وكأن القصف لم يكفِهم! نقص حاد في الغذاء والدواء يعصف بأهل السودان

بعد نحو أسبوعين من الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان ، يكافح السودانيون للعثور على الطعام والإمدادات الحيوية الأخرى في ظل ارتفاع الأسعار ونهب المتاجر وتدمير البنية التحتية بسبب القتال.

ويشكو المواطنون من أسعار المواد الغذائية الباهظة التي لا زالت متوفرة في بعض المحلات التجارية ومحلات السوبر ماركت في الخرطوم جراء الإشكالات التي باتت تواجه سلاسل التوريد.

وأكد صاحب أحد المتاجر أن الارتفاع في أسعار البضائع يعود إلى ارتفاع تكاليف النقل.

وفي مدينة ود مدني الواقعة جنوب الخرطوم، ارتفعت الأسعار في متاجر البقالة بنسبة 40-100%، حيث يتم الآن بيع المواد الأساسية مثل المياه المعبأة بضعف سعرها المعتاد.

كما ارتفع سعر التذكرة الواحدة لحافلات النقل إلى مصر المجاورة إلى 400 دولار أمريكي أو يزيد، في حين وصلت تكلفة الإقامة في شقة بغرفة نوم واحدة إلى 100 دولار في الليلة. 

وفي ولاية الجزيرة، التي شهدت قتالًا ضئيلًا نسبيًا، تؤجر غرفة الاستوديو مقابل 50 دولارًا في الليلة.

وبحسب المجلس النرويجي للاجئين فقد ارتفعت أسعار الوقود من 4.20 دولاراً إلى 670 دولارًا للغالون، فيما تراجعت خدمات الإنترنت إلى 2% من طاقتها السابقة بحسب “افريكا كونفيدنشال”.

“بالنسبة لمعظم السودانيين، إذا لم يذهبوا إلى العمل في الصباح، فلن يتمكنوا من إطعام أسرهم”- منعم آدم، المدير السوداني لبرنامج الوصول إلى العدالة.

وحذرت مجموعة من الجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة إنقاذ الطفولة من الخطر الجسيم الذي يواجهه الأطفال في السودان إذا استمر تجاهل وقف إطلاق النار من قبل الجانبين.

انتشار الفقر

وفي شباط/ فبراير، قبل بدء القتال، ذكرت الأمم المتحدة أن 11.7 مليون شخصاً في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. 

وبينما قالت الأمم المتحدة العام الماضي أن ما يقرب من نصف أهالي السودان يعيشون تحت خط الفقر، فإن هناك من يقول أن الرقم الحقيقي يصل إلى 80%.

وقُتل أكثر من 500 شخص منذ اندلاع القتال في 15 نيسان/ أبريل.

“إن نقص الطعام و المياه المفلترة ينذر بمشكلة كبيرة، فإذا لم يمت الناس من القصف والرصاص فسوف يموتون من الجوع إذا لم يتم إصلاح هذا الحال”- هند فضل – من سكان الخرطوم 

كان السودان، وهو مستورد كبير للقمح، يعاني من تعطل سلاسل التوريد وزيادة الأسعار الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.

واضطر المزارعون السودانيون لسنوات عديدة إلى محاربة تغير المناخ والظروف الاقتصادية الصعبة، كما انتقل العديد منهم إلى المدن أو إلى الخارج نتيجة لذلك.

وظهرت العديد من المبادرات المحلية عقب اندلاع القتال، حيث يسعى بنك الطعام بمدينة الخرطوم، والمكون من شباب من مختلف أنحاء العاصمة، إلى توفير الطعام للأسر في الأحياء المتضررة من الحرب.

وقام مكرم وليد، وهو طبيب يبلغ من العمر 25 عامًا بتكوين مجموعة نشطة على تطبيق واتس آب تضم 1200 عضو منتشرين في جميع أنحاء الخرطوم ومدينة أم درمان لمشاركة المعلومات حول توفر المنتجات الأساسية.

وقادت لجان المقاومة، وهي شبكات ناشطة كانت في طليعة الحركة السودانية المؤيدة للديمقراطية، الجهود لتوزيع الغذاء والماء على من يحتاجون إليه في أكثر المناطق خطورة.

المصانع المدمرة

كما تأثر توريد الاحتياجات الضرورية جراء تدمير البنية التحتية الرئيسية في القتال.

فقد انتشرت يوم الأحد مقاطع فيديو تظهر تدمير مصنع سيقا للصناعات الغذائية والذي يعد أحد أكبر منتجي الخبز والطحين ومستوردي القمح في السودان، بعد أن قصفه كل من الجيش وقوات الدعم السريع.

ويقع مصنع سيقا في منطقة الخرطوم بحري للصناعات الخفيفة، والتي تضم أيضًا مراكز موردي ومنتجي الأدوية والإلكترونيات، ومصنعي مولدات التكييف والخشب والسيارات. 

وفي ظل حكم الرئيس السابق عمر البشير الذي دام ثلاثة عقود، كان إنتاج الغذاء كغيره من المنتوجات مرتبطًا بالمجمع الصناعي العسكري، مع ارتباط أصحاب الأعمال والمنتجين بالدولة والجيش.

وفي عام 2015، بلغ عدد العاملين في مصنع سيقا حوالي 8000 عامل وكان ينتج 5500 طن من الدقيق يوميًا، إلى جانب مطاحن دقيق القمح ومطاحن سين، وتقع مقراتهما في الخرطوم بحري، ويعتبران من أهم منتجي الخبز والدقيق في البلاد.

وتسببت الاشتباكات الدامية بين الجيش الموالي للواء عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يتزعمها الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، الأحد، في حالة من الفوضى في المنطقة أدت إلى استهداف الشركات التي تعرضت كذلك للنهب.

وعرض شهود عيان في الخرطوم مجموعة من مقاطع الفيديو تظهر مشاهد لمقاتلي قوات الدعم السريع أثناء قيامهم بنهب البنوك، والمتاجر، والمراكز التجارية، والأسواق.

وقال شهود عيان أن العديد من البنوك تعرضت للسرقة وكذلك محال الذهب و المصانع والصيدليات ومحال السوبر ماركت وجميع أنواع المتاجر الأخرى، كما تعرض أكبر مصنع دقيق في السودان للقصف واشتعلت فيه النيران لمدة يومين على التوالي.

مقالات ذات صلة