كيف انقلب الرأي العام الأمريكي على بايدن وإسرائيل؟

بقلم ميراندا كليلاند

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

خلال الأسبوع الجاري، خلص قاض اتحادي أمريكي في كاليفورنيا إلى أنه “من المعقول” أن تكون الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بمثابة إبادة جماعية، و”ناشد” الرئيس جو بايدن وكبار مسؤولي إدارته النظر في تداعيات دعمهم “الثابت” لإسرائيل.

وفي تحول لاتجاه التيار بين هذا الحكم، والتدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية والتي تأمر إسرائيل بوقف قتل الفلسطينيين، ومقاطعة المتظاهرين لأنشطة بايدن العامة مطالبين بوقف إطلاق النار، وتعهد المزيد من الناخبين الأمريكيين بأنهم لن يصوتوا لإعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر، تتصاعد الضغوط على الولايات المتحدة وإدارة بايدن لوقف تدفق الأسلحة والأموال إلى إسرائيل.

استمع القاضي في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأسبوع الماضي إلى شهادة مدعين فلسطينيين وفلسطينيين أمريكيين، وصفوا بتفاصيل مؤلمة كيف قتلت القوات الإسرائيلية أحباءهم، وكيف دمرت منازلهم خلال قصف غزة التي لم يعودوا يعرفون ما كانوا يعرفونه منها.

وطلب المدعون من القاضي أن يأمر إدارة بايدن بالتوقف عن إرسال أسلحة قد تستخدمها إسرائيل لقتل المزيد من أفراد عائلاتهم، حيث شهد الشاهد الأخير، وهو المؤرخ اليهودي والخبير في الهولوكوست باري تراختنبرغ، بأن سلوك إسرائيل ضد الفلسطينيين يشكل حالة موثقة من حالات الإبادة الجماعية.

وذكر تراختنبرغ في شهادته أن تعبير المسؤولين الحكوميين والعسكريين بوضوح عن نيتهم ارتكاب إبادة جماعية هو أمر نادر.

وافق القاضي، وأشار إلى أن “التصريحات التي أدلى بها العديد من المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن الحصار العسكري المتواصل على غزة يهدف إلى القضاء على شعب بأكمله وبالتالي يقع ضمن الحظر الدولي ضد الإبادة الجماعية”.

وفي نهاية المطاف، رفضت المحكمة القضية لأسباب إجرائية، معتمدة على سابقة مفادها أن السلطة القضائية لا تستطيع الحكم على قرارات السياسة الخارجية التي تتخذها السلطة التنفيذية. فما هو التالي إذاً؟ عادة، تعتبر القضية المرفوضة خسارة للمدعين، ولكن ليس في هذه الحالة.

تشكيل الضغط

لقد كانت هذه القضية، التي رفعها مركز الحقوق الدستورية نيابة عن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، الحركة الدولية للدفاع عن أطفال فلسطين ومؤسسة الحق، إلى جانب الفلسطينيين في غزة والولايات المتحدة، تاريخيةً منذ البداية، وهي بلا شك أداة لممارسة الضغط على إدارة بايدن ومحاسبة القادة الأمريكيين على دورهم في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

فلفترة طويلة جدًا، قدمت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لإسرائيل دون قيد أو شرط على شكل أسلحة وطائرات حربية ومساعدات عسكرية أخرى، لقد نال الأميركيون ما يكفيهم من ذلك وكذلك بقية العالم.

زودت الولايات المتحدة إسرائيل بنحو 158 مليار دولار (بالدولار غير المعدل حسب التضخم) في هيئة مساعدات مزدوجة، ومن خلال تمويل الأنظمة الصاروخية منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي جعل من إسرائيل أكبر متلق للتمويل الأميركي في الخارج.

ولا تملك العائلات الفلسطينية في غزة أن تتحمل تبعات إرسال الولايات المتحدة دولاراً إضافياً للنظام الإسرائيلي الذي يمارس الإبادة الجماعية، فكل دولار من التمويل العسكري غير المشروط وكل قذيفة دبابة، وكل رزمة من الذخيرة المستخدمة في العدوان المباشر وكل طائرة حربية يتم استخدامها من قبل الولايات المتحدة لتدمير حياة الفلسطينيين وتدمير قدرة عائلاتهم على بناء مستقبلها.

بعد أن قام بايدن بتسريع إجراءات بيع قذائف الدبابات للجيش الإسرائيلي في أواخر العام الماضي، قُتلت دنيا أبو محسن البالغة من العمر 12 عامًا بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية بينما كانت نائمة في سريرها في مستشفى ناصر بجنوب غزة، والذي كانت ترقد فيه للتعافي من إصابتها بغارة جوية إسرائيلية في أواخر تشرين الأول / أكتوبر كانت قد أسفرت في حينه عن مقتل عائلتها وإصابتها بجراح خطيرة أدت إلى بتر ساقها.

يمكن لمتابعة قصة دنيا أن توفر إلماماً بتجارب الأطفال الفلسطينيين في غزة، فقد قامت القوات الإسرائيلية بتهجير وقصف وتيتم وتشويه وقتل دنيا، كل ذلك في غضون أسابيع، وهي واحدة من أكثر من 10,000 طفل فلسطيني قتلوا في غزة على يد القوات الإسرائيلية خلال الأشهر الأربعة الماضية.

لقد حان الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة عن تسليح الجيش الإسرائيلي، حيث بات الضغط من أجل قطع الدعم الأمريكي لإسرائيل أقوى من أي وقت مضى

لو كانت دنيا لا تزال على قيد الحياة، لربما كانت واحدة من مليون طفل فلسطيني في غزة على حافة المجاعة، ربما كانت قد أكلت العشب وشربت المياه القذرة وارتعشت ليلاً مثل العديد من العائلات الفلسطينية التي تعيش في الخيام دون أن يكون لديها مكان آخر تذهب إليه، ولو نجت دنيا، لربما كبرت لتصبح طبيبة تساعد الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من إعاقات دائمة كما كانت تحلم.

لقد فات الأوان بالنسبة لدنيا، ولكن لو تحرك بايدن بمجرد أن بدأت القوات الإسرائيلية في قصف غزة بالقنابل، فليس هناك شك في ذهني أنها كانت ستظل على قيد الحياة، لقد كان بالإمكان الحفاظ على حياتها لكن الفشل الأخلاقي لإدارة بايدن هو الذي لم يؤد إلى ذلك.

لقد فهم القاضي الفيدرالي في كاليفورنيا ذلك، جلست في قاعة المحكمة وشاهدته يستمع باهتمام إلى شهادة كل مدعٍ وخاصة أولئك الذين وصفوا العابار والذنب الذي شعروا به عندما دفعت أموال ضرائبهم لدعم إبادة عائلاتهم، وأنا أصدق صدمته من الوحشية العسكرية الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة فكان موقفه حقيقياً حين وبّخ بشدة “الدعم الثابت” الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل .

لقد حان الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة عن تسليح الجيش الإسرائيلي، إن الضغط من أجل قطع الدعم الأمريكي لإسرائيل أصبح أقوى من أي وقت مضى، وكما أشار القاضي: “من واجب كل فرد أن يواجه الحصار الحالي على غزة”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة