فوضى بمجلس العموم البريطاني بعد خرق قواعد البرلمان خلال نقاش مشروع وقف إطلاق النار في غزة

أدان القادة السياسيون الاسكتلنديون استغلال إسرائيل المفرط لمبدأ الدفاع عن النفس ” لإضفاء الشرعية على ذبح المدنيين الأبرياء” في غزة، في الوقت الذي تحولت فيه مناقشة البرلمان البريطاني لوقف إطلاق النار يوم الأربعاء إلى أحداث فوضوية.

فقد قدم الحزب الوطني الاسكتلندي، أحد أحزاب المعارضة في البرلمان البريطاني، اقتراحاً يتضمن إدانة إسرائيل بسبب ممارسة “العقاب الجماعي” بحق الشعب الفلسطيني.

وقال بريندان أوهارا، عضو البرلمان عن الحزب القومي الاسكتلندي، أن لدى مجلس العموم الفرصة للوقوف في ” المكان المشرف من التاريخ” من خلال التصويت على إنهاء العنف داعياً إلى وقف فوري للقتال.

وقال: ” لا يمكن لأحد أن ينكر أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن ليس من حق أي دولة الحق بفرض حصار على المدنيين وقصف المناطق المكتظة بالسكان وطرد الناس من منازلهم ومحو البنية التحتية المدنية بأكملها وفرض عقوبات جماعية تشمل قطع المياه والكهرباء والغذاء والدواء عن السكان”.

وسلط النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي أنوم قيصر الضوء على تواطؤ المملكة المتحدة في الحرب قائلاً: ” في قصف غزة يتم استخدام قاذفة القنابل من طراز F-35 التي تصنع أجزاء من أنظمتها في المصانع البريطانية”.

وأضاف: ” استمرار المملكة المتحدة في بيع الأسلحة لإسرائيل أمر فاسد أخلاقياً ويثير اشمئزازي”.

لكن الخلافات الإجرائية والانقسام المرير بين أحزاب المعارضة دفعت العديد من المشرعين إلى مغادرة مجلس العموم أثناء الجدل على التصويت المحتمل حول ما إذا كان يجب على بريطانيا الانضمام إلى المطالب الدولية بالهدنة أم لا، الأمر الذي أدى لانهيار تلك النقاشات.

ولم تتلق قيادة حزب العمال البريطاني الإشارة لممارسة اسرائيل لـ “العقاب الجماعي” في مشروع القرار بارتياح كبير.

وفي مواجهة التمرد المحتمل من قبل النواب الذين يدعمون اقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي، طرح حزب العمال تعديله الخاص يوم الثلاثاء، والذي لم يذكر عبارة “العقاب الجماعي” وذكر بدلاً من ذلك، أنه ” لا يمكن أن نتوقع من إسرائيل وقف القتال إذا استمرت حماس في العنف”.

وقالت ليزا ناندي، وزيرة التنمية الدولية في حكومة الظل العمالية قبل المناقشة يوم الأربعاء: ” لقد رأينا خلال هذا الصراع أن الكثير من الناس طالبوا إسرائيل بإلقاء أسلحتها مقابل تمكين حماس من مواصلة القتال، لكن اقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي لم يقدم مثل هذه التوصية”.

من جهته، ذكر رئيس البرلمان ليندسي هويل وهو من حزب العمال أنه سيخالف السوابق وسيسمح بالتصويت على تعديل حزب العمال قبل اقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي، على الرغم من النصائح المتناقضة من المسؤولين.

وقالت مصادر منفصلة من حزب العمال أن شخصيات بارزة في الحزب أبلغت هويل أنه إذا لم يسمح بالتصويت على التعديل فإنه “لن يصبح رئيسًا بعد الانتخابات العامة”، لكن الحزب نفى صحة هذه المزاعم.

ووسط مشاهد الفوضى، احتج أعضاء البرلمان من الحزب الوطني الاسكتلندي وحزب المحافظين عبر مغادرة مجلس العموم، وتم تمرير تعديل حزب العمال الذي يدعو إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية” دون تصويت، حيث اعتذر هويل في وقت لاحق.

وكان العديد من أعضاء البرلمان العماليين وأعضاء حكومة الظل قد واجهوا على مدار شهور عدة احتجاجات في دوائرهم الانتخابية للمطالبة بدعم وقف إطلاق النار في غزة.

وقال حسام زملط، السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة لـLBC أن ما شهده مجلس العموم من أحداث يمثل ” السياسة البريطانية في أسوأ حالاتها حيث يعمد السياسيون إلى محاولة إنقاذ أنفسهم بدلاً من إنقاذ أمة بأكملها من الإبادة الجماعية”.

وفي حين تظهر استطلاعات الرأي أن معظم البريطانيين يؤيدون وقف إطلاق النار في غزة، فإن الساسة في المملكة المتحدة غالباً ما يتجنبون الدعوة لذلك، ويفضلون التأكيد على ” حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.

وفي انتقاد لقيادة حزب العمال، قال أوهارا أن التصويت لصالح وقف إطلاق النار ” قد يساعد في تحديد البوصلة الأخلاقية للسياسة البريطانية والساسة البريطانيين”.

ودعا أوهارا مجلس العموم إلى إظهار نفس مستوى التضامن الذي أظهره مع أوكرانيا ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإلى ” الوقوف معًا من أجل أولئك الذين يحتاجون إلى دعمنا في فلسطين”.

أما النائبة العمالية سارة شامبيون، فقالت بعد عودتها من زيارة إلى سيناء: ” نحن ببساطة لا نحصل على معلومات دقيقة حول مستويات الدمار والوحشية والرعب في غزة”.

وذكر ديفيد لامي، وزير خارجية حكومة الظل العمالية، أن ” وقت وقف إطلاق النار قد حان”، وأن العالم بحاجة إلى ” إنقاذ الأمل في حل الدولتين” في إسرائيل وفلسطين.

وأوضح المعارض البريطاني أن الهجوم البري الإسرائيلي على رفح التي نزح إليها أكثر من 1.5 مليون فلسطيني، سيكون بمثابة ” كارثة إنسانية وأخلاقية وخطأ استراتيجي”.

ورغم كافة هذه المواقف، فإن الشعور بالاستياء بشأن انقسام أحزاب المعارضة في المملكة المتحدة كان واضحاً، حيث انتقدت النائبة عن حزب الديمقراطيين الليبراليين ليلى موران ” الافتقار إلى التنسيق بين أطراف المعارضة”.

وقالت موران وهي أول نائبة من أصل فلسطيني في البرلمان البريطاني وسبق أن شاركت تفاصيل محنة عائلتها في غزة: ” بدون حل الدولتين على حدود 67، فإننا نحكم على الإسرائيليين والفلسطينيين بعيش هذا الكابوس مراراً وتكراراً”.

من جهتها لفتت مهيري بلاك، عضو البرلمان عن الحزب الوطني الاسكتلندي، الانتباه إلى تصريحات وزير الخارجية البريطاني الحالي ديفيد كاميرون الذي سبق أن قال أن إنهاء العنف في غزة يقع على عانق الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة، ودعا في العام 2014 إلى وقف إطلاق النار في غزة.

مقالات ذات صلة