ماذا يعني تواجد مسلمين في البيت الأبيض؟

بقلم زينب إقبال

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

عندما تلقت مرشدة كبير بريدًا إلكترونيًا من البيت الأبيض يدعوها إلى الاحتفال السنوي بالعيد، حسبته في البداية بريداً عشوائياً.

لكنها أدركت بعد التدقيق في الأمر أن الدعوة كانت حقيقية، فقامت بالرد عليها قبل أن تتحرك للمشاركة في الاحتفال في الأول من أيار/ مايو.

كانت كبير واحدةُ من 400 مسلم حضروا احتفال العيد في البيت الأبيض لتكريم المسلمين الأمريكيين الملهمين الذين يقدمون مساهمات في جميع أنحاء البلاد. 

في مساء ذلك الاثنين، امتلأ البيت الأبيض بالمؤثرين المسلمين ومن بينهم العديد من صناع المحتوى الشباب الذين لم يعرف عنهم أي انتماء سياسي مثل كبير ومريم اشتياق و زبير محمد. 

يخاطب هؤلاء المؤثرون مجتمعين مئات الآلاف من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي عبر المحتوى التي يقومون بنشره.

وبالنسبة لمرشدة كبير، فقد هاجر والداها في الثمانينيات من جزيرة صغيرة في بنغلاديش، وعمل والدها في أعمال البناء بينما بقيت والدتها في المنزل لتعتني بالعائلة. 

وبحكم بعدها عن المجال السياسي، تفاجأت كبير عندما تلقت البريد الإلكتروني الذي دعاها لاحتفال العيد في البيت الأبيض.

شرحت كبير ذلك بالقول أنها شعرت بقيمة المحتوى الذي تنشره على منصات التواصل الاجتماعي وتأثيره في المتابعين إلى الحد الذي استدعى المسؤولين لدعوتها الى البيت الأبيض.

أما زبير محمد، منشئ المحتوى الذي يركز نشاطه على الأزياء والموضة الرجالية، فقد افترض أنه لا يُسمح إلا للقادة السياسيين بدخول البيت الأبيض، لذلك فقد صُدم أيضاً عندما تلقى الدعوة.

وأوضح محمد ذلك بالقول:” نحن المسلمون لدينا ما نقدمه ويمكننا أن نكون مؤثرين من خلال الظهور في مثل هذا النوع من الأنشطة”.

لكن العديد من المسلمين لا يتفقون مع هذا المنطق، بل إن رد فعلهم العنيف على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر قناعتهم العميقة بأنه كان على المؤثرين من المسلمين أن لا يقبلوا دعوة البيت الأبيض.

إذ تعتقد نردين كسواني، وهي ناشطة فلسطينية أن أولئك الذين حضروا احتفال عيد البيت الأبيض تعرضوا للخداع.

وكتبت كسواني:” لا يمكنك تمثيل المسلمين أو قضاياهم إذا كنت تبحث عن تناول الطعام والتطبيع مع ذات القوى التي تقصف اليمن وفلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها”.

دور المؤثرين

ويعتقد مصطفى بيومي، أستاذ اللغة الإنجليزية في كلية بروكلين، أن الحكومة الأمريكية تنظم مثل هذه الأحداث كـ “تمثيلية”، سيما وأن المسلمين الذين يتم دعوتهم لها لا يملكون سلطة حقيقية.

وفي عام 2014، لم يستجب باراك أوباما لمطالب الشعب بإيقاف قصف إسرائيل لغزة، بل إن إدارة أوباما دافعت وقتها علناً عن الهجمات الجوية الإسرائيلية على فلسطين.

وفي ذلك الوقت، رفض محمد خير الله، رئيس بلدية بروسبكت بارك بنيوجيرسي، حضور الإفطار الرمضاني في البيت الأبيض بسبب موقف أوباما من سوريا.

وبالمثل، أطلقت حملات منظمة لمقاطعة فعاليات دونالد ترامب بسبب عداوته للمسلمين، لكن الأمر يبدو مختلفاً عندما يتعلق الأمر بجو بايدن الذي باتت السياسة الخارجية في عهده هي المحفز الأهم لدى المجتمع المسلم.

ففي عام 2015، خططت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية لتوظيف “مؤثرين” للمساعدة في مكافحة التطرف العنيف، وتحديد المتطرفين المحتملين مستقبلاً وهي خطوة تكاد تستهدف المسلمين حصراً.

وجاء في وثيقة وزارة الأمن الوطني لعام 2015 “يجب علينا تصميم نظام للتأثير يمكن أن يقلل بشكل كبير من جاذبية الأيديولوجية المتطرفة”.

لكن أبناء المجتمعات التي تضررت من هذه السياسات مازالوا يشاركون في الفعاليات التي تستضيفها الإدارة نفسها.

ويجادل بيومي قائلاً أن لدى العديد من المجموعات توجه للمشاركة في أنشطة الحكومة الأمريكية وخاصة مجموعات المهاجرين القادمين من دول ذات أنظمة استبدادية. “.

بدورها، تعتقد مريم اشتياق وهي صانعة محتوى تركز على نمط الحياة والطعام والأمومة أن حضور مثل هذه الفعاليات مفيد أكثر من البقاء بعيدًا عنها.

وأوضحت أنها باتت على دراية كاملة بسياسات الإدارة الأمريكية في قضايا مثل إسرائيل وفلسطين، لكنها تؤمن أن ظهور النشطاء في الفعاليات يعزز قدرتهم على “إحداث التغيير”.

ويعتقد محمد أن الحضور في البيت الأبيض له تأثير جيد فعندما يحضر المسلمون مثل تلك الأنشطة يعلنون أنهم ينتمون إلى المكان.

وتابع محمد:” يجب أن نكون في هذه المساحات، فإذا كنت لا تحضر، فسوف تنسى وسيتم تهميشك”.

ويقول محمد إنه يقضي ساعات في إرسال رسائل بريد إلكتروني إلى أصحاب العلامات التجارية وفي معظم الأوقات لا يتلقى رداً، لكنه عندما يحضر نشاطاً وجاهياً يقابلهم شخصيًا ويحدث تأثيرًا أكبر.

ويعتبر محمد ذلك جزءاً من دواعي قبوله للدعوة إلى البيت الأبيض ويقول إنه سيقبلها مرة أخرى إذا تمت دعوته العام المقبل.

وختم:” من المهم بالنسبة لي أن أضع ثقافتي وديني في المقدمة، وفي الوقت ذاته، أريد أن يعرف الناس من أكون كفرد وأن يدركوا أن الأجيال القادمة لديها دائمًا مساحة على الطاولة”.

مقالات ذات صلة