طائرات مسيرة “فتاكة” هندية الصنع لدعم إسرائيل في حربها على غزة

من المقرر أن تنضم طائرات بدون طيار من طراز هيرميس 900 هندية الصنع إلى أسطول الجيش الإسرائيلي في خطوة وصفها نشطاء حقوق الإنسان بأنها دليل على تورط الهند في الحرب الإسرائيلية على غزة.

يذكر أن تقريراً لقناة الأخبار TV9 الهندية، كان قد ذكر في 7 فبراير، أن الطائرات بدون طيار التي تم تصنيعها في مدينة حيدر أباد جنوب الهند، سوف تساعد في تلبية “احتياجات إسرائيل في حربها ضد حماس”.

ويأتي تسليم طائرات هيرميس 900 بدون طيار في الوقت الذي تستمر فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة وخاصة على مدينة رفح، وسط أنباء عن قرب اجتياحها برياً.

وفقاً لمحللين عسكريين، فإن الطائرات بدون طيار تشكل إحدى الدعائم الأساسية للجيش الإسرائيلي في هجومه المستمر على غزة، حيث يتم استخدامها للاستخبارات ولتنفيذ هجمات ضد المدنيين الفلسطينيين ومنازلهم، كما قامت إسرائيل بنشر طائرات الدرون فوق سماء القطاع، إما لأغراض المراقبة أو لتنفيذ عمليات ضد أهداف مزعومة لحماس.

“قيام الهند بتزويد إسرائيل بطائرات بدون طيار، يجعلها مرتبطة بشكل غير مباشر بأي أعمال يتم تنفيذها بتلك الطائرات في غزة” – جيريش لينجانا- المحلل العسكري الهندي

وتعد الطائرات بدون طيار من طراز هيرميس 900 قادرة على البقاء في الجو لأكثر من 30 ساعة، ولذلك تستخدم عادة في مجموعة متنوعة من العمليات العسكرية، بما في ذلك مهام الاستطلاع والقصف الجوي، وقد تم إدخالها لأول مرة  خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام   2014.

لقد أصبحت هيرميس منذ ذلك الحين تعد الأولى في فئة الطائرات بدون طيار “متوسطة المدى طويلة التحمل”، وهي إحدى الطائرات بدون طيار الأربعة الفتاكة التي تستخدمها إسرائيل.

في حديثه لموقع ميل إيست آي، أشار المحلل العسكري الهندي، جيريش لينجانا، إلى أن “لدى هيرميس 900 تاريخ من الاستخدام في المنطقة، حيث تستخدمها إسرائيل باستمرار داخل غزة ومن المحتمل أن شركة أداني تعمل على تصنيعها بالتعاون مع شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية”.

في 2 فبراير عام 2023، كشفت شركة شيبارد ميديا ​​عن تسلم إسرائيل بالفعل 20 طائرة بدون طيار من طراز هيرميس 900 هندية الصنع من شركة أداني في مشروعها المشترك مع إلبيت سيستمز الإسرائيلية.

لم يعترف أي من البلدين علناً بالصفقة، إلا أن مصدرًا من داخل شركة أداني أكد لموقع The Wire أن الصفقة قد تمت بالفعل، ولكن التقرير لم يذكر متى.

تواطؤ

بحسب نشطاء حقوق الإنسان، فإن صفقة الطائرات بدون طيار هي دلالة على تواطؤ الهند مع إسرائيل في معاملتها للفلسطينيين من جانب، كما أنها تسلط الضوء على العلاقات الاقتصادية والعسكرية الآخذة بالازدهار بين البلدين.

تعد نيودلهي أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية بقيمة تصل إلى أكثر من مليار دولار سنوياً، حتى أن مشتريات الهند من الأسلحة الإسرائيلية زادت بنسبة 175% بين عامي 2015 و2019،  وبعد ذلك بدأت الشركات الهندية والإسرائيلية في إنتاج الأسلحة في المصانع في الهند

يصف منسق الحظر العسكري في اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، شير هيفر، تقارب الهند وإسرائيل بأنه “مخز” نظراً إلى تاريخ الهند الطويل تحت الحكم الاستعماري، مؤكداً أن ” طائرات هيرميس 900 بدون طيار تُستخدم لقصف المدنيين العزل في قطاع غزة والضفة الغربية”.

ويرى هيفر أنه في ضوء “رفض إسرائيل الالتزام بقرار محكمة العدل الدولية بالامتناع عن الإجراءات بموجب المادة 2 من الاتفاقية لمنع الإبادة الجماعية، فإن دول العالم الثالث مثل الهند تتحمل مسؤولية فرض حظر على الأسلحة وعدم التواطؤ في الإبادة الجماعية”.

أشار هيفر أنه في ضوء حكم محكمة العدل الدولية، أنهت شركتان يابانيتان للأسلحة مذكرة تفاهم مع شركة إلبيت سيستمز، أكبر شركة مصنعة للأسلحة في إسرائيل، كما منعت المحكمة العليا الهولندية الحكومة الهولندية من مواصلة تصدير أجزاء من طائرات F-35 إلى إسرائيل.

يقول هيفر: “هذه اللحظة تعد اختباراً لنظام القانون الدولي، فبدلاً من الوقوف إلى جانب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وتمكينها للقوى الغربية، يجب على الهند أن تأخذ العبرة من جنوب إفريقيا وتنهي تواطؤها في الإبادة الجماعية”.

أما لينجانا، فيرى أن الشراكة بين الهند وإسرائيل في مجال الطائرات بدون طيار سوف تضع الهند في عدد من المآزق القانونية والأخلاقية، خاصة مع تكشف المزيد من الحقائق في غزة، فعلى سبيل المثال، خلص مركز الميزان لحقوق الإنسان عام 2014 إلى أن حوالي 37% من الفلسطينيين الذين قتلوا كانوا بسبب الطائرات الإسرائيلية بدون طيار.

“الهند كانت تناضل من أجل تحقيق التوازن بين مصالحها التجارية ومبادئها الخاصة وواقع ديناميكيات القوة العالمية، فهي تؤكد على السلام والمبادئ الإنسانية في سياستها الخارجية من جانب، وتوفر الأسلحة لقتل المدنيين بما يخالف تلك القيم الإنسانية على الجانب الآخر”! جيريش لينجانا- المحلل العسكري الهندي

وأشار لينجانا إلى أن “قيام الهند بتزويد إسرائيل بطائرات بدون طيار، يجعلها مرتبطة بشكل غير مباشر بأي أعمال يتم تنفيذها بتلك الطائرات في غزة”.

يذكر أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، كان من بين أوائل الزعماء الذين أدانوا الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر، كما تباطأت إدارته بعد ذلك في الانضمام إلى الدعوة العالمية لوقف إطلاق النار، وامتنعت عن التصويت لأول مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولم توقع على القرار إلا في ديسمبر.

أما فيما يتعلق بالطلب الذي قدمته حكومة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، فقد ابتعدت الحكومة الهندية عن دعم القضية.

معايير مزدوجة

في تصريحاته لموقع ميدل إيست آي، يرى الكاتب والناشط الهندي الشهير، أشين فانيك، أن “موقف الهند لا ينبغي أن يكون مفاجئاً، بل إن الحكومة الهندية أعربت عما أسمته قلقها العميق إزاء مزاعم إسرائيل بوجود أعضاء من حركة حماس في الأونروا”.

ولم يكن رأي الصحفي المستقل ومؤلف كتاب “المختبر الفلسطيني”، أنتوني لوينشتاين، بعيداً عن ذلك، معتبراً أن “استخدام إسرائيل للأسلحة الهندية الصنع في غزة صادم ولكنه غير مفاجئ، نظراً لدفء العلاقات بين الهند وإسرائيل على مدى العقد الماضي رغم غياب الاهتمام الدولي به”، مؤكداً أهمية دراسة تلك العلاقة  لأنها تصب في مساعدة إسرائيل في الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة.

ويعتقد لوينشتاين أنه “يتعين علينا أن ننظر عن كثب إلى العلاقات العسكرية بين البلدين، كما أنه من المهم تسمية وفضح المسؤولين والشركات الهندية التي تصنع هذه الطائرات بدون طيار”.

يذكر أنه تحت قيادة مودي، أصبحت الهند أقرب إلى إسرائيل من أي وقت مضى، حيث تعد نيودلهي أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية بقيمة تصل إلى أكثر من مليار دولار سنوياً، حتى أن مشتريات الهند من الأسلحة الإسرائيلية زادت بنسبة 175% بين عامي 2015 و2019،  وبعد ذلك بدأت الشركات الهندية والإسرائيلية في إنتاج الأسلحة في المصانع في الهند.

تشمل باقة الأسلحة التي يتم إنتاجها بشكل مشترك بين البلدين بنادق هجومية من طراز Tavor X95، وبنادق قنص الجليل، ورشاشات النقب الخفيفة، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار طويلة المدى من طراز Hermes 900 متوسطة الارتفاع.

في الوقت نفسه، استخدم مودي علاقته مع إسرائيل من أجل تطوير قدرات الجيش الهندي وتعزيز صورته كبطل في الإنتاج والتصنيع، دعماً لبرنامج “صنع في الهند”.

تم افتتاح منشأة مشروع أداني- إلبيت في منطقة حيدر أباد في الهند عام 2018 ، وذلك بحضور وزير داخلية الهند آنذاك، تيلانجانا محمد محمود علي، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة أداني، براناف أداني، الرئيس التنفيذي لشركة إلبيت سيستمز، وتوصف المنشأة بأنها أول مشروع خاص لتصنيع الطائرات بدون طيار في الهند والمكان الوحيد الذي يتم فيه إنتاج هيرمس 900 خارج إسرائيل.

وقد صرح رئيس قسم الدفاع والفضاء في شركة أداني المتعاونة في تصنيع طائرات هيرمس 900، أشيش راجفانشي، إلى أن الشركة تهدف إلى “جعل الهند تعتمد على نفسها في أنظمة الدفاع والفضاء”، وهو ما عبر عنه أيضاً نائب الرئيس التنفيذي والمدير العام لأحد الأقسام في شركة إلبيت، إيلاد أهارونسون، بأن العلاقة مع شركة أداني شكلت رؤية لجعل “الهند مركزًا عالميًا لتصنيع وتصدير هذه الطائرات وغيرها”.

يذكر أن رجل الأعمال الهندي، غوتام أداني، مساهم أساسي في عدة مشاريع مع شركات إسرائيلية، ففي أوائل عام 2023، اشترت شركة أداني للموانئ ثلثي حصص ميناء حيفا.

يلخص لينجانا الأمر بأن “الهند كانت تناضل من أجل تحقيق التوازن بين مصالحها التجارية ومبادئها الخاصة وواقع ديناميكيات القوة العالمية، فهي تؤكد على السلام والمبادئ الإنسانية في سياستها الخارجية من جانب، وتوفر الأسلحة لقتل المدنيين بما يخالف تلك القيم الإنسانية على الجانب الآخر”!

بقلم آزاد عيسى

ترجمة وتحرير مريم الحمد

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة