كيف تحرض وسائل الإعلام الأمريكية على كراهية العرب والمسلمين؟

بقلم غريغوري شوباك

ترجمة وتحرير مريم الحمد

هناك 3 أشكال من التغطية المضللة المؤيدة للحروب الأمريكية الإسرائيلية في أنحاء الشرق الأوسط، وهنا نتحدث عن تغطية وسائل الإعلام الأمريكية مثل شبكة سي إن إن، التي يقال أنها تصل إلى 80 مليون أسرة أمريكية، واثنتين من أكثر الصحف انتشاراً وهما صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة وول ستريت جورنال.

ومما لا شك فيه أن فلسطين هي نقطة ارتكاز الحروب الأمريكية الإسرائيلية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث كشف تقرير كتبه الصحفي كريس ماكجريل لصحيفة الغارديان مؤخراً أن شبكة سي إن إن شوهت تغطيتها للقضية الفلسطينية بشكل ممنهج منذ 7 أكتوبر.

يستند المقال إلى روايات 6 من موظفي CNN في غرف الأخبار وأكثر من 12 وثيقة ومذكرة داخلية ورسائل بريد إلكتروني حصلت عليها الصحيفة، تفيد في مجملها بأن كبار المسؤولين في المؤسسة يسعون إلى ممارسة أقصى قدر من السيطرة على المراسلين حتى تتماشى التغطية مع الخط التحريري لسياسة القيادة في الشركة.

“فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوان” هو عنوان أحدث مقال لتوماس فريدمان في صحيفة النيويورك تايمز، وفيه يستخدم تصوير المستشرقين للمنطقة بأنها “غابة” تسكنها الوحوش وليس البشر!

من أبرز الأمثلة على ذلك قيام سي إن إن بالحد من المساحة المخصصة لوجهات النظر الفلسطينية مقابل بث  ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين بشكل روتيني، ومنها أيضاً تقديم القصة الكاذبة الشهيرة حول قيام حماس بقطع رؤوس 40 طفلاً إسرائيليًا كما لو كانت حقيقية، مما جعل القصة تبقى حية لزمن رغم تراجع بايدن عنها لعدم وجود دليل.

أفاد موظفو السي إن إن أيضاً بأن تغطيتهم عن فلسطين يجب أن تحصل على موافقة من مكتبهم في القدس، الأمر الذي يحرف التقارير لصالح إسرائيل، وبالتالي أدت سياسات القناة، خاصة في المراحل الأولى، إلى “تركيز أكبر على المعاناة الإسرائيلية والرواية الإسرائيلية عن الحرب من مطاردة حماس وأنفاقها، مقابل تركيز غير كافٍ على حجم القتلى المدنيين الفلسطينيين والدمار في غزة”.

ولو توقفنا عند تحليل بسيط لتغطية الشبكة، فسوف يتضح ندرة القصص التي تضع أحداث 7 أكتوبر في سياقها أو تركز على المعاناة الفلسطينية التاريخية منها والمستمرة، وذلك رغم الخسائر البشرية الفادحة التي لحقت بالمدنيين على الجانب الفلسطيني والكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة، فحقيقة أن إسرائيل استعمرت الفلسطينيين والآن تشن حرب إبادة ضدهم هي السياق الذي تحذفه شبكة سي إن إن في معظم تقاريرها.

تجريد من الإنسانية

“فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوان” هو عنوان أحدث مقال لتوماس فريدمان في صحيفة النيويورك تايمز، وفيه يستخدم تصوير المستشرقين للمنطقة بأنها “غابة” تسكنها الوحوش وليس البشر!

يقولها فريدمان بصراحة بأن “الولايات المتحدة مثل الأسد العجوز، ونحن ما زلنا مملكة الشرق الأوسط”، وذلك باعتبار الأسود مخلوقات نبيلة وشجاعة وجميلة في مقابل الإيرانيين وحلفائهم الذين يراهم حشرات طفيلية.

كتب فريدمان: “إن إيران بالنسبة للجغرافيا السياسية هي بمثابة نوع من الدبابير الطفيلية المكتشفة حديثًا بالنسبة للطبيعة، ماذا يفعل هذا الدبور الطفيلي؟ ووفقا لصحيفة ساينس ديلي، فإن الدبور يحقن بيضه في يرقات حية حيث تأكل يرقات الدبور الصغيرة اليرقات ببطء من الداخل الى الخارج ثم تنفجر بمجرد شبعها”.

ويكمل بقوله: “هل هناك وصف أفضل للبنان واليمن وسوريا والعراق اليوم من تلك اليرقات؟ الحرس الثوري الإسلامي هو الدبور والحوثيون وحزب الله وحماس وكتائب حزب الله هم البيض الذي يفقس داخل لبنان واليمن وسوريا والعراق ويأكله من الداخل إلى الخارج، ونحن ليس لدينا استراتيجية مضادة تقتل الدبور بكفاءة دون إشعال النار في الغابة بأكملها، فحماس خطيرة مثل عنكبوت باب المصيدة”.

أليست هذه دعوة للإبادة الجماعية؟ إن قيام صحيفة النيويورك تايمز بنشر مقال يتمنى صراحةً أن يتم “قتل إيران بكفاءة” يكشف عن الإفلاس الأخلاقي للصحيفة!

تصوير المسلمين كطابور خامس يساعد على خلق مناخ للحرب، فتعزيز الخوف والكراهية تجاه أقلية محلية يؤدي إلى تغذية الخوف وكراهية الأجانب والإذعان لسلطات الدولة، وكل هذا مفيد في دفع كتلة حرجة من السكان إلى مواكبة النزعة العسكرية التي تنتهجها حكومتهم.

بالطبع، هناك أوصاف “أفضل” للبنان واليمن وسوريا والعراق اليوم من “اليرقات”، ولكن بغض النظر عن ذلك، فهناك “مجتمعات غنية ومتنوعة” في المنطقة، ولكن لو تخيلنا للحظة بأن كلام فريدمان هذا يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، رغم عدم استحقاقه بالتأكيد، فسنجد أن الادعاء بأن هذه الأمم أو فلسطين يتم “أكلها” من الداخل إلى الخارج بواسطة “يرقات” إيرانية هو استعارة عنصرية تخفي دور الأسد الأمريكي في قيادة المشهد بإطلاق العنان للدمار على السكان المدنيين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران!

تحريض على الكراهية

مؤخراً، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مقالاً للكاتب ستيفن ستالينسكي مليء بخطاب معادٍ للإسلام على ضوء موقف سكان مدينة ديربورن المسلمين في ولاية ميشيغان من إدارة بايدن، مستنداً في خطابه إلى صور المتظاهرين الذين ارتدى العديد منهم الكوفيات و غطوا بها وجوههم وأخذوا يهتفون “الانتفاضة، الانتفاضة” و”من النهر إلى البحر، فلسطين سوف تتحرر” و”أمريكا دولة إرهابية”.

في المقال، لا يوضح ستالينسكي أي سبب منطقي لاعتبار تصرف أؤلئك المتظاهرين بارتداء رمز للتضامن مع الفلسطينيين أمراً خبيثًا ومخيفًا، فهم يطالبون بإنهاء الاستعمار الاستيطاني بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ويدينون تواطؤ الحكومة الأمريكية.

لقد سمح الكاتب لنفسه باستخدام مجاز الولاء المزدوج، مستحضرًا “الحماس المحلي للجهاد ضد إسرائيل والغرب” معتبراً بذلك أن “المتظاهرين يعلنون الولاء لآية الله الإيراني الذي يدعو إلى تدمير الولايات المتحدة”، ويرى أن “العديد من سكان ديربورن الحاليين أو الذين كانوا يقيمون فيها سابقًا قد أدينوا بجرائم تتعلق بالإرهاب في السنوات الأخيرة”.

ويخلص المقال إلى أن “ما يحدث في ديربورن ليس مجرد مشكلة سياسية للديمقراطيين، بل هي أقرب لقضية أمن قومي تؤثر على جميع الأمريكيين، ولذلك ينبغي لوكالات مكافحة الإرهاب أن تولي الأمر اهتماماً”، وهذا يعني أن المسلمين الأميركيين، بالنسبة لستالينسكي، يشكلون خطراً ويجب أن يخضعوا للمراقبة والمضايقة!

لاشك أن تصوير المسلمين كطابور خامس يساعد على خلق مناخ للحرب، فتعزيز الخوف والكراهية تجاه أقلية محلية يؤدي إلى تغذية الخوف وكراهية الأجانب والإذعان لسلطات الدولة، وكل هذا مفيد في دفع كتلة حرجة من السكان إلى مواكبة النزعة العسكرية التي تنتهجها حكومتهم.

كل هذه الأمثلة على الدعاية المتعصبة والتي تروج للحرب تؤكد أنه أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى اللجوء إلى وسائل إعلام مستقلة ودعمها.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة