لماذا تعمل إسرائيل على توسيع الحرب على غزة لتشمل مخيمات الضفة الغربية؟

بقلم أمير مخول

ترجمة وتحرير مريم الحمد

يشهد كل من مخيم نور شمس ومخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة حرب تدمير شاملة على يد الجيش الإسرائيلي، وذلك كجزء من خطة لاقتلاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، على غرار ما يحصل في غزة في مشهد يذكرنا بنكبة عام 1948.

من جهة أخرى، ينسجم هذا بالتأكيد مع رؤية إسرائيل للحرب المعلنة منذ فترة طويلة على الأونروا، والتي بلغت ذروتها خلال الحرب على غزة، فهل تتجه الأمور نحو حالة تهجير قسري في الضفة الغربية المحتلة؟!

لقد تم مداهمة مخيمي جنين ونور شمس بشكل متكرر منذ بداية الحرب على غزة، بشكل أشبه بممارسة سياسة اقتلاع في منطقة لطالما كانت تعد هدفاً للنشاط الاستيطاني المكثف.

ووفقاً للأونروا، هناك حوالي 870 ألف لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة يعيش غالبيتهم في مخيمات مكتظة تعتبرها إسرائيل حاضنات للكفاح الفلسطيني المسلح.

إسرائيل محبطة وغير قادرة على تحقيق أهدافها الحربية أو التراجع عنها، على الأقل في ظل الطبقة السياسية الحاكمة، ولذلك تتجه نحو تصعيد لا يمكن السيطرة عليه ضد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة، فالتوسع الاستيطاني لا يمكن أن ينجح ما دامت هذه المخيمات متماسكة داخلياً، لذا تريد إسرائيل تفكيكها بسرعة

منذ هجمة حماس في 7 أكتوبر وإعلان إسرائيل الحرب على غزة، تكرر على لسان كبار المسؤولين الإسرائيليين التنويه إلى فكرة الحرب الطويلة التي قد تستمر لسنوات وتغير وجه غزة والمنطقة بأكملها، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الحرب ستحقق أهدافها، فالحرب سوف تخلف سلسلة من الإخفاقات كذلك وهو ما بدأت آثاره تتكشف إسرائيلياً بالفعل.

إن الحديث عن حرب طويلة الأمد يتعارض مع عقيدة إسرائيل القديمة المتمثلة في الحروب السريعة وقصيرة المدى لتحقيق أقصى قدر من المكاسب في أقل قدر من الوقت لتجنب التداعيات، فقد أصبحت الحرب على غزة واحدة من أطول الحروب في تاريخ إسرائيل وتنافس بذلك حرب الاستنزاف مع مصر في الفترة بين 1969-1970.

الهدف النهائي لهذه الحرب هو إنهاء القضية الفلسطينية، ولذلك يتم القتال على جبهة واحدة عسكرياً، حيث تساهم إدارة بايدن بموارد عسكرية هائلة في مشروع بناء ميناء بحري يمكن أن يسهل النقل القسري للفلسطينيين من غزة عن طريق البحر، بعد أن رفضت مصر خطط تدفق اللاجئين إلى سيناء.

نزوح جماعي

بعد أن شنت إسرائيل حربها على غزة التي يعيش فيها 2.3 مليون نسمة في كثافة سكانية هي الأعلى في العالم، كان المقصود من وجود معبر رفح أن يكون بمثابة نقطة تجمع قبل النزوح الجماعي إلى سيناء، إلا أن رفض مصر لهذا المخطط حول رفح إلى معضلة إسرائيلية بلا حل.

في ظل ذلك، فإن غزو رفح يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الكارثة في غزة، ونتنياهو يصر على ذلك الاجتياح حتى الآن، لأنه لو تراجع فسوف يخسر نصره الموعود في الحرب، التي يزعم أنها تقع على بعد خطوات قليلة.

في نفس الوقت، تتوافق الحرب على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة مع الخطط التي وضعها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، لتوسيع المستوطنات، فما يقوم به المستوطنون من الهجوم على الفلسطينيين وإشعال النار في أراضيهم وممتلكاتهم يجري تحت حماية الجيش الإسرائيلي.

سقوط الحكومة الإسرائيلية سوف يكون حدثاً مهماً إن حصل نتيجة الحرب الحالية، ولكن ذلك لن يكون كافياً لتقديم أفق جديد للفلسطينيين، فلا يوجد بديل سياسي حقيقي لنتنياهو، لأن المشكلة في السياسة الإسرائيلية بشكل عام

على الصعيد الاستراتيجي، إسرائيل محبطة وغير قادرة على تحقيق أهدافها الحربية أو التراجع عنها، على الأقل في ظل الطبقة السياسية الحاكمة، ولذلك تتجه نحو تصعيد لا يمكن السيطرة عليه ضد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة، فالتوسع الاستيطاني لا يمكن أن ينجح ما دامت هذه المخيمات متماسكة داخلياً، لذا تريد إسرائيل تفكيكها بسرعة.

في ضوء ذلك، يمكن استخلاص عدة نقاط من الحرب التي تشنها إسرائيل على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، أهمها أنها محاولة لاقتلاع اللاجئين من أجل توسيع الدولة الإسرائيلية، وهذا ينسجم مع هدف الاقتلاع الحاصل في غزة أيضاً.

هناك قلق من أن يحدث التهجير القسري في الضفة الغربية المحتلة إذا لم يتم إيقاف هذه الخطة، فنحن لا نستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تستخدم حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية إسرائيل ومنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خاصة مع بوادر عزلة هذه القوة العالمية الكبرى وتراجع نفوذها الإقليمي.

لا شك أن سقوط الحكومة الإسرائيلية سوف يكون حدثاً مهماً إن حصل نتيجة الحرب الحالية، ولكن ذلك لن يكون كافياً لتقديم أفق جديد للفلسطينيين، فلا يوجد بديل سياسي حقيقي لنتنياهو، لأن المشكلة في السياسة الإسرائيلية بشكل عام.

من ناحية أخرى، فإن القادة الإسرائيليين ينظرون إلى التصعيد ضد الشعب الفلسطيني باعتباره مخرجاً وهمياً من تعمق الأزمة الشاملة التي تعيشها إسرائيل، ولذلك ينبغي أن يكون التركيز الأساسي في هذه المرحلة على تعزيز وجود الشعب الفلسطيني وحمايته وبقائه.

للإطلاع على النص الأصلي (هنا)

مقالات ذات صلة