غزة تواجه الموت جوعاً

بقلم لبنى مصاروة  

ترجمة وتحرير نجاح خاطر  

بلغت المجاعة الناجمة عن الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل إلى مستويات قصوى في شمال قطاع غزة حسبما قال السكان الفلسطينيون هناك، فيما أكدت عدة تقارير وفاة أشخاص بينهم أطفال رضع بسبب سوء التغذية. 

وتتمحور حياة أكثر من نصف مليون فلسطيني هناك حالياً حول مهمة واحدة كل يوم وهي العثور على شيء للأكل، حيث يروي أحد سكان مدينة غزة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لمراسلة ميدل إيست آي، لبنى مصاروة، تفاصيل النضال من أجل البقاء في مدينة مزقتها الحرب. 

يقول هذا المواطن ” الأمور باتت صعبة، وأصبح الحصول على أي شيء بما في ذلك الأشياء البسيطة مثل السكر والملح والأرز مهمة صعبة، فنحن نواصل البحث عنها في كل مكان، حتى في المحلات التجارية القديمة والمنازل المهجورة، وعندما نجدها في المحلات التجارية يتم بيعها بأسعار جنونية“. 

ويضيف قائلاً ” قبل نحو أربعة أيام، وصل حوالي 800 كيس من دقيق القمح إلى شمال غزة الذي يضم 700,000 نسمة وهذا يعني كيساً واحداً لكل 1000 شخص تقريباً أو نحو ذلك“. 

ويتابع بالقول: ” كان ابن عمي من بين الذين تمكنوا من الحصول على سلة غذائية  بوزن 25 كجم وقام بتوزيعها على عائلتنا الكبيرة وحصل كل واحد منا على كيلو واحد، وتماماً مثل الجميع في غزة، قمت أنا وأختي بخلط حصتنا مع دقيق الذرة وفول الصويا لزيادة الكمية. 

لقد نسيت تماماً مذاق الطعام 

يواصل المتحدث سرد تجربته بالقول: ” قضيت ثلاث ساعات في الصباح في إشعال النار وإعداد الخبز وفي النهاية لم يكن الأمر جيداً، لقد كان الطعام ذا طعم غريب وبدأت أختي في البكاء وحاولت تهدئتها بالقول أنه يمكننا إضافة الزعتر إلى الطعام وتناوله“. 

ويضيف: ” قمت بزيارة منزل عمتي وكانوا يكافحون من أجل إشعال النار لأن الحطب المتبقي في غزة ليس جيداً، لذلك قضيت الساعات الثلاث التالية في مساعدتهم ثم ذهبت إلى بيت عمي وكان لديهم نفس المشكلة فساعدتهم“.  

ويقول الشاهد: ” لم يكن عمي يبدو على مايرام أثناء الزيارة فسألته ما خطبك؟ لكنه لم يجب على سؤالي، وفي وقت لاحق، أخبرني ابنه أنه لم يتناول الطعام وأعطى فطائر الزعتر الصغيرة التي صنعوها للأطفال ورفض أن يأكلها، وفي نهاية هذا اليوم الطويل والمتعب للغاية، ضربت غارة جوية منطقة قريبة، لقد شعرت بالرعب لأنني كنت في الطابق العلوي وكان القصف قريباً جداً“. 

الموت بشكل جماعي 

يسرد الشاهد المزيد من التفاصيل بقوله: ” لقد وصلنا إلى الحد الأقصى والأمور باتت بائسة وتزداد سوءا كل يوم إنها أكثر من مجرد مجاعة، لقد أصبحت ضعيفاً جداً بعدما كنت أتمتع بصحة جيدة، كنت أركب الخيل وأركض، لكني الآن لا أستطيع حتى صعود الدرج دون أن أشعر بالإرهاق الشديد“. 

ويتابع: ” لقد نسيت تمامًا مذاق الطعام ولم أعد أعرف طعم الفاكهة أو الدجاج لم يكن لدينا سوى الأرز وحتى هذا الأرز نادر الآن، وإذا تم العثور عليه، فإن سعر الكيلو منه يبلغ 80 شيقلاً (22 دولاراً)، بينما كان سعره قبل الحرب سبعة شيكل (1.90 دولاراً)، لقد نفدت لدينا أشياء مثل زيت الطهي والخميرة والذرة والشعير وحتى علف الحيوانات الذي اضطررنا لتناوله في مرحلة ما بدأ ينفد كل يوم ينفد شيء ما“. 

الموت من القنابل أفضل من الموت من هذا الجوع 

ويتابع بالقول: ” أعرف أشخاصًا بدأوا بتناول الأعشاب البرية، وإذا بقينا هكذا لمدة أسبوع آخر، أعتقد أننا سنبدأ في رؤية الناس يموتون من الجوع بشكل جماعي، لم يبق شيء هنا، الأصحاء يمرضون والمرضى يموتون“. 

ويقول: ” لا يهم إذا كان لديك المال أم لا ولا يهم ما إذا كنت قد قمت بتخزين الطعام في بداية الحرب أم لا، لقد نفد كل شيء وبتنا كلنا متساوون، وبكل الأحوال فإن الموت من القنابل أفضل من الموت من هذا الجوع، على الأقل في الغارات الجوية نحن نموت على الفور لكننا الآن، نستمر في الدوران كل يوم فقط للعثور على لقمة تبقينا واقفين“. 

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا) 

مقالات ذات صلة