من هو المرشح الذي كلفته المعارضة بمهمة إزاحة أردوغان عن سدة الرئاسة؟

أعلنت “الطاولة السداسية” لتحالف المعارضة التركية رسميًا في وقت سابق ترشيح كمال كيليتشدار أوغلو لمواجهة رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 14 مايو/ أيار المقبل.

ويترشح رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP) البالغ من العمر (74) عامًا للمنصب لأول مرة في حياته.

ساعد كيليتشدار أوغلو في تحويل الحزب الذي أسس جمهورية تركيا من منظمة سياسية علمانية إلى منظمة ديمقراطية تصنف ضمن يسار الوسط.

و مع سيطرة أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” على المشهد السياسي لعقود من الزمن، سعى كيليتشدار أوغلو إلى إقامة تحالفات مع أحزاب معارضة أخرى، وحاول توسيع القاعدة التقليدية لناخبي حزبه.

ويعد كيليتشدار أوغلو من هندس فوز حزبه في المدن الكبرى وأبرزها اسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية عام 2019 بعدما كان حزب العدالة والتنمية يسيطر عليها منذ التسعينات.

ولد في قرية باليجا النائية بولاية تونجلي في الأناضول لأسرة فقيرة تدعي أنها من سلالة النبي محمد، وكان والده موظفًا حكوميًا يعيل عائلته المكونة من سبعة أطفال، ودرس العلوم المالية ثم عمل كمفتش ضرائب في العام 1971.

وينتمي كيليتشدار أوغلو إلى الطائفة العلوية، وكان عضوًا في المنظمات السياسية اليسارية حتى بداية حياته المهنية في الخدمة المدنية، حيث عمل مديرا عاما لمؤسسة التأمين الاجتماعي التركية (SSK)التي يتهمه أردوغان بالمسؤولية عن إفلاسها.

وبعد تقاعده من الخدمة المدنية، تم تجنيد كيليتشدار أوغلو في حزب الشعب الجمهوري، وانتخب عضوا في البرلمان عام 2002، واكتسب شهرة من خلال إثارة مزاعم الفساد ضد شخصيات وازنة في حزب العدالة والتنمية عام 2008، ثم ترشح لمنصب عمدة إسطنبول عام 2009، لكنه خسر الانتخابات.

قيادة حزب الشعب الجمهوري

أصبح كيليتشدار أوغلو رئيسًا لحزب الشعب الجمهوري عام 2010، بعد أن أُجبر سلفه دنيز بايكال على الاستقالة بسبب فضيحة جنسية.

ومنذ ذلك الحين، ظل يحاول توسيع القاعدة الشعبية لحزب الشعب الجمهوري من خلال تغيير نسيج الحزب وبناء تحالف متنوع بين الأحزاب متعددة الأيديولوجيا باعتبار ذلك الطريقة الوحيدة لهزيمة أردوغان.

ألحق كيليتشدار أوغلو بحزبه سياسيين أكراد وإسلاميين بعدما كانوا الأعداء التقليديين لحزب الشعب الجمهوري، والذي كان هدفه الوحيد هو حماية المؤسسة العلمانية التي تهيمن عليها نخبة من القضاة والجنرالات وأصحاب الرتب العليا من البيروقراطيين.

تراجع الحزب في عهده عن سياسة حظر الحجاب في الجامعات والمكاتب العامة، وأنهى الصراع مع الحكومة حول التعبيرات الدينية عن المعتقدات، لينتقل من الخط الأيديولوجي الكمالي إلى موقف أكثر انفتاحًا وواقعية.

وفي عام 2014، أسس تحالفًا انتخابيًا مع حزب الحركة القومية التركي، الذي كان خلال السبعينيات خصمًا شرسًا لحزب الشعب الجمهوري، فرشح الحزبان أكمل الدين إحسان أوغلو، وهو قومي ذو جذور إسلامية، للانتخابات الرئاسية.

أثار هذا الاختيار غضب القواعد الشعبية التقليدية وحتى أعضاء البرلمان عن الحزب، وفاز أردوغان في الانتخابات، لكن كيليتشدار أوغلو لم يغير استراتيجيته.

واصل الانخراط مع حزب الحركة القومية ودعم بصمت حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد لخوض الانتخابات البرلمانية في العام التالي، والتي كان يأمل أن تحرم حزب العدالة والتنمية من الأغلبية.

وكما كان متوقعًا، فقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته واضطر إلى البدء في بناء تحالف للحكم، لكن انتصار المعارضة كان قصير الأمد، فبعد بضعة أشهر، تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة واستعاد حزب العدالة والتنمية أغلبيته وسط تصاعد الهجمات الإرهابية والعنف الذي تمارسه الجماعات المسلحة.

قلبت محاولة الانقلاب العسكري عام 2016 المشهد السياسي ومنحت أردوغان طريقا لتحويل النظام البرلماني التركي إلى نظام رئاسي فتعطلت خطط كيليتشدار أوغلو مجددا.

نفذ أردوغان في أعقاب محاولة الانقلاب حملة إقالات جماعية من مؤسسات الدولة والقضاء، فأطلق كيليتشدار أوغلو “مسيرة العدالة” من أنقرة إلى اسطنبول، سيراً على الأقدام لمدة 25 يومًا وهو يهتف “الحق وسيادة القانون والعدالة”.

قيادة التحالفات

في عام 2018، قاد كيليتشدار أوغلو تحالفًا انتخابيًا اخر مع زعيمة الحزب القومي التركي المنشق ميرال أكشينار والزعيم القديم لحزب السعادة الإسلامي تيميل كارا مولا أوغلو، وترشح محرم إنجه وهو من حزب الشعب الجمهوري عن جبهة المعارضة التي أطلق عليها اسم “تحالف الأمة”.

فاز أردوغان بولاية أخرى ضد إنجه أحد منتقدي كيلتشدار أوغلو الذي اضطر إلى ترك الحزب بعد الهزيمة الساحقة، ثم بدأ كيليتشدار أوغلو في تطهير حزبه من منتقديه الكماليين القدامى الذين عارضوا العمل مع أحزاب المعارضة المختلفة.

وفي العام التالي، نسج كيليتشدار أوغلو تفاهمات مع قيادة حزب الشعوب الديمقراطي الموالية للأكراد، بهدف تقديم مرشحين مشتركين لرئاسة البلدية في اسطنبول وأنقرة وأنطاكيا وغيرها من المراكز الحضرية الكبرى.

واختار كيليتشدار أوغلو أسماء مثيرة للجدل أهمها أكرم إمام أوغلو لبلدية إسطنبول، والقومي التركي منصور يافاش لبلدية أنقرة ففاز تحالف الأمة من خلالهما في المدينتين الكبيرتين عام 2019.

تعرض كيليتشدار أوغلو للاعتداء العلني خلال حضوره جنازة في ريف أنقرة لجندي قتل برصاص حزب العمال الكردستاني وتم إنقاذه من قبل قوات الأمن.

كانت الحكومة تتهم كيليتشدار أوغلو بالعمل مع حزب العمال الكردستاني عبر التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي، وهي تهم رفضها الحزب ووصفها بالمؤامرة.

بدأ كيليتشدار أوغلو بالتحالف مع الأحزاب الليبرالية والمحافظة الأخرى مثل حزب المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وكذلك حزب ديفا بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق على باباجان.

طاولة الستة

ومعًا، أصبح تحالف المعارضة معروفًا باسم “الطاولة السداسية” التي وضعت في برنامجها إجراء تعديلات دستورية لإعادة البلاد إلى النظام البرلماني و خطة لإصلاح الديمقراطية التركية.

ولا يُعرف الكثير عن السياسة الخارجية لكيليتشدار أوغلو، لكن المقربين منه يقولون إن الحكومة تحت قيادته ستعيد توجيه تركيا إلى الغرب مع الحفاظ على نهج متوازن مع روسيا.

ومن المتوقع أيضًا أن يقوم كيليتشدار أوغلو برفع مستوى التطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد بينما يبحث عن طرق لإعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين إلى وطنهم على أساس طوعي.

قال كيليتشدار أوغلو العام الماضي إنه سيحاسب إسرائيل والسعودية واليونان على الخطوات التي اتخذتها ضد تركيا في السنوات الأخيرة، ووعد بالتراجع عن سياسات أنقرة الأخيرة التي سعت إلى الانفراج مع جيرانها ومنافسيها الإقليميين.

مقالات ذات صلة