“صوت القنابل يرعب الأطفال في غزة”… قصص دامية من الألم والصمود

بقلم محمد الحجار

ترجمة وتحرير مريم الحمد

الحمد لله، أنا وعائلتي بخير، لكن إشارة الاتصال في الهواتف مقطوعة معظم الأوقات، الوضع صعب للغاية في مخيم النصيرات، وهو مخيم للاجئين على بعد 5 كم من دير البلح وسط غزة، ويعيش فيه فلسطينيون نازحون في الغالب من بئر السبع منذ عام 1948.

لا يوجد طعام ولا ماء ولا كهرباء ولا أي شيء، فإسرائيل تفرض علينا حصاراً كاملاً وتقطع الإمدادات عنا من العالم الخارجي، نحاول إطالة عمر القليل من الطعام المتبقي لدينا، هي معاناة خالصة بالفعل، فنحن 26 عائلة نزحت إلى مبنى مخصص لخمس عائلات فقط، ولكن نحن حوالي 180 شخصاً معظم من معنا من النساء والأطفال.

ننام متراصين على الأرض أو في أي مكان، ولا توجد أغطية لتحمينا من البرد الليلي، ولكننا نحاول طمأنة أنفسنا بانتهاء الكابوس والعودة لحياتنا قريباً، ولكننا لا عرف إن كان هذا سوف يحصل بالفعل!

لقد طلبت إسرائيل من كل من يعيش في شمال القطاع، بما في ذلك كل مدينة غزة، يعني أكثر من مليون شخص، الهرب إلى الجنوب إذا كانوا يريدون البقاء على قيد الحياة، وحتى قبل هذا التحذير الإسرائيلي، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن 400 ألف شخص شردوا أصلاً بسبب القصف!

المصيبة الأكبر تتمثل في نقص المياه الذي يتفاقم، فأكثر من 180 شخص في المبنى يتقاسمون 200 لتر ماء يومياً، لا يكفي ذلك للشرب ناهيك عن الحاجة له لأغراض أخرى، أما الخبز، فحصتنا 5 ربطات من المخبر، أي 150 رغيف، لكل الأشخاص في المبنى وذلك لا يكفي حتى وجبة واحدة! 

وسط كل ذلك، تتساقط الغارات الإسرائيلية طوال الوقت، فقد قتل أكثر من 2500 فلسطيني حتى الآن، الوضع ليس آمناً، ولا يوجد إنترنت، لذلك من الصعب معرفة ما يجري حولنا، نمضي وقتنا بالحديث والصلاة، ومن يتمكن من النوم ينام، كما أمضينا 5 أيام بدون كهرباء، هواتفنا بطارياتها شبه ميتة، فقط لي أحد الأصدقاء في المخيم، أذهب لمنزله لأشحن هاتفي من الطاقة الشمسية المتوفرة لديه، وفي الليل، نعتمد على ضوء البطاريات، ولكنها قد تنفد خلال أيام.

كل ما كتبته هو تجربة يومين من النزوح، ولكننا لا نعلم كم ستطول هذه المدة أو ما ينتظرنا في الأيام المقبلة!

بعد الخامسة مساء، يهدأ الجميع استعداداً لساعات المساء المخيفة، ومع ذلك فالشارع مليء بالنازحين مثلنا، مئات من العائلات في زقاق لا يكاد يتسع لـ20 شخص، ناهيك عن الأطفال الذين تقلقهم ساعات الملل الطويلة، فهم يريدون اللعب لكن الظروف لا تسمح، لذلك يبكي ويتذمر الكثير منهم، فهم يريدون حلويات وعصير وشوكولاتة، ولا المتاجر فارغة تماماً، لا يوجد أي شيء!

وفوق كل ذلك، فقد أُصيب عدد من الأطفال حولنا بالأمراض، وزادت سحب الغبار والدخان المتصاعد من القصف حالاتهم الصحية سوءاً، كما أنه لا يوجد دواء فالصيدليات تفتقر حتى لأبسط أدوية الزكام والالتهابات وحتى مسكنات الحرارة والألم.

داخل المنزل، قسمنا أنفسنا بين رجال ونساء، فالمكان مزدحم، والنساء بحاجة لبعض الخصوصية، ننام متراصين على الأرض أو في أي مكان، ولا توجد أغطية لتحمينا من البرد الليلي، ولكننا نحاول طمأنة أنفسنا بانتهاء الكابوس والعودة لحياتنا قريباً، ولكننا لا عرف إن كان هذا سوف يحصل بالفعل!

وإذا ما وصفت البيت الذي لجأنا إليه، فهو بيت في مخيم للاجئين، متواضع البنية وسقفه من الزنكو، وهذا ما يجعلنا نشعر بالقلق من سقوط شظايا على أطفالنا أو إصابتهم بأذى.

أما المشهد الاكثر تكرراً، فهو صراخ النساء والأطفال طوال الليل مع كل انفجار صاروخي، وكل ما كتبته هو تجربة يومين من النزوح، ولكننا لا نعلم كم ستطول هذه المدة أو ما ينتظرنا في الأيام المقبلة!

(محمد الحجار مصور صحفي في موقع ميدل إيست آي البريطاني، يعيش هو وزوجته وأطفاله الثلاثة في مدينة غزة، ولكنهم نزحوا 3 مرات حتى الآن بعد قصف منزل كانوا يقيمون فيها، محمد الآن في ملجأ مؤقت جنوب غزة)

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة