على الرغم من أنها محمية بالقوانين الدولية… كيف ولماذا أصبحت مستشفيات غزة أهدافًا رئيسية؟

بقلم نادر درغام

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد أصبحت المستشفيات والمرافق الطبية في مرمى النيران بالفعل خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة حالياً، حيث أشار مسؤولون فلسطينيون إلى أن 22 مستشفى و49 مركزاً طبياً قد توقفت عن العمل تماماً بسبب الغارات الجوية وقرار إسرائيل بمنع جميع إمدادات الوقود والكهرباء إلى القطاع منذ 9 أكتوبر.

تنص المادة 19 من اتفاقيات جنيف على أنه “لا يجوز بأي حال من الأحوال مهاجمة وحدات الخدمة الطبية، بل يجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات من قبل أطراف النزاع”

والآن بعد اقتحام مستشفى الشفاء الطبي، أكبر المستشفيات في غزة، يدور السؤال الأهم حول مصير من فيه من الأطباء والمصابين والنازحين، في ظل استهداف غير مسبوق ولا مبرر على المستشفيات في هذه الحرب!!

الحجج الإسرائيلية 

منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، ظلت إسرائيل تكرر ادعاءاتها حول استخدام حماس للمنشآت المدنية من الجامعات والمدارس وعلى الأخص المستشفيات، على الرغم من عدم تمكنها من تقديم أي أدلة ملموسة لدعم تلك الادعاءات!

وفي تعليقها على ذلك، قالت محامية حقوق الإنسان الأمريكية من أصل فلسطيني، نورا عريقات، “إنه جدل حول الحقائق، وفي هذه الحالة، ليس لدى إسرائيل أي دليل على صحة هذا الأمر”، مشيرة إلى ما يسمى “عقيدة الضاحية” التي تبلورت بعد حرب إسرائيل مع حزب الله في لبنان عام 2006، والتي تبرر لإسرائيل استخدام القوة غير المتناسبة ضد البنية التحتية المدنية في الأراضي المعادية لها لمعاقبة أعدائها، وهو ما فعلته الدولة في ضاحية بيروت في ذلك الوقت.

وترى عريقات أن تلك العقيدة “حوّلت الأهداف المدنية إلى أهداف عسكرية”، كما بدأنا نرى الاتهام باستخدامهم “كدروع بشرية”، وهذا ما فعلته إسرائيل فعلاً في تبريرها لاستهداف المستشفيات في غزة.

من جانب آخر، فقد صرح الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في 13 أكتوبر بأن “أمة بأكملها” كانت مسؤولة عن تصرفات حماس، وذلك في أعقاب تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر، والتي ادعى فيها أن القوات كانت تتعامل مع “حيوانات بشرية” ليبرر الإغلاق الكامل للقطاع، وبعد ذلك، قال وزير الزراعة الإسرائيلي، آفي ديختر، إن عمليات بلاده في غزة “ستؤدي إلى نوع من النكبة” في إشارة ما حصل عام 1948.

في ظل هذه التصريحات المستفزة، استمر المسؤولون الإسرائيليون في ترويج ادعاءاتهم حول وجود أنفاق لحماس تحت المستشفيات حتى ذهبوا إلى حد القول بأن حماس لديها مقر رئيسي تحت مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في فلسطين، وهكذا اقتحمته إسرائيل واعتدت على كل من فيه من نازحين وجرحى وكادر طبي!

وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن المستشفيات “تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا يكفي القول إن الجماعات المسلحة تستخدم المستشفيات لأغراض عسكرية”، حيث تنص المادة 19 من اتفاقيات جنيف على أنه “لا يجوز بأي حال من الأحوال مهاجمة وحدات الخدمة الطبية، بل يجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات من قبل أطراف النزاع”، وتنص المادة 56 على أنه “على دولة الاحتلال أن تضمن وتحافظ على المؤسسات والخدمات الطبية والمستشفيات والصحة العامة والرعاية الصحية”. 

“ما نراه اليوم يتجاوز أسوأ كوابيسنا”

لقد أثار قصف المستشفى الأهلي المعمداني في 17 أكتوبر ضجة واسعة في العالم، حتى سارعت إسرائيل إلى التنصل من المسؤولية في ذلك الوقت، زاعمة أن الهجوم نتج عن فشل إطلاق صاروخ من حركة الجهاد الإسلامي.

“السبب وراء العمليات في الجزء الشمالي هو التطهير العرقي للمنطقة، وما هو إلا جزء من توسع إقليمي استعماري استيطاني باسم الأمن”! نور عريقات- محامية أمريكية فلسطينية

ولكن بعد ذلك، لم تتوقف إسرائيل عن قصف البنى التحتية الطبية في غزة، وقتلت 198 عاملاً طبيًا على الأقل، وفي وصف هذا يقول مدير المناصرة والحملات في منظمة المساعدة الطبية غير الحكومية للفلسطينيين، روهان تالبوت، أن “ما نراه اليوم يتجاوز أسوأ كوابيسنا، إنه التفكيك الفعلي والكامل لنظام الرعاية الصحية في مدينة غزة وفي الشمال”.

قبل التوغل البري، صدرت تعليمات لسكان القطاع بالفرار من منازلهم والتوجه جنوباً، بحجة أن عمليات القوات الإسرائيلية سوف تتركز في الشمال، فما الذي حصل على الأرض؟ 

 واصلت إسرائيل قصف الجنوب وأغلقت الشمال بالكامل وقطعت المساعدات والموارد والوقود، حتى اضطر الأطباء إلى إجراء العمليات بدون تخدير، ومع عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل المولدات، اضطرت بعض المستشفيات إلى إجراء عمليات جراحية باستخدام مصابيح الهاتف اليدوية، كما تسبب نقص الكهرباء في وفاة أطفال رضع في الحاضنات، والآن لم يتبق سوى مستشفى واحد يعمل بشكل معقول في غزة سوى المستشفى الأهلي العربي.

من جهة أخرى، فمخيمات اللاجئين والمدارس ومنشآت الأمم المتحدة والمباني السكنية والمساجد تتعرض جميعها للقصف أيضاً، ويرى تالبوت أنه “من المهم فهم الهجمات على المستشفيات في سياق هجمات أكبر بكثير ومنهجية تدمير تستهدف البنى التحتية المدنية وهذا لا يحدث بمعزل عن ذلك، فالإجراءات الإسرائيلية لها تأثير مباشر على شل الحياة المدنية في شمال غزة”.

وتلخص المحامية عريقات المشهد في اعتقادها أن “السبب وراء العمليات في الجزء الشمالي هو التطهير العرقي للمنطقة، وما هو إلا جزء من توسع إقليمي استعماري استيطاني باسم الأمن”!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة