حقوق إنجابية محاصرة في غزة… فكيف ذلك؟

بقلم ألينا ليلويا 

ترجمة وتحرير مريم الحمد

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل هجومها على غزة، تواجه النساء الفلسطينيات عدم إمكانية الحصول على الرعاية الإنجابية الأساسية، حيث اضطرت بعض السيدات إلى تمزيق الخيام لاستخدامها كفوط صحية لأنهم لم يجدوا أي شيء في المنطقة المحاصرة!

لا تحصل العديد من النساء الحوامل على رعاية صحية صحية أو آمنة، وهو وضع يستمر إلى ما بعد الولادة أيضاً.

للمفارقة، وفي القوت الذي يتم فيه تجريدنا من حقوقنا الإنجابية في الولايات المتحدة، فإن صمتنا تجاه النساء الفلسطينيات يعد نفاقًا لا يجب أن نقبله على أنفسنا، ففلسطين قضية تتعلق بالعدالة الإنجابية، والنسويات الغربيات اللواتي يزعمن أنهن يهتممن بالحقوق الإنجابية، في الحقيقة، يقومون بخيانة النساء والفتيات الفلسطينيات في غزة برفضهن التحدث علنًا عنهن.

صمت النسويات الغربيات ليس مفاجئاً، فالحركة النسوية الغربية، وخاصة البيضاء، لها تاريخ في انتقاء القضايا التي تراها أهلاً للدعم والاهتمام، وفلسطين نادراً ما تظهر في القائمة

منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر، واجه الفلسطينيون تدهوراً كاملاً في الرعاية الصحية الإنجابية، وتسبب الحصار في نقص منتجات الدورة الشهرية، مما اضطر النساء إلى اللجوء إلى استخدام شرائح من القماش بدلاً من الفوط الصحية، مما عرضهن لخطر الإصابة بالتهابات خطيرة ومتلازمة الصدمة السامة، ونادراً ما تشتمل المساعدات القليلة التي تصل إلى غزة على منتجات النظافة، كما تفتقر العديد من الأسر إلى المياه الجارية والمراحيض.

علاوة على ذلك، تُجبر النساء الحوامل على الولادة في ظروف لا يمكن تصورها، حيث يتم إجراء عمليات قيصرية لبعضهن دون تخدير، فيما تلد أخريات في الخيام، كما ارتفعت معدلات الإجهاض في غزة بنسبة 300% منذ أكتوبر.

أما المستشفيات في غزة، فلم تعد قادرة على توفير الرعاية المناسبة للنساء الحوامل لأن البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع قد دمرت بأكملها بسبب القصف المستمر، كما توقف أكبر مستشفيين في غزة عن العمل وسط نقص الكهرباء والوقود.

المرأة المحظوظة في غزة اليوم هي من تستطيع المكوث في المستشفى بما يكفي لإجراء عملية قيصرية خلال يوم واحد بسبب نقص القدرات!

ظروف مروعة

بعد الولادة في منطقة دمرتها القصف والحصار، تُترك الأمهات الجدد لرعاية أطفالهن حديثي الولادة في نفس الظروف المروعة، حيث يعيش الفلسطينيون في غزة كل يوم تحت تهديد مستمر بالقصف ولا يحصلون على ما يكفي من الماء أو الغذاء أو المأوى.

احتجت الناشطات النسويات الغربيات بجرأة على تآكل الحقوق الإنجابية في الولايات المتحدة وقمن بتسليط الضوء على أهمية الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية، الأمر الذي يجعل صمتهن حول تلاشي الحقوق الإنجابية في غزة أكثر وضوحًا ونفاقًا

وفي ظل معاناة أكثر من 570 ألف شخص في غزة من مستويات المجاعة، وفقاً للأونروا، فإن العديد من النساء غير قادرات على الرضاعة الطبيعية بسبب سوء التغذية، ولا يستطعن ​​الحصول على الحليب الصناعي نتيجة للحصار المستمر.

من جهة أخرى، فقد ارتفع عدد النساء الفلسطينيات اللاتي لا يحصلن على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية من 94,000 إلى أكثر من مليون منذ أكتوبر، وهنا لا تتعرض العدالة الإنجابية للتهديد فحسب، بل إن الحق في الرعاية الإنجابية قد تدمر بسبب القصف والحصار اللاإنساني. 

يجب أن تكون غزة في قلب حوار العدالة الإنجابية، ولكن أين هي الصيحات الحاشدة للنسويات الغربيات اللاتي يدعين اهتمامهن بهذه القضية؟! ومع ذلك فصمت النسويات الغربيات ليس مفاجئاً، فالحركة النسوية الغربية، وخاصة البيضاء، لها تاريخ في انتقاء القضايا التي تراها أهلاً للدعم والاهتمام، وفلسطين نادراً ما تظهر في القائمة.

لقد اعتمدت هؤلاء النسويات في مجال حقوق المرأة في الولايات المتحدة لفترة طويلة على تحالف مع الحكومة لتحقيق أهدافهن، فالحركة النسوية الغربية لطالما ارتبطت بأجندات الدولة السياسية والعسكرية.

على سبيل المثال، لعبت الحركات النسوية الغربية دوراً رئيسياً في تبرير الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، حيث دعت إلى الغزو لإنقاذ النساء الأفغانيات من حركة طالبان.

أصوات منبوذة 

على نحو مماثل، تتجاهل الناشطات في مجال حقوق المرأة في الغرب أصوات النساء الفلسطينيات والعربيات اللاتي يطالبن بوضع حد للمذبحة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، في وقت تستمر فيه الولايات المتحدة بتقديم المساعدات إلى إسرائيل.

من الواضح أن هؤلاء الناشطات في مجال حقوق المرأة في الغرب لا يعرفن إلا الصمت حين يتعلق الأمر بالظروف المروعة التي تواجهها النساء والفتيات في غزة!

في الولايات المتحدة، شهدت الحركات النسوية تجريد الحكومة من الحقوق الإنجابية، وذلك منذ الانقلاب على قضية رو ضد وايد عام 2022، حيث أصدرت الحكومة حظرًا وقيودًا على الإجهاض في كل الولايات الأمريكية، مما يعني عدم المساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية والجنسية، حيث تواجه النساء الفقيرات والسود عوائق غير متناسبة أمام الرعاية.

إن غزة هي قضية عدالة إنجابية، وباعتبارنا ناشطات في مجال حقوق المرأة، فإن علينا الالتزام بالتحدث علناً باسم النساء والفتيات في غزة والمطالبة بوضع حد للهجوم الذي يدمر إمكانية حصولهن على الرعاية الإنجابية

احتجت الناشطات النسويات الغربيات بجرأة على تآكل الحقوق الإنجابية في الولايات المتحدة وقمن بتسليط الضوء على أهمية الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية، الأمر الذي يجعل صمتهن حول تلاشي الحقوق الإنجابية في غزة أكثر وضوحًا ونفاقًا.

ورغم تراجع الولايات المتحدة في مجال الرعاية الإنجابية، إلا أننا لا نستطيع أن نفهم ما الذي تُجبر النساء والفتيات الفلسطينيات على تحمله في غزة جسدياً ونفسياً، فقد تجاهلت الحركات النسوية الغربية تقريبًا كيف أن المذبحة التي مولتها حكومتهم تعمل على تدمير قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الرعاية الإنجابية.

وهنا أرى أنه في الوقت الذي نرى فيه الحقوق الإنجابية تتعرض للتهديد في الولايات المتحدة، يجب أن تنمو قدرتنا على التضامن مع المرأة الفلسطينية في غزة، فنحن لدينا فرصة للتعلم من أخطائنا واختيار صف المرأة الفلسطينية ورفع صوتها.

وهنا يحضرني مثال نادر من هذا التضامن قامت به الناشطات في منظمة Codepink فرع لوس أنجلوس، وهي منظمة نسوية أمريكية وحدت جهودها مع التجمع النسوي الفلسطيني للدعوة إلى وقف إطلاق النار والعدالة الإنجابية في غزة في اليوم العالمي للمرأة.

إن غزة هي قضية عدالة إنجابية، وباعتبارنا ناشطات في مجال حقوق المرأة، فإن علينا الالتزام بالتحدث علناً باسم النساء والفتيات في غزة والمطالبة بوضع حد للهجوم الذي يدمر إمكانية حصولهن على الرعاية الإنجابية.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة