ما هي نهاية اللعبة المدمرة في غزة؟!

بقلم أمير مخول 

ترجمة وتحرير مريم الحمد

مؤخراً، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأن خطة الحكومة الإسرائيلية تجاه غزة تتضمن غزواً برياً طويل الأمد، ينتج عنه “نظام أمني” جديد في القطاع، كما أكد على “إخلاء مسؤولية إسرائيل عن حياة الناس” في غزة، ولم يتحدث غالانت بشكل واضح عن الشكل الأمني الجديد الذي يقصده، ولكنه أشار إلى أن مساحة غزة سوف تتقلص مع إنشاء منطقة عازلة.

في الوقت نفسه، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنه “من حق إسرائيل، بل من واجبها الدفاع عن مواطنيها”، مشدداً على التزام إسرائيل بحماية شعبها.

وفي الجبهة الشمالية مع لبنان، تتصاعد حدة الاشتباكات العسكرية اليومية، الأمر الذي ينذر بحرب شاملة مدمرة، فالوضع يقترب من منعطف حرج رغم عدم رغبة أي من الأطراف بذلك، فقد دعا محللون إسرائيليون إلى توجيه ضربة استباقية شمالاً، تزامناً مع تدمير حماس في غزة، من أجل القوة في لبنان.

ليس من الضرورة أن تعبر التصريحات عن أهداف أو أولويات فعلية، فخطة جالانت، مثلاً، تندرج ضمن تكتيكات “الحرب الهجينة”، التي تسعى إلى انهيار العدو من الداخل قبل بدء المرحلة التالية من الحرب

الحقيقة هي أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفتقر إلى هدف واضح عقب الهجوم المفاجئ الذي شنه المقاتلون الفلسطينيون في 7 أكتوبر، فما زالت  مشاعر الصدمة والفشل والانتقام تسيطر على الموقف.

وفي ظل مخاوف من سعي إسرائيل إلى تغيير ديموغرافي دائم في غزة، رفضت مصر والأردن بشدة مقترح إعادة توطين الفلسطينيين قسراً في أي من البلدين.

رغم ذلك، فإن تشكيل حكومة الحرب الإسرائيلية، بمشاركة زعيم المعارضة بيني غانتس مع تحييد الوزراء المتشددين، يشير إلى بلورة خطة إسرائيلية طويلة المدى تتضمن تقليص مساحة غزة، ودفع سكانها جنوبًا، والتسبب في دمار كبير والقضاء على حماس وسلطتها، وضمان استدامة هذه الإجراءات من خلال منطقة عازلة وسلطة مدنية برعاية دولية، وهو النموذج نفسه الذي حاولت إسرائيل تطبيقه على لبنان قبل 4 عقود ولكنها فشلت.

لا أفق لحل سياسي

حتى الآن، تحظى الحكومة الإسرائيلية بدعم الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وهي لا تخفي نيتها تقويض حماس والقضاء عليها من ناحية، وتقويض أي مطالبة فلسطينية بإقامة دولة مستقلة من ناحية ثانية، وعلى الرغم من الصدمات العسكرية والأمنية الأخيرة التي تعرضت لها إسرائيل، لم يحدث أي تغيير جوهري في نهجها تجاه احتلالها ولم تطرح أي قوة سياسية في البلاد حلاً سياسياً عادلاً.

أما في الولايات المتحدة، فقد طلب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من الكونغرس تخصيص عشرات المليارات من الدولارات كدعم طارئ لإسرائيل وأوكرانيا، فقد بات من الواضح أن فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها سوف تكون لها انعكاسات على النفوذ الأمريكي المتراجع أصلاً في المنطقة، وعلى أولويات واشنطن بشكل عام.

ليس من الضرورة أن تعبر التصريحات عن أهداف أو أولويات فعلية، فخطة جالانت، مثلاً، تندرج ضمن تكتيكات “الحرب الهجينة”، التي تسعى إلى انهيار العدو من الداخل قبل بدء المرحلة التالية من الحرب، كما أن هذه التصريحات تعتبر شكلاً من أشكال الحرب النفسية في ظل استمرار إسرائيل في قصف غزة بالقنابل منذ أكثر من أسبوعين.

لقد ثبت حتى الآن أن الحملة التي تقوم بها إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، لقمع الشعب الفلسطيني هي مهمة مستحيلة

يبدو أن إسرائيل تريد إعادة فرض سيطرتها على شمال قطاع غزة، بعد خطة فك الارتباط وتفكيك المستوطنات في عام 2005، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أن الكنيست كان قد ألغى في وقت سابق من هذا العام بنود قانون فك الارتباط المتعلقة بالمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة .

تزامن مع الحرب على غزة أيضاً، تصعيد خطير في الضفة الغربية المحتلة، بالشراكة بين الجيش والحكومة وعصابات “شباب التلال” المتطرفة، إلى جانب حملة إرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.

تطهير عرقي وجرائم حرب!

لاشك أن المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية في غزة تقع على عاتق الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، بالإضافة إلى معظم الدول الأوروبية الكبرى، حيث تتعرض غزة الآن إلى إبادة جماعية وجرائم حرب، أدت إلى موجة عالمية من الاحتجاج والغضب الشعبي، وتصدعات في النظام الإعلامي الغربي، الذي طالما برر جرائم إسرائيل وافتراءاتها، حيث بدأ الصحفيون والمحللون في التحول نحو القضية الفلسطينية.

لقد ثبت حتى الآن أن الحملة التي تقوم بها إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، لقمع الشعب الفلسطيني هي مهمة مستحيلة، فسوف يبقى الشعب الفلسطيني وقضيته في صدارة جدول الأعمال العالمي، وفي الوقت نفسه، لا توجد نهاية واضحة للصراع الحالي.

ليس من الضروري أن يؤدي كل ما تخطط له إسرائيل والولايات المتحدة النجاح من وجهة نظرهما، فعلى أرض الواقع، هم في الغالب ما زالوا يتعثرون، حتى أن بايدن اعترف بفشل الأهداف الأمريكية في المنطقة بعد هجمات 11 سبتمبر.

بعيداً عن كل ذلك، فما من شك بأن هذه الحرب كارثية بالفعل، وهناك شعور متصاعد نحو الحاجة لموقف عربي استراتيجي موحد، مثل مؤتمر السلام الأخير الذي استضافته مصر، حيث تمثل القاهرة التحدي الإقليمي الأكثر أهمية لإنجاح المشروع الإسرائيلي الأمريكي، وفي نهاية المطاف، فإن التراجع الإقليمي في النفوذ الإسرائيلي والأمريكي، إلى جانب تحولات القوى العالمية الأوسع، قد تشكل عوامل حاسمة في كيفية تطور الصراع الحالي.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة