ما الذي يعنيه أن تلد سيدة في المنزل في غزة؟

بقلم مها الحسيني

ترجمة وتحرير مريم الحمد

مستخدمة مقص ورق ومشابك ملابس بلاستيكية وضوء هاتف محمول، قطعت الغزاوية نور معين الحبل السري لابنة أختها المولودة حديثًا، ففي ظل القصف المكثف، لم يكن هناك أي معدات أو كهرباء لتستخدمها الممرضة أثناء ولادة طفلتها الرضيعة!

لقد كان أقرب مستشفى لهم في القطاع مفتوحاً، لكن العائلة لم ترد المخاطرة بمغادرة المنزل في منتصف الليل والمشي بين الأحياء المحيطة بسبب الخوف من التعرض لأي هجوم.

لم تكن هناك معدات طبية في غزة بشكل عام، فقد دمر الجيش الإسرائيلي 52 منشأة طبية و56 سيارة إسعاف في قطاع غزة، وقتل ما لا يقل عن 283 من العاملين في مجال الرعاية الصحية

من جانب آخر، كانت المستشفيات وسيارات الإسعاف في غزة قد اكتظت بمن قتلوا أو جرحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية، ولم يكن أمام آية، شقيقة معين، خيار سوى الولادة في منزل عائلتها الذي كانت قد نزحت إليه في أول أيام الحرب.

تقول ندى نبيل، شقيقة زوج آية، “في حوالي الساعة 1 صباحًا، بدأ ألم المخاض لدى آية وكان قويًا جدًا، خلال نصف ساعة، بدأ رأس الجنين في الظهور فكان علينا التصرف فورًا، كان الذهاب إلى المستشفى بمثابة حكم بالإعدام على آية والطفلة وكل من يرافقها، لأن القصف كان مكثفاً، فقد كانت الدبابات الإسرائيلية منتشرة في المناطق المجاورة”.

نور أخت آية هي ممرضة لطالما ساعدت الأطباء في توليد الأطفال وإجراء العمليات الجراحية القيصرية، ومن هنا قررت أن تفعل ذلك في توليد أختها إنقاذاً لها ولجنينها، ولكن انعدام الكهرباء والمعدات كان التحدي الأكبر.

تقول ندى، “خلال الحرب، اعتدنا على الجلوس في الظلام، وأحيانًا مع شمعة صغيرة أو ضوء LED، لكن هذه المرة لم يكفنا ضوء الشموع، فاضطررنا لتشغيل ضوء البطارية في هواتفنا رغم أنها كانت على وشك الانتهاء”.

هناك حوالي 55 ألف امرأة حامل في غزة بحاجة إلى رعاية صحية منتظمة

وصفت ندى حادثة ولادة أحدث فرد في العائلة بأنها كانت أقرب لمشهد سينمائي أو خيالي، تقول “كانت النساء يوجهن كشافات الهواتف نحو آية والرجال في الخارج يصلون من أجل سلامتها، كل من في المبنى كان مستيقظاً يدعو لآية”، وأضافت “كانت أصوات القصف ممزوجة بصرخات آية، كان كل شيء سرياليًا، لا يمكن تخيل المشهد”.

لم تكن هناك معدات طبية في غزة بشكل عام، فقد دمر الجيش الإسرائيلي 52 منشأة طبية و56 سيارة إسعاف في قطاع غزة، وقتل ما لا يقل عن 283 من العاملين في مجال الرعاية الصحية.

لم يكن هناك سوى الأدوات المنزلية التي وجدوها في المنزل للولادة، تقول ندى، “الوقت كان ينفد وبدأنا نخشى على حياة الطفلة، وكانت أصوات الدعاء ترتفع وكنت أحمل هاتفي المحمول مع الشعلة، وأقرأ القرآن وأبكي، وبعد دقائق قليلة، ولدت الطفلة، فكانت لحظة ارتياح لنا جميعاً، واحتضنت نور آية بقوة وقبلتها على جبينها”.

أشارت ندى إلى أنهم تمكنوا من تدبر أمورهم باستخدام مقص ورق ومشابك ملابس معقمة، تقول ندى “اضطرت نور إلى تنظيف رحم آية واستخراج المشيمة يدويًا، ولحسن الحظ أنها لم تضطر إلى قطع جزء من مهبلها أثناء الولادة، لذلك لم تكن بحاجة إلى خياطة جسدها”.

وقد أشارت طبيبة التوليد وأمراض النساء في مستشفى العودة في شمال قطاع غزة، الدكتورة عدن راضي، إلى أن هناك حوالي 55 ألف امرأة حامل في غزة بحاجة إلى رعاية صحية منتظمة، تقول ندى “أطلقنا على الطفلة اسم ماسة لأن الظروف التي ولدت فيها كانت غير عادية، وأيضاً لأنها ثمينة وعنيدة، لقد أصرت على العودة إلى الحياة في ظل كل هذه الظروف”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة