في غزة… مجبرون على المشي أميالاً للحصول على المياه الملوثة!

قصة ميدل إيست آي

ترجمة وتحرير مريم الحمد

كلما سمع علي سلامة عن وجود محطة مياه عاملة في مدينة غزة، شمال القطاع، يهرع ليشق طريقه إليها وغالباً ما يصطحب أطفاله معه للمساعدة، حيث يقوم هذا الرجل الفلسطيني والأب لتسعة أطفال بتفريغ ما حمل من المياه ثم يعود لجلب دفعة جديدة، هكذا يفعل 3-4 مرات ليحاول تأمين ما يكفي من المياه.

يقوم الناس برحلة جمع المياه يومياً رغم التهديد المستمر بالقتل بسبب القصف الإسرائيلي!

كشف سلامة البالغ من العمر 55 عاماً عن “تعرض الناس للقصف مرات عديدة أثناء وقوفهم في طوابير لملء المياه أو أثناء ملء براميل المياه على السطح”، يقول سلامة: “لكن ليس لدينا خيار آخر”.

لقد تم قصف جميع آبار المياه ومحطات تحلية المياه في غزة تقريبًا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر، ولم يعد أمام الفلسطينيين خيار سوى اللجوء إلى شرب المياه الملوثة، كما قام الجيش الإسرائيلي بعزل شمال غزة عن بقية القطاع الساحلي واستهداف شاحنات المساعدات، تاركا الناجين على شفا المجاعة.

“الماء ضروري للجميع ولكن الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة للنساء، فقد بكت زوجتي عدة مرات لأنها كانت بحاجة للاستحمام ولكن لم تكن هناك قطرة ماء واحدة متاحة”! – سعدي- نازح من غزة

لقد أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل اثنين من أبناء سلامة وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، حيث كانا يساعدانه في جمع المياه، مضيفاً “أنا لست شاباً، فظهري وكتفي يؤلمني طوال الوقت من حمل جالون من الماء لمسافة طويلة وصعود الدرج معهم”.

أمراض تسببها المياه الملوثة

لقد نزح سعدي مقبل مع عائلته 9 مرات منذ أكتوبر، والآن يقيمون مع أقاربهم، يقول سعدي “لقد كان ابني مريضاً طوال فترة الحرب بأكملها تقريباً، فهو يعاني من مشاكل معوية وإسهال”، مشيراً إلى أن نقص المياه النظيفة والصرف الصحي يجعل الكثير من الناس في حالة صحية سيئة.

في ظل شح المياه الشديد، يضطر سعدي إلى تقليل استخدام المياه في الطبخ أو الاستحمام، فهو يضطر للتخلي عن هذه المهام لتوفير المياه، يقول سعدي: “إن المياه المتبقية في الآبار غير صالحة للشرب، أمشي كل يوم ما لا يقل عن كيلومتر واحد وأقف في طابور طويل لأكثر من ساعتين حتى أتمكن من الحصول على الماء لعائلتي”.

يحضر سعدي الماء في أكثر من دلو ويفرغها في حوض الاستحمام أو القدور بمجرد عودته إلى المنزل، في حالة عدم تمكنه من العثور على الماء في اليوم التالي.

لقد أثر نقص المياه النظيفة عليه وعلى أسرته نفسياً، خاصة وأن زوجته الحامل، والتي من المقرر أن تضع مولودها قريباً، لم تتمتع بقدر كبير من الخصوصية أثناء نزوحها كما أنها تعيش الآن مع أقاربها.

يقول سعدي: “الماء ضروري للجميع ولكن الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة للنساء، فقد بكت زوجتي عدة مرات لأنها كانت بحاجة للاستحمام ولكن لم تكن هناك قطرة ماء واحدة متاحة”!

في بعض الأحيان، يضطر البعض إلى المخاطرة وسط القصف الإسرائيلي العنيف من أجل الاستحمام في منزل أحد أقاربهم، يقول سعدي: “قررنا المخاطرة لأن عدم الاستحمام يعني إصابتها (الزوجة) بالمرض والمخاطرة بحياتها وحياة جنيننا”.

“المياه التي نستخدمها لغسل الأطباق والملابس، أدخرها لاستخدامها في المرحاض، يمكننا أن نصبر على نقص الطعام، لكننا لا نستطيع البقاء على قيد الحياة مع نقص المياه” – نسمة- نازحة من غزة

من جانب آخر، فقد ارتفعت أسعار المياه النظيفة، فقبل بداية الحرب، كان سعر لتر ونصف من المياه المعدنية يبلغ 2 شيكل (0.54 دولار)، أما الآن فقد أصبح سعره 100 شيقل (2.71 دولار)، مما يجعل من الصعب الحصول باستمرار على المياه هذه حتى الباهظة للمياه النظيفة.

تقنين المياه

تزداد رحلة الحصول على الماء خطورة مع مرور الأيام، حيث تكافح نسمة حسن، الأم التي تبلغ من العمر 24 عاماً، من أجل توفير الماء لأسرتها بعد مقتل زوجها في شارع الشهداء حين كان خارجاً لحلب الماء!

والآن يقع عليها عبء جلب الماء لابنتها وأمها وأخيها المصاب بجروح خطيرة بينما كان هو الآخر في طريقه للحصول على الدقيق!

 تقول نسمة: “نحن محظوظون، فالمياه متاحة لنا 3 أيام في الأسبوع”، حيث تذهب إلى محطة المياه في الساعة 8 صباحًا لتجد عددًا كبيرًا من الأشخاص في طابور، تقول: “أنضم إلى الطابور وأبقى فيه ساعتين على الأقل، ثم أخرج بدلوين من الماء”.

هناك الكثير من العائلات التي تعاني مثل نسمة التي تقوم بحساب كل قطرة مياه تستخدمها للحفاظ عليها أطول مدة ممكنة، وتقول: “المياه التي نستخدمها لغسل الأطباق والملابس، أدخرها لاستخدامها في المرحاض، يمكننا أن نصبر على نقص الطعام، لكننا لا نستطيع البقاء على قيد الحياة مع نقص المياه”.

وتضيف نسمة: “أنا أحب غزة، لكن الحياة التي نعيشها الآن لم تعد تحتمل”، وتقول أنها تفكر في الهجرة إلى بلد آخر إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة