غموض يكتنف المشهد! من هم الأوفر حظاً لخلافة عبّاس؟

بقلم عزيزة نوفل

ترجمة وتحرير مريم الحمد

أعادت جهود الضغط التي قامت بها فدوى البرغوثي، زوجة أحد كبار قادة فتح المعتقل مروان البرغوثي، من أجل إطلاق سراحه، الجدل من جديد حول من سيخلف محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية، وذلك بعد لقائها مؤخراً بمسؤولين من الأردن ومصر وجامعة الدول العربية وروسيا والولايات المتحدة وأوروبا.

يذكر أن فدوى تناضل منذ سنوات من أجل محاولة إطلاق سراح زوجها، الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة منذ عام 2002 في سجن إسرائيلي، وذلك بسبب مشاركته في المقاومة المسلحة خلال الانتفاضة الثانية، فمروان البرغوثي، الذي خاض انتخابات 2021 التي أُلغيت، هو أحد أكثر الشخصيات الفلسطينية شعبية، حيث تتوقع استطلاعات رأي أنه قد يفوز في أي سباق انتخابي لو خاضه.

وتشير تقارير إلى أن جهود الضغط التي تبذلها فدوى البرغوثي لا تهدف إلى الإفراج عن زوجها فحسب، وإنما أيضاً إلى حشد دعم له حتى يصبح خليفة عباس، فيما أكدت مصادر مقربة من العائلة أن الهدف الأهم هو إطلاق سراحه.

في الوقت نفسه، تزامنت مساعي فدوى مع تسريبات لوسائل إعلام فلسطينية قالت إن عباس تراجع مؤخراً عن دعمه للمرشح الأقوى لخلافته حتى وقت قريب، حسين الشيخ، لصالح ترشيح أعضاء من فتح اسم مروان البرغوثي كخليفة محتمل.

إذا أصبح منصب الرئيس شاغراً، فسوف يزيد ذلك المشهد الفلسطيني تعقيداً،  بسبب غياب خليفة متفق عليه بالإجماع، ووجود مجلس تشريعي معلق، وتضاؤل منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرار الانقسام السياسي الذي تفاقم بسبب افتقار النية لإجراء انتخابات قريبة

رغم شعبيته لدى الجمهور، إلا أن مروان البرغوثي لا يزال يواجه عقبات كبيرة أمام أن يصبح الرئيس الفلسطيني المقبل، بدءاً من كونه في السجن وانتهاء بالمنافسة التي يواجهها داخل فتح، وهذا يجعل الشيخ المرشح الأول حتى الآن، رغم تحفظات الكثير من النخب الفلسطينية على ترشحه.

ويعد ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، خليفة محتمل أيضاً لعباس، بالإضافة إلى محمد العالول، القيادي البارز في فتح، ومحمد دحلان، القيادي السابق في الحركة والذي يقيم في الإمارات.

أبرز المرشحين

اكتسب حسين الشيخ، في السنوات الأخيرة، سمعة بأنه أحد أهم المقربين لعباس، حيث يُنظر إليه وإلى ماجد فرج باعتبارهما أهم حراس بوابات الرئيس وأقرب الناس في دائرته المقربة.

في عام 2022، عين عباس الشيخ أميناً عاماً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو ثاني أعلى منصب في المنظمة، الأمر الذي اعتبر خطوة استراتيجية في طريق وضع الشيخ البالغ من العمر 62 عاماً على طريق خلافة عباس، وهو منصب يتطلع إليه العديد من قادة فتح، فهو يتضمن نيابة الرئيس في حال غيابه.

وقد أضاف هذا المنصب نفوذاً للشيخ بصفته وزيراً في الهيئة العامة للشؤون المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وهي الهيئة المسؤولة عن تنسيق الشؤون المدنية والأمنية مع السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ولذلك يتمتع الشيخ بعلاقات وثيقة مع مسؤولي الأمن الإسرائيليين، بالإضافة إلى علاقات جيدة مع الدبلوماسيين الأمريكيين.

رغم مكانته العالية داخل السلطة ومع المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، إلا أن الشيخ لا يتمتع بدعم شعبي كبير بين الفلسطينيين، فلو أُجريت انتخابات رئاسية عام 2022، لم يكن الشيخ ليحصل سوى على 3% من الأصوات، وفقاً لمسح أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية.

إضافة إلى ذلك، فقد تضررت سمعة الشيخ بسبب اتهامات له بالتحرش بموظفة عام 2012، حيث كشفت مجلة فورين بوليسي مؤخراً أنه تم دفع 100 ألف دولار للضحية من أجل سحب الدعوى المرفوعة ضده وإسكات القضية.

“عباس أجرى العديد من التعديلات القانونية بهدف السيطرة على الوضع السائد، خاصة مع حل المجلس التشريعي والتأسيس غير القانوني للمحكمة الدستورية”- غاندي الربيعي – مستشار قانوني

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، هاني المصري، أن الخلافات حول الشيخ ضئيلة مقارنة بالتأييد الأمريكي والإسرائيلي الذي يتمتع به، ويفسر ذلك بقوله أن ” الكيانات تظل غير مبالية بماضي المرء إذا أظهر براعته في المناورة السياسية التي تتماشى مع أجندتها، وهو إنجاز حققه الشيخ بشكل ملحوظ مؤخرًا”، ورغم ذلك، يرى المصري أنه من الصعب تحديد خليفة نهائي لعباس بسبب عدم وجود مرشح يحظى بالإجماع محلياً وإقليمياً ودولياً.

تعقيدات قانونية

من جهته، يرى العضو البارز في حركة فتح وحليف مروان البرغوثي، جميل حويل، أن الزعيم المسجون هو المرشح الأنسب لتوحيد الفلسطينيين، موضحاً أن  ” عامة الناس ينجذبون دائمًا نحو أولئك الذين يتحملون الأعباء إلى جانبهم، وليس أولئك الذين يميلون إلى رفاهية الإقامة في فنادق الخمس نجوم”.

تلك الصفات يراها حويل تتطابق مع البرغوثي الخالي من ارتكاب مخالفات مالية أو إدارية أو أخلاقية، فهو يرى أن “البرغوثي لن يقبل بالرئاسة إلا إذا أخذها عن طريق تصويت الناخبين”، أما المصري، فلا يرى تفاؤلاً بشأن مستقبل البرغوثي السياسي لأن إسرائيل لم تظهر بعد أي بوادر لإطلاق سراحه.

لا شك أن كل هذا الغموض حول خلافة عباس يزيد قلق الفلسطينيين حول حدوث اضطراب بمجرد اختفاء الرئيس من الصورة، فعباس، البالغ من العمر 87 عاماً، هو رئيس السلطة منذ عام 2005، وقد خدم بالفعل 14 عاماً في المنصب بعد انتهاء ولايته في 2009، حيث لم تكن هناك انتخابات منذ ذلك الوقت.

إذا أصبح منصب الرئيس شاغراً، فسوف يزيد ذلك المشهد الفلسطيني تعقيداً،  بسبب غياب خليفة متفق عليه بالإجماع، ووجود مجلس تشريعي معلق، وتضاؤل منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرار الانقسام السياسي الذي تفاقم بسبب افتقار النية لإجراء انتخابات قريبة.

ويزداد مناخ التعقيدات في ظل عدم وجود مسار قانوني واضح لانتقال السلطة في حال وجود شاغر في منصب الرئيس، فبموجب القانون الأساسي الفلسطيني شبه الدستوري، يصبح رئيس المجلس التشريعي رئيساً مؤقتاً إذا كان هناك شاغر مفاجئ في منصب الرئيس مثل الوفاة أو الاستقالة.

المشكلة هنا أن عباس قد حل المجلس التشريعي عام 2018، ولم تجر انتخابات جديدة منذ ذلك الحين، ويمكن في هذه الحالة، الرجوع إلى خطوة اتخذها عباس في السنوات الأخيرة، وهي أن المحكمة الدستورية تتمتع بصلاحية إعلان إجراءات استثنائية يمكن من خلالها تعيين رئيس دون انتخابات.

وعليه، فإن أحد السيناريوهات المحتملة هي أن منصب نائب الرئيس يمكن تقديمه للخلافة في المرتبة الثانية من الناحية الدستورية، وفي هذا السياق يؤكد المستشار القانوني الفلسطيني، غاندي الربيعي، أن “عباس أجرى العديد من التعديلات القانونية بهدف السيطرة على الوضع السائد، خاصة مع حل المجلس التشريعي والتأسيس غير القانوني للمحكمة الدستورية”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة