كيف كانت فلسطين قبل نكبتها في العام 1948؟

لقد فككت النكبة فلسطين كبلد ومجتمع قبل 75 عاماً، بعد تدمير 500 قرية وتهجير نصف السكان الفلسطينيين، مما أدى إلى فقدان الصناعات الفلسطينية البارزة والقضاء على التقاليد الاجتماعية والثقافية التي كان توحد المجتمع.

ويعد الحفاظ على التاريخ الاجتماعي الفلسطيني، خاصة مع إحياء ذكرى النكبة سنوياً، بمثابة تذكير بالصمود رغم الانتداب البريطاني الذي ساهم في الازدهار في فلسطين، فما هي أبرز صور الازدهار التي ضاعت من فلسطين قبل النكبة؟ 

  • برتقال يافا:

دعونا نبدأ من بساتين البرتقال، فقد كانت بير سالم، الواقعة في منطقة الرملة، واحدة من القرى الفلسطينية التي أنتجت برتقال يافا الشهير الذي طوره المزارعون في منتصف القرن 19، فقد كانت صناعة الحمضيات من الصناعات الرائدة في فلسطين التاريخية، حيث سيطر برتقال يافا على الأسواق العالمية بحلول عام 1900، مشكلاً ما نسبته 77% من قيمة الصادرات الفلسطينية.

تم هدم صناعة الحمضيات خلال النكبة، فبعد أحداث عام 1948، أصبح مصير برتقال يافا قيد الحوار الدولي، ففي مؤتمر لوزان عام 1949، طالب اللاجئون الفلسطينيون بحق العودة إلى بساتين البرتقال خاصتهم مؤكدين على حقهم في العناية بأراضيهم وزراعتها، ولكن بعد عام واحد فقط من ذلك، أصدرت إسرائيل قانون “أملاك الغائبين” الذي صادرت بموجبه جميع أملاك اللاجئين الفلسطينيين!

تم تدمير العديد من بساتين البرتقال، التي كان يوماً موطناً لأكثر من 400 عائلة فلسطينية، تم تحويلها إلى “كيبوتس” أي مساكن لليهود في يونيو عام 1948. 

  • حيفا عاصمة الصناعة:

خلال عشرينات القرن 20، كانت حيفا العاصمة الإدارية لفلسطين وبدأت الصناعات بالازدهار فيها، وكان التبغ أحد أهم مجالات التصنيع، استحوذ عليها المزارعون الفلسطينيون في السنوات الأولى للانتداب البريطاني.

ويعد مصنع “كرمان وديك وسلطي” الذي تأسس عام 1925، من اول وأشهر مصانع التبغ الفلسطينية، ويعود لأحد رواد الأعمال الفلسطينيين، الحاج طاهر كرمان، الذي كان يعد شخصية رئيسية في تطوير وتنمية الصناعة في حيفا، كما كان شخصية سياسية بارزة وأسس الحزب العربي الفلسطيني وكان عضواً في غرفة تجارة حيفا وفي اللجنة الوطنية التي ترأست الإضراب خلال الثورة الفلسطينية الكبرى في الثلاثينيات.

  • قيصرية:

هي إحدى المدن التاريخية في فلسطين، كانت قرية صيد وعاصمة فلسطين خلال العصرين البيزنطي والروماني، ويعد اسمها اليوم قيصرية النسخة العربية من الاسم القديم “قيسارية”، التي كانت بمثابة مركز فكري في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

في التاريخ الحديث، أصبحت قيصرية قرية للمهاجرين من جميع أنحاء العالم الإسلامي خلال الحكم العثماني، ففي عام 1880، تم تخصيصها لمسلمي البوسنة الهاربين من اضطهاد النمسا والمجر، وأعاد المجتمع البوسني إنشاء القرية وسط الآثار القديمة وعاشوا فيها حتى عام 1947، عندما أجبرتهم الميليشيات الصهيونية على النزوح.

  • قرية النبي روبين:

في كل عام في فلسطين كان يقام مهرجان النبي روبين في قرية النبي روبين التاريخية قرب الرملة، حيث كان عشرات الآلاف من الفلسطينيين من القرى المجاورة من يافا واللد والرملة يزورون ضريح روبين نجل النبي يعقوب، ويقيمون احتفالاً لمدة شهر يستقبلون فيه الحجاج، بالإضافة إلى إقامة الأسواق والأكشاك، وسلسلة من الاحتفالات الدينية التي كان يقيمها الدراويش.

في عام 1935، عُرض أول فيلم في مهرجان النبي روبين، فقد كان المهرجان مهماً لدرجة أن سكان المدن الحضرية والفلاحين حضروه على حد سواء، ولذلك ظل من أهم الأحداث الثقافية في فلسطين، لكنه أقيم آخر مرة عام 1946، قبل أن تقضي عليه النكبة عام 1948، عندما استولت قوات الهاغاناه على القرية والأراضي المحيطة بها، واليوم تقع مستوطنة “غان سوريك” غرب ضريح النبي روبين.

مقالات ذات صلة