سيدتي الرئيسة فون دير لاين.. أسمِها فصلا عنصرياً!

بقلم حيدر عيد

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

يحزننا جدا في فلسطين أن نجد رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي مازالت تدافع عن العنصرية الصارخة والاستعمار الاستيطاني، بعد 30 عامًا من انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، دون الاستفادة من دروس ذلك التاريخ المشين.

أكتب هذه الرسالة من قطاع غزة المحاصر حيث يحتجز 2.4 مليون إنسان ويموتون ببطء من خلال الإبادة الجماعية.

ثلثا الفلسطينيين في غزة هم من اللاجئين الذين تعرضت قراهم الأصلية للتطهير العرقي على يد الدولة التي تحبها الرئيسة فون دير لاين وتتبنى روايتها بالكامل.

يبدو أنك لم تتعرضي لكتابات مؤرخي إسرائيل الجدد الذين فضحوا الرواية الصهيونية منذ سنوات عديدة. 

إذا كنت مهتمةً حقًا بحقائق التاريخ بدلاً من الأيديولوجيا، فربما يجب عليك قراءة كتاب المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه ك، “التطهير العرقي لفلسطين”، خاصة وأنك لا تثقين بالمؤرخين الفلسطينيين. 

ويجب على أي شخص في منصبك المهم أن يتجنب الأساطير التي تم دحضها منذ فترة طويلة.

بل يجب أن تكوني على دراية بتقارير منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية، والسكرتير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) حول طبيعة الفصل العنصري للحكومة الإسرائيلية.

احتضان الفصل العنصري

في إسرائيل، يقوم التمييز العنصري المؤسسي بشكل لا لبس فيه على ضمان تفوق مجموعة من المستوطنين اليهود على العرب الفلسطينيين.

وعند مقارنة تطبيقات سياسة الفصل العنصري، يصعب العثور على اختلافات بين الحكم الأبيض في جنوب إفريقيا ونظيره الإسرائيلي في فلسطين، من حيث الفصل وتخصيص بعض المناطق لليهود الإسرائيليين وأخرى للعرب.

تشمل أوجه التشابه الأخرى بين نظام الفصل العنصري في إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا سن بعض القوانين والامتيازات لليهود.

يوجد حاليًا في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة نظامان للطرق ونظامان للإسكان ونظامان للتعليم وأنظمة قانونية وإدارية مختلفة لليهود وغير اليهود.

كل قانون كان يسنه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ستجدين قانوناً مماثلاً له في إسرائيل.

وتشمل هذه القوانين المناطق الجماعية وحظر الزواج المختلط وقوانين التنقل والتصاريح والسلامة العامة وتسجيل السكان والأراضي والمواطنة والدخول إلى إسرائيل.

لقد قررت إسرائيل الآن أن تصبح علانية دولة فصل عنصري بحكم التعريف، حيث يحدد القانون الأساسي طبيعة دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي فقط.

وحتى الشخصيات المناهضة للفصل العنصري مثل نيلسون مانديلا ورئيس الأساقفة ديزموند توتو وغيرهما من النشطاء في جنوب إفريقيا يؤمنون بقوة أن ما نعيشه في فلسطين أسوأ بكثير من الفصل العنصري حين كان بأوجه في جنوب إفريقيا.

بل إن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أعرب عن حزنه من الوضع على الأرض خلال زيارته الأخيرة لفلسطين ووصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، ربما كانت كلماته أكثر مصداقية بالنسبة لك؟

مولعة بالاستعمار

للأسف، حتى ردك المتعالي على وزارة الخارجية الفلسطينية التي وصفت ملاحظاتك بالعنصرية اشتقت من تعابير استخدمها المتعصبون للبيض في جنوب إفريقيا والجنوب الأمريكي بموجب قوانين جيم كرو في القرن التاسع عشر.

لقد أوضح استخدامك للكليشيهات الاستعمارية القديمة أنك مولعة تماماً بالاستعمار.

وقولك أن إسرائيل “جعلت الصحراء تزهر”، لا يختلف عن الادعاء بأن العرب البربريين احتاجوا إلى الأوروبيين الأشكناز البيض لنشر “الديمقراطية” في قلب عالمهم غير المتحضر.

هل تعارضين الديمقراطية المدنية، وهو مطلب معظم منظمات المجتمع المدني الفلسطيني والمنظمات الشعبية؟ هل أخطأ نيلسون مانديلا في قضاء 27 عامًا من حياته في السعي لتحقيق العدالة من خلال المطالبة بالمساواة في جنوب إفريقيا؟ هل تدركين أن ما تدعمينه في الشرق الأوسط هو حل عنصري بامتياز يقوم على “القومية العرقية”؟

هل تدركين، سيدتي الرئيسة، أن الوزراء في حكومة “ديمقراطيتكم النابضة بالحياة” يطالبون بمحو القرى والمدن الفلسطينية بفضل تهاون المفوضية ودعمها؟

هنا في فلسطين نحن نجهد من أجل بقائنا فقط بفضل السياسات العنصرية لإسرائيل الفصل العنصري.، ومع ذلك لم نجد لديك كلمات متعاطفة على الإطلاق مع معاناتنا التي تسببت بها إقامة دولة الفصل العنصري الوحيدة المتبقية في العالم، ولم ترغبي حتى في إعطاء الانطباع الخاطئ بأنك متوازنة وموضوعية.

مقالات ذات صلة