفض فيها شعب مصر ضد الاستعمار البريطاني.

هذه أمثلة شهيرة لشعوب مستعمرة خاضت نضالات عادلة باستخدام القوة من أجل التحرر، فلماذا يتم التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية على أنها استثناء؟!

لقد بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 في مخيم جباليا للاجئين بعد عقدين من الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، حيث انتفض الفلسطينيون ضد المحتل في حركة جماهيرية اتسمت بالعصيان المدني والإضرابات العامة والمقاومة المسلحة، مما دفع القوى الإمبريالية إلى بدء عملية التطبيع الخيانة التي أدت إلى توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993.

لقد أدى فشل أوسلو في احتواء نضال التحرير الفلسطيني إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وكانت ثورة أقوى من حيث التسليح والعمل العسكري وقد ضمنت الحكم الذاتي النسبي لغزة، فكنتيجة للانتفاضة الثانية، انسحب الجيش الإسرائيلي من غزة وتم تدمير المستوطنات وإنشاء مهد المقاومة الفلسطينية.

في ذلك الوقت، تم وصف تلك الثورة التي أدت إلى تحرر غزة على الأرض بأنها لحظة من البربرية الشرقية ومعاداة السامية، مع مقارنتها بالإبادة الجماعية التي نفذتها روسيا الإمبراطورية وألمانيا النازية في أوروبا قبل عام 1945.

نحن لم نعد نخشى من هم في السلطة، بل هم من يخافون منا!

هذا التحرر الغزاوي المبكر ولو كان نسبياً، فهو السبب الذي قادنا اليوم إلى اللحظة الحالية التي انتفض فيها الناس في جميع أنحاء العالم لدعم الشعب المستعمر في كفاحه ضد الإبادة الجماعية، ومرة أخرى تم استحضار الشيطنة والتوصيف بتصوير كل من ينتفض أينما كان بأنه عنصري منبوذ ومعادِ للسامية!

لا خوف بعد اليوم 

نحن كطلاب الحراك نرفض قبول الأطر التي تضع معاداة الصهيونية في مواجهة اليهودية، أو التي تراقب لغة إخواننا وأخواتنا الفلسطينيين، أو تجبرنا على التردد في إعلان دعمنا علناً لتحرير فلسطين.

لقد وصلت الثورة الفلسطينية إلى آفاق جديدة في مايو 2021 مع انتفاضة المناطق الفلسطينية بشكل موحد آنذاك، فخلال الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 2020-2021 في جامعة ييل، انتفض الفلسطينيون في منطقة الشيخ جراح بالقدس الشرقية ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل حماية منازلهم من مصادرة المستوطنين الإسرائيليين، مما أدى إلى مقاومة الفلسطينيين في أماكن أخرى من فلسطين التاريخية، بما في ذلك غزة والضفة الغربية وأراضي 48 المحتلة.

لقد أنتج التطهير العرقي في الشيخ جراح وقصف غزة ذلك العام أيضاً مقاومة في الشتات الفلسطيني، وذلك ما أدى بطبيعة الحال إلى إنشاء حركتنا “”طلاب ييل من أجل فلسطين”، حيث عملت حركتنا منذ مايو 2021 على “عولمة الانتفاضة” من خلال الحملات والتثقيف السياسي والإنتاج الثقافي والتواصل مع آخرين من خلال العمل الائتلافي مع منظمات الجامعات الأخرى.

 نحن فخورون بمشاركتنا في المعسكرات في بينكي بلازا وكروس كامبس خلال أبريل بالتحالف مع منظمات طلابية أخرى، وذلك نابع من التزامنا بتحرير كل الناس.

نؤكد أنه رغم القمع العنيف الذي قامت به إدارة جامعة ييل تجاه التنظيم الطلابي في 22 أبريل و30 أبريل و1 مايو، فسوف نستمر في دعم زملائنا الطلاب في جميع أنحاء البلاد، فنحن لم نعد نخاف من سقف خطابنا لأننا نريد جامعة أكثر عدلاً، والأهم من ذلك، أن نكون متضامنين مع الشعب الفلسطيني بشكل فعال وحقيقي، نحن لم نعد نخشى من هم في السلطة، بل هم من يخافون منا!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة