عشرات العائلات في غزة أصبحت بلا مأوى بعد أن دمرت الغارات الإسرائيلية منازلهم

بالقرب من أنقاض منزلهم في شمال قطاع غزة، أمضت عائلة نبهان الممتدة ليلتها الأولى من التشرد نائمين على الأرض في العراء بعد أن دمرت غارة جوية إسرائيلية بنايتهم المكونة من أربعة طوابق.

كل أفراد الأسرة الخمسون هم من المدنيين وبينهم خمسة أشخاص يعانون من مشاكل صحية بدنية وعقلية، ويعيشون في ثماني شقق منفصلة.

نُفذت الغارة الجوية التي استهدفت منزلهم في اليوم الأخير من الهجوم الإسرائيلي الذي استمر خمسة أيام على قطاع غزة، في حملة شنتها القوات الإسرائيلية في 9 أيار/مايو، قبل أن يبدأ سريان وقف إطلاق النار بوساطة مصرية في الساعة 10 مساءً بالتوقيت المحلي يوم السبت.

وأسفر الهجوم عن ارتقاء ما لا يقل عن 33 فلسطينيا، بينهم 6 أطفال و3 نساء.

وقالت الأخت الكبرى في العائلة والتي تدعى أم محمد: “بيتي مجاور لمنزل عائلتي، لذلك قررت البقاء معهم عندما بدأ الهجوم لأنني اعتقدت أنه أكثر أمانًا من منزلي.”

“فجأة رأينا أخي يركض نحونا ويصرخ” اخرجوا من المنزل سيتم قصفه”. قلنا له” أتتحدث عن منزلنا هذا؟ إنه ملجأنا الوحيد، أين سنذهب؟ لكنه أجاب: “لدينا خمس دقائق فقط، اخرجوا الآن” -أم محمد

وافاد شهود عيان أن ضابط مخابرات اسرائيلي اتصل مساء السبت بأحد جيران العائلة وطلب منه ابلاغ العائلة باستهداف المنزل.

وأوضحت أم محمد أن الجار أخبر الضابط أن المبنى يؤوي أشخاصًا معاقين وأنه يستحيل إخراجهم من المنزل في غضون خمس دقائق فقط، إلا أنه رد بالقول إن هذا ليس من اختصاصه وأنهم سيضربون المنزل على أي حال.

وذكرت أم محمد التي تضرر منزلها أيضًا في الغارة، أن الأسرة ستبقى مشردة إلى ان يتم إيجاد حل، لعدم إمكانية احتواء عددهم الكبير في منازل أقاربهم.

وقالت: “إننا 50 فردًا، سيرحب بنا الناس ليوم أو يومين، لكن لن يكون لدى أي أحد منهم القدرة على إبقائنا بعد ذلك”.

على الأرض بالقرب من أم محمد جلست أختها الصغرى آيات، التي تعاني من إعاقات جسدية ومشاكل نفسية.

عندما سُئلت عن عمرها، قالت المرأة البالغة من العمر 23 عامًا إنها “تبلغ من العمر 3 سنوات”.

ومع ذلك، كانت آيات تدرك جيدًا ما حدث الليلة الماضية، وقالت: “لقد دُمر المنزل بشكل مفاجئ، نسينا الدواء بالداخل، ونسينا الكراسي المتحركة، كنا خائفين، بقينا في الشارع ونمنا هنا، نريد منزلًا آخر به دواء وكراسي متحركة”.

وخلال أيام الهجوم الخمسة، دمرت إسرائيل ما لا يقل عن 93 وحدة سكنية بالكامل، وتركت 128 وحدة أخرى غير صالحة للسكن، وألحقت أضرارا بـ 1820 وحدة سكنية أخرى، بحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة.

نازحون مرتين

وفي حي آخر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، قام سمير طه بالفعل ببناء خيمة بجانب منزله المدمر، بعدما قامت طائرتان إسرائيليتان من طراز F16 بتسوية شقق المبنى السبع بالأرض.

طه الذي دُمر منزله السابق أيضًا في غارة جوية إسرائيلية في عام 2014، انتظر طيلة عامين حتى تمكن هو وأطفاله المتزوجين من بناء هذا المنزل بعد أن تلقى المساعدة من هيئة إعادة إعمار غزة.

وبينما كان واقفا على أنقاض منزله الجديد، قال طه والدموع تقطر من عينيه: “خلال هجوم 2014 على غزة، قصفت القوات الإسرائيلية منزلنا، وبقينا بلا مأوى لمدة عامين قبل أن تتمكن هيئة إعادة الإعمار من بناء منزل آخر لنا “.

وتابع: “بنيت خيمة بالقرب من منزلي وبقيت فيها لمدة عامين، ورفضت اللجوء إلى المدارس أو استئجار منزل بعد الهجوم، وهذه المرة، سأفعل الشيء ذاته”.

وأضاف: “لم يكن كافياً أنهم دمروا المبنى، لكن الصواريخ اخترقت الأرض أيضاً، مما يعكس مدى الرعب الذي يريدون أن يوقعوه في أنفسنا “.

كما استهدفت الغارات الجوية منزل أبناء إخوة طه المجاور لمنزله، ووفقًا لابن أخيه محمد طه، كان المنزلان يؤويان 42 شخصًا على الأقل.

وقال الرجل البالغ من العمر 33 عامًا: “نشأت في هذا المنزل، وعشت هنا منذ أن كنت في السابعة من عمري، وتزوجت فيه أيضا”.

“غادرنا المنزل حفاة، ولم يكن لدينا أي وقت لأخذ متعلقاتنا معنا، ولا حتى أموالنا، نحن ثلاثة أشقاء نعيش هنا وكل أسرة منا تتكون من سبعة أفراد”. – محمد طه

وأوضح محمد طه أنه سيبني خيمة بالقرب من منزله وسيبقى هناك مع أسرته حتى تتم إعادة البناء.

وأضاف: “هذه الخيمة لن تحمينا من البرد ولا من حرارة الصيف، ولا حتى من الكلاب الضالة، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟”

وبعد مرور أقل من 24 ساعة على استهداف منازل عائلة طه، أصيب منزل آخر تابع لعائلة حسنات.

وقال صاحب المنزل فرج حسنات، 38 عامًا، والذي كان في المقبرة المجاورة قبل أن يتم ضرب منزله: “اتصل بي ضابط مخابرات إسرائيلي وطلب مني العودة إلى المنزل، وقال لي: أستطيع أن أرى أنك في المقبرة. وعندما سألته عن سبب طلبه أجاب “أريد قصف منزلك”.

وتابع حسنات: “قلت له: لماذا تقصف منزلي؟ أنا مواطن عادي أعمل في الأراضي الزراعية، وليس لدي أي صلات بأي فصائل. فرد علي قائلاً: عد إلى منزلك وأخرج عائلتك منه “.

كما طلب ضابط المخابرات من حسنات تحذير جيرانه لأنه أراد “قصف ساحة كاملة”.

وأوضح حسنات أنه جادله قائلاً: ماذا تقصد الآن أنك تريد قصف ساحة بأكملها؟”  فأجابه الضابط: “حسنًا، فأنا أريد قصف منزلك، ومنزل أخيك، ومنزل أخيك الآخر “.

فوجئ حسنات حين رفع يده قائلًا: “حسبنا الله” بالضابط وهو يقول له: لا ترفع يديك” وقال: “نظرت إلى السماء ورأيت طائرة من دون طيار، فقلت له،” هل أنت تصورني”، قال: “نعم، يمكنني رؤيتك “.

وبعد دقائق تحولت منازل فرج حسنات وإخوته إلى أكوام من الأنقاض.

وأضاف: “لا يتوقف الأمر على منزلي فقط، فالعديد من منازل الجيران أصبحت الآن غير صالحة للسكن، وأصبحنا جميعًا بلا مأوى “.

وقبل الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير على غزة، تم تدمير أكثر من 90 ألف وحدة سكنية جزئيًا أو كليًا في الهجمات الإسرائيلية منذ عام 2008.

مقالات ذات صلة