ما هي الأسرار التي كشفتها الوثائق الأمريكية المسرّبة عن الشرق الأوسط؟

كشفت وثائق استخبارية أمريكية مسربة عبر الإنترنت خلال الأيام القليلة الماضية النقاب عن معلومات هامة تتعلق بالجيش الروسي وعملياته الحربية في أوكرانيا، فضلاً عن مستوى مراقبة واشنطن لحلفائها الرئيسيين.

ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي في الجهة المسؤولة عن تسريب الوثائق التي وصلت إلى واشنطن بوست وصحف أخرى، والتي تتضمن معلومات متعلقة بالشرق الأوسط.

وتتضمن الوثائق معلومات عن تركيا وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة ومصر، حيث تسلط إحدى الوثائق الضوء على خطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتزويد روسيا سرا بالصواريخ.

ووفقا لوثيقة سرية للغاية نشرتها واشنطن بوست يوم الثلاثاء، فقد أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شباط/ فبراير بإنتاج 40 ألف صاروخ، ضمن خطة سرية “لتجنب المشاكل مع الغرب”.

وتشير الوثيقة، المؤرخة في 17 فبراير، إلى خطط للسيسي لتزويد روسيا بقذائف المدفعية والبارود والصواريخ، لكن وسائل إعلام مصرية نقلت عن مصدر مصري الثلاثاء، القول أن التقرير “لا أساس له من الصحة”.

التعاون المصري مع روسيا

ولم ينف مسؤول حكومي أمريكي رفض الكشف عن هويته المعلومات الاستخباراتية لكنه قال لصحيفة واشنطن بوست إن واشنطن “ليست على علم بتنفيذ تلك الخطة”.

ومع ذلك، فإن الادعاء بأن مصر فكرت حتى في مجرد تسليح روسيا يعد أمرا مثيرا للقلق، حيث تعتبر القاهرة واحدة من أقدم شركاء واشنطن في الشرق الأوسط وتتلقى حوالي 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية من واشنطن.

لكن العلاقات بين الحليفين توترت في السنوات الأخيرة، خاصة عندما أعلنت إدارة بايدن في أيلول/ سبتمبر أنها ستمتنع عن إرسال 130 مليون دولار من المساعدات لمصر بسبب قضايا حقوق الإنسان.

واتهمت هيومن رايتس ووتش السيسي مرارا بالإشراف على حملة قمع عنيفة ضد المعارضين، حيث صنفت مصر ثالث أسوأ دولة تسجن الصحفيين في العالم، وفقًا للجنة حماية الصحفيين.

غضبت مصر من انتقادات واشنطن وتحولت إلى مسار التقارب مع روسيا والصين لتنويع شركائها.

وكانت مصر قد رفضت دعم العقوبات الغربية ضد روسيا، ومضت في ملفات الشراكة معها في مجالات بناء محطة للطاقة في مصر واستيراد القمح الروسي فضلا عن التعاون في بعض الملفات الإقليمية مثل ليبيا.

ويعتبر التقرير المسرب محرجاً لواشنطن لأنه يحتوي على حديث متبادل بين السيسي ووزير الدولة للإنتاج الحربي، تعهد في الأخير بمضاعفة الأنشطة في المصانع العسكرية في مصر لتلبية طلب روسيا.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد ذكرت أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن طلب من مصر في آذار/ مارس تزويد أوكرانيا بذخيرة مدفعية مما في حوزتها من العهد السوفيتي دون أن تلقى أي التزام بذلك.

جواسيس روس في دبي

وسلطت التسريبات كذلك الضوء على دفء علاقات روسيا بالإمارات العربية المتحدة التي تعد أيضا شريكا وثيقا للولايات المتحدة.

فقد زعمت وثيقة منفصلة نشرتها وكالة أسوشيتيد برس أن الجواسيس الروس تفاخروا بإقناع الإمارات “بالعمل معًا ضد وكالات المخابرات الأمريكية والبريطانية”.

وقالت الوثيقة أن الإمارات ربما تعتبر التعامل مع المخابرات الروسية فرصة لتعزيز العلاقات المتنامية بين أبو ظبي وموسكو وتنويع الشراكات الاستخباراتية في ظل المخاوف من فك ارتباط الولايات المتحدة في المنطقة”.

وكانت إليزابيث روزنبرغ، مسؤولة وزارة الخزانة الأمريكية، قد قالت في تصريحات لها في آذار /مارس إن الإمارات صدرت إلى روسيا بين حزيران/ يونيو وتشرين ثاني/ نوفمبر 2022 أجهزة شبه موصلة مزدوجة الاستخدام ويمكن أن تستخدم في التكنولوجيا العسكرية.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، كانت الإمارات ماضية في تصدير طائرات بدون طيار إلى روسيا، وفقًا لبيانات الحكومة.

وتحت الضغط الأمريكي، ألغت الإمارات الترخيص الذي أصدرته لبنك MTS الروسي في آذار/ مارس، مشيرة إلى “مخاطر العقوبات” المرتبطة بالمقرض.

فاغنر في تركيا

وتقول وثيقة أخرى نشرتها صحيفة نيويورك تايمز إن ممثلين عن مجموعة المرتزقة فاغنر الروسية اجتمعوا مع “جهات اتصال تركية” في فبراير في محاولة لشراء أسلحة ومعدات للمقاتلين في أوكرانيا.

وزعمت الوثيقة أن دولة مالي في إفريقيا يمكن أن تعمل كوكيل للحصول على الأسلحة التركية نيابة عن مجموعة المرتزقة.

وخلال العام الماضي، عقد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز لقاءً مع رئيس المخابرات الروسية في العاصمة التركية لمناقشة الأسلحة النووية والسجناء الأمريكيين المحتجزين في السجون الروسية.

ومع احتدام الحرب في أوكرانيا، ارتفعت قيمة السلع الثنائية المتبادلة بين تركيا وروسيا بنحو 200 في المائة، وأخذت أنقرة تستورد الطاقة الروسية مخفضة السعر بكميات مهولة.

وتعرضت تركيا لضغوط من شركائها الغربيين لتقليص العلاقات الاقتصادية مع موسكو، حيث توقفت الشركات التركية في آذار/ مارس عن تقديم الخدمات للطائرات غربية الصنع المملوكة لشركات الطيران الروسية، بعد تحذيرات من المسؤولين الأمريكيين.

أسلحة إسرائيل “فتاكة”

وتتنبأ الوثائق المسربة بأن إسرائيل يمكن أن تزود أوكرانيا بالسلاح تحت ضغط أمريكي متزايد أو “تدهور ملحوظ” في علاقاتها مع روسيا.

أدانت تل أبيب، أقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، الغزو الروسي وقدمت لأوكرانيا مساعدات إنسانية، لكنها رفض مناشدات كييف للحصول على دعم عسكري.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون علنًا إنهم لا يريدون إفساد العلاقات مع موسكو بسبب مخاوف من أن ذلك قد يؤثر على قدرتهم على القيام بعمليات عسكرية في سوريا، حيث تحتفظ روسيا بقوات وأنظمة دفاع جوي.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن السيناريو “الأكثر منطقية” الذي تتبناه إسرائيل هو “النموذج التركي”، حيث تقدم السلاح لأوكرانيا من خلال أطراف ثالثة بينما تضع نفسها كوسيط في الصراع.

وقد تستفيد واشنطن من التعاون العسكري الروسي المتنامي مع إيران في إقناع إسرائيل بزيادة مساعداتها لأوكرانيا، وقد يتسبب إسقاط طائرات إسرائيلية في سوريا بالسلاح الروسي في تسريع ذلك.

دعم الموساد احتجاجات إسرائيل

تزعم مجموعة أخرى من الوثائق المسربة أن وكالة التجسس الإسرائيلية “الموساد” شجعت الإسرائيليين سراً على الانضمام إلى الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي الذي اقترحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وتشير الوثائق إلى أن الولايات المتحدة علمت ذلك من “استخبارات الإشارات” بمعنى أن الولايات المتحدة تجسست على أقرب حليف لها في المنطقة.

ودان مكتب نتنياهو الأحد التقارير التي تتحدث عن دور الموساد في المظاهرات ووصفها بأنها “كاذبة ولا أساس لها على الإطلاق”.

ويأتي الكشف عن هذه الوثائق بعد أن اتهم إسرائيليون موالون للحكومة الولايات المتحدة بتدبير ودعم الاحتجاجات سراً ضد نتنياهو.

مقالات ذات صلة