كيف ساعد تيك توك وإنستغرام في نشر الدعاية الاستعمارية الإسرائيلية؟

بقلم سمر المصري

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

لطالما تم وصف الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واستعباد شعبها بأنه فعل استعماري، فعبر سرقة الأراضي والموارد الطبيعية وفرض سيادة القومية والرأسمالية، انضمت إسرائيل إلى ممارسي التكتيكات والخطابات الاستعمارية.

ولكن كيف يمكن لدولة الاحتلال، التي تشن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أن تستمر في حشد الدعم الدولي من الذين ليس لديهم مصلحة في احتلالها لفلسطين؟

من المهم أن ندرك أن الاستعمار لا يؤثر جغرافياً فحسب على المنطقة التي تم استعمارها، بل يتغلغل الاستعمار الحديث في المجتمع فعلياً، وبالتالي يؤثر على المجتمعات على المستوى الدولي.

لقد تضمنت التكتيكات الاستعمارية الإسرائيلية بث جرائم الحرب والألفاظ البذيئة عبر الإنترنت، ومصدر الكثير منها ما ينشره جنود الاحتلال عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

شوهد جنود الاحتلال وهم يحتفلون بتدمير منازل الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، والسخرية من عمال الإغاثة الذين تم اغتيالهم، وحتى التقاط الصور مع الملابس الداخلية للنساء الفلسطينيات.

وعلى الرغم من أن حكومة الاحتلال قالت أنه سيتم معاقبة الجنود على مثل هذه الأفعال، إلا أن القوات الموجودة على الأرض تعمل بشكل أساسي كجهات فاعلة استعمارية وكجزء من عملية التسويق لإسرائيل، حتى أنهم أنشأوا محتوى على TikTok يحاكي القبض على الفلسطينيين واحتجازهم.

ولحشد الدعم لقضيتهم، يعتمد الصهاينة أيضاً على خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تم تصميمها لتظهر للمستخدمين المزيد من المحتوى الذي يتفاعلون معه من الأساس، فعندما تعمل قنوات الأخبار الموجهة للغرب بشكل متكرر على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وإهانتهم، فليس من المستغرب أن نرى الانجذاب لصالح الصهيونية.

تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم

في المنصات الصهيونية على وسائل التواصل الاجتماعي، يُنظر إلى الفلسطينيين على أنهم مجرد أدوات للترفيه والسيطرة، بما يتوافق مع العقيدة الاستعمارية الصهيونية القائلة بأن الفلسطينيين غير بشر، وتتفاقم هذه الإستراتيجية بسبب قيام الاحتلال بقطع الإنترنت في غزة وقتله للصحفيين، وهما تكتيكان يمنعان نقل رواية الفلسطينيين إلى بقية العالم.

وينتج عن ذلك ترشيح صورة للفلسطينيين من خلال عدسات الاحتلال والغرب، ولا يوجد ما يتم فعله لمواجهة ذلك سوى القليل نسبياً.

ومع إسكات الأصوات في غزة، فإن نشر المعلومات الكاذبة أصبح وسيلة أخرى تستخدم لاستعمار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر الاحتلال مراراً وتكراراً معلومات مضللة في محاولة لتشويه سمعة المنظمات الفلسطينية، بما في ذلك تقارير تفيد بأن حماس قطعت رؤوس الأطفال ونفذت عمليات اغتصاب جماعي، وبالإضافة إلى ذلك، أدت الأكاذيب حول وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، إلى خفض المساعدات العالمية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة في غزة.

عندما يواجه الصهاينة مثل هذه القضايا، يبدو أن لديهم مسارين رئيسيين للعمل: الابتعاد عن الاتهامات بمعاداة السامية أو المطالبة بإدانة حماس، أو التراجع تدريجياً عن التصريحات المغلوطة لتقليل ذنبهم.

وتتيح كلتا الاستراتيجيتين التبرير المستمر للمذبحة التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين، مما يضمن أن تصبح أهدافه هي النقطة المحورية، بما يتوافق مع التفوق الملحوظ للمستعمرين.

ويشارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً في هذه التكتيكات، فمنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، لجأ العديد من الصهاينة إلى مواقع إنستغرام وتيك توك وغيرها من المنصات للتعبير عن دعمهم لدولة الاحتلال، ليصبحوا قنوات لأهداف إسرائيل الاستعمارية، لقد أصبحوا أساساً جهات استعمارية صغيرة.

إن هذا الإسكات الاستعماري يخلق بيئة على الإنترنت تشبه خط تجميع الدعاية للأهداف الصهيونية، تصدر الدولة الاستعمارية التوجيهات، ويرتكب جنودها الفظائع وينشرون الأدلة على الإنترنت، ويختلق الاحتلال الأكاذيب من أجل مواصلة سلوكه دون رادع

التضليل والدعاية

وبالنسبة لأولئك الذين لا يتعرضون لمجموعة متنوعة من مصادر المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، أي أولئك العالقين في غرف الصدى، فمن الصعب عكس تأثيرات المعلومات المضللة والدعاية عليهم، حتى عندما يتم سحب التقارير المغلوطة لاحقاً.

وتدريجياً، يتم جمع المعلومات المضللة وإضفاء الشرعية عليها، وتطبيع جرائم الحرب، ويتم تقديم الأعذار، ويقتل المزيد من الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه، يستمر الاحتلال في إلهام الجهات الاستعمارية الصغيرة على المستوى الدولي وتبرير ذبح الفلسطينيين أمام العالم.

وفي حين أن هذه عملية افتراضية، فإن الانتشار العالمي للصهيونية يتسرب حتماً إلى الواقع، مع المظاهرات المؤيدة لإسرائيل والهجمات على الفلسطينيين.

في الوقت نفسه، وعلى الرغم من انتشار غرف الصدى الصهيونية، يبدو أن ثمة تحول كبير قد ظهر في عكس التوجه نحو إنهاء الاستعمار إلى تحرير فلسطين، فقد تكهن البعض بأن التغييرات التشريعية التي تهدف إلى حظر TikTok في الولايات المتحدة تهدف إلى الحد من انتقاد إسرائيل على المنصة، ونسبوا الفضل إلى التطبيق في التحول في الرأي العام. 

قدم إنستغرام أيضاً تحديثاً يحد بشكل تلقائي من المحتوى السياسي ما لم يتم تغيير الإعداد يدوياً، حيث أن زيادة المحتوى المؤيد لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحركات لمنعه من الانتشار، تسلط الضوء على الاعتراضات المؤسسية على تقرير المصير الفلسطيني، والأهم من ذلك أنها تشير إلى أن التحرير الفلسطيني بات قريباً، وإلا، فلماذا يتم تطبيق ثقل موازن لعرقلة النشاط الفلسطيني، إذا لم يكن قد وصل إلى نطاق مؤثر؟

من الضروري لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن يظلوا يقظين تجاه المعلومات المضللة التي تعبر صفحاتهم، وبدون بذل جهود متضافرة نحو نزع التحيز عن مصادر معلوماتنا، فإننا نخاطر بانتشار الروح التي لا تبرر الأعمال الشنيعة فحسب، بل تهدف إلى تكريس العقلية الاستعمارية على مستوى العالم.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة