لماذا يكافح العلماء المسلمين في الشرق الأوسط لإظهار الدعم والتضامن مع غزة ؟

بقلم أسامة الأعظمي

ترجمة وتحرير مريم الحمد

على مدى شهرين، كانت هناك موجة عالمية من التضامن مع غزة التي تعتبر أكبر سجن مفتوح في العالم، حتى وصفها طبيب بريطاني بأنها “مقبرة للأطفال داخل معسكر اعتقال في الهواء الطلق”.

تظاهر الملايين حول العالم بشكل غير مسبوق،  فقد أثارت المشاهد القادمة من غزة حزناً عميقاً وغضباً تجاه النظام العالمي الذي يقدم دعماً غير مشروط لإسرائيل.

جزء من دورهم (العلماء الموالون للدولة) إدارة الغضب العام من مما يحدث في غزة  تأييداً لدولهم الاستبدادية

كان هناك مواقف دعم من قبل عدد من علماء المسلمين أيضاً، رغم أن الوجود تحت ظل أنظمة استبدادية قام بعضها بالتطبيع مع إسرائيل، إلا أن غالبية العلماء أعربوا عن إدانتهم للهجوم الإسرائيلي على غزة، من بينهم علماء مصريون كانوا قد وقفوا مع انقلاب عام 2013 بقيادة السيسي.

نظرة دقيقة

على سبيل المثال، كان الشيخ علي جمعة، الذي دعم السيسي عام 2013، مؤيدًا قويًا للمقاومة الفلسطينية، ففي خطاب ألقاه مؤخراً أمام البرلمان المصري، تحدث بسخرية عن “الكيان الصهيوني”، فوصف الضحايا في غزة بأنهم شهداء مصيرهم الجنة، ودعا إلى الصبر على مقاومة إسرائيل “حتى يأتي نصر الله”، وفي خطاب آخر ألقاه في أحد المساجد بعد بضعة أسابيع، وصف جمعة الصهيونية بأنها “حركة نازية”.

لقد تعرض السديس للهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب دعمه للتطبيع مع إسرائيل، وإصراره على أن الحرب في غزة “فتنة”، حتى خرج بعد ذلك بأيام لدعم غزة، فانتقد إسرائيل صراحةً باعتبارها “المحتلة القمعية المعتدية”، كل هذا ضمن توجيهات الدولة التي لا يخرج عنها بطبيعة الحال

من جانب آخر، رغم تاريخه في معارضة الإخوان المسلمين في مصر، إلا أنه كان دقيقًا في حالة فلسطين، فهو يعترف بأن حماس لها روابط تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك فقد أكد على ضرورة دعم حماس، معلناً ذلك صراحة في مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي. 

تجدر الإشارة إلى أن جمعة هو أحد أبرز العلماء المقربين من الدولة في مصر، التي نسقت مع إسرائيل للحفاظ على الحصار المفروض على غزة، ولذلك فقد التزم الصمت بهذا الخصوص، مما يعكس طبيعة الرسائل المختلطة التي يمثلها هؤلاء العلماء، فجزء من دورهم  إدارة الغضب العام من مما يحدث في غزة  تأييداً لدولهم الاستبدادية.

من ناحية أخرى، إذا كان هناك دعم متزايد للقضية الفلسطينية من أطياف مختلفة حول العالم، فليس من المستغرب إذن أن يتطرق غالبية العلماء إلى هذه القضية.

دعم لا متناهي

لم يكن سبب اهتمام العلماء ودعمهم هو ارتباطات إيديولوجية لهم مع جماعة الإخوان المسلمين، فبالإضافة إلى الشيخ جمعة، هناك الشيخ أحمد الطيب، أكبر مسؤول ديني في مصر، وكلاهما موظفي دولة، لا يوجهون أي انتقاد مباشر للدولة المصرية، رغم استمرار إغلاقها لمعبر رفح، مما أدى إلى دعوة منتقدي الطيب إلى السفر لمعبر رفح لإظهار الدعم إلى جانب العديد من المصريين الآخرين للفلسطينيين في غزة.

يرفض الطيب حتى الآن القيام بذلك، الأمر الذي يوضح التناقضات لدى عالم ترعاه الدولة ويعمل في ظل الديكتاتورية المصرية!

من جانب آخر، هناك علماء مسلمون آخرون أقل وضوحاً في دعمهم لفلسطين، فقد وصلوا إلى مستوى غير مسبوق من الخضوع للسلطة في الآونة الأخيرة، ففي السعودية مثلاً، يُشار لموقفهم باسم “الاتجاه المدخلي”، الذي سمي على اسم ربيع المدخلي، وهو عالم سعودي يجادل بقوة في أي شيء غير الخضوع المطلق للحكام، وأبرز الأمثلة على هؤلاء عبد الرحمن السديس، إمام المسجد الحرام في مكة.

لقد تعرض السديس للهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب دعمه للتطبيع مع إسرائيل، وإصراره على أن الحرب في غزة “فتنة”، حتى خرج بعد ذلك بأيام لدعم غزة، فانتقد إسرائيل صراحةً باعتبارها “المحتلة القمعية المعتدية”، كل هذا ضمن توجيهات الدولة التي لا يخرج عنها بطبيعة الحال، مما يعكس محاولات الرياض تحقيق التوازن بين الرعب العام من العدوان الإسرائيلي وأجندة المملكة لمواصلة التحرك نحو التطبيع مع إسرائيل.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة