بقلم ريحان الدين
ضرب زلزال بقوة 7.8 درجات جنوب شرق تركيا وشمال سوريا يوم الاثنين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 3000 شخص وإصابة الآلاف.
وعانت منطقة الشرق الأوسط من عدد كبير من الزلازل على مر القرون، بما في ذلك بعض أسوأ الحوادث المسجلة في التاريخ.
وألحق زلزال يوم الاثنين أضرار جسيمة بمحافظة هاتاي التركية، وكذلك بمحافظات أخرى في شمال غرب سوريا – وهي المناطق التي تعرضت في السابق لاثنين من أكثر الزلازل دموية في العالم.
كما سبق أن تعرضت كل من إيران وفلسطين ومصر للدمار بسبب الزلازل، حيث دمرت المباني التاريخية وقتل عشرات الآلاف في هذه الكوارث.
وفيما يلي المزيد من المعلومات حول خمسة من أهم الزلازل التي شهدتها المنطقة خلال الألفي عام الماضية:
زلزال حلب، سوريا (1138 م):
كان الزلزال الذي ضرب مدينة حلب السورية في 11 أكتوبر 1938 أحد أسوأ الزلازل في التاريخ، ويُعتقد أن الكارثة قد تسببت في مقتل حوالي 230 ألف شخص وفقًا للمؤرخ المصري الإسلامي في القرن الخامس عشر، ابن تغريبيردي.
ووقع الزلزال في شمال سوريا حيث تتلاقى الصفائح التكتونية العربية والإفريقية، وأدى إلى انهيار قلعة حلب بالكامل، في حين تم تدمير حصن إسلامي في الأتارب (الآن جزء من محافظة حلب الحديثة)، مما أسفر عن مقتل 600 من حراس المدينة.
وفي ذلك الوقت، تعرضت حلب لاضطرابات بسبب المعارك بين جيش المسلمين والصليبيين.
وسويت القلعة الصليبية بالأرض في منطقة حارم المجاورة والواقعة في محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة حاليا.
يذكر أن زلزال حلب الضخم كان الأول من بين العديد من الزلازل التي دمرت مناطق في شمال سوريا وغرب تركيا بين عامي 1138 و1139.
زلزال دامغان، إيران (856 م):
كان زلزال دامغان في شمال إيران أحد أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ العالم، ففي 22 ديسمبر 856، ضرب زلزال كبير بقوة 7.9 درجة على مقياس ريختر وبأقصى مستوى على مقياس الشدة (ميركالي) في منطقة جبل البرز في إيران.
ورغم أن عدد القتلى مازال محل خلاف، يُعتقد أن الزلزال تسبب بمقتل حوالي 200 ألف شخص، وتصنفه هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية على أنه سادس أكثر الزلازل فتكًا في التاريخ الموثق.
وأدى الزلزال إلى دمار كبير في مدينة دامغان التي كانت تعد عاصمة مقاطعة قميس الفارسية في العصور الوسطى قبل أن يتم تدميرها عام 1723، كما طال الدمار عدة مناطق محيطة بها.
تقع إيران بين الصفيحتين العربية والأوراسية اللتين تتصادمان بشكل متكرر مسببة زلازل مدمرة.
زلزال أنطاكية، تركيا (526 م):
ضرب زلزال قاتل مدينة أنطاكية البيزنطية في عام 526 للميلاد، والتي تقع في مقاطعة هاتاي في تركيا الحديثة.
تسبب موقع أنطاكية الذي يتموضع مباشرة على قمة تلاقي ثلاث لوحات تكتونية: الأفريقية والعربية والأناضولية، بوقوع الزلزال وقد أدى التصادم بين الصفائح الثلاث إلى وقوع زلزال يوم الاثنين في مقاطعة هاتاي.
ووفقًا لبعض التقديرات، قتل 250 ألفًا في الكارثة الطبيعية، وسقط العديد من الضحايا نتيجة سلسلة من الحرائق التي اندلعت في أعقاب الزلزال، الذي قدرت قوته بــ 7.0 درجات وفقًا للتقديرات الحديثة.
وكانت دوموس أوريا، كنيسة كبيرة مثمنة، من بين المباني البارزة التي دمرها الحريق الناتج عن الزلزال.
ويعتقد بعض الباحثين أن عدد القتلى الهائل ربما كان بسبب استضافة أنطاكية لمهرجان مسيحي سنوي بمناسبة عيد الصعود، مما جذب المسافرين من جميع أنحاء الإمبراطورية البيزنطية إليها.
أنفق الإمبراطور جستنيان، الذي اعتلى العرش البيزنطي بعد عام من الزلزال، مبالغ كبيرة من المال لإعادة بناء المدينة، لكن دون جدوى، حيث تم نهب المدينة من قبل الفرس بعد ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمن.
زلزال وادي الأردن، فلسطين (1033م):
دمر زلزال 1033 في وادي الأردن في فلسطين مساحات شاسعة من منطقة الشام، وبلغت قوته بين 6.7 و7.1 درجة، وفقا لمعظم العلماء، وأودى بحياة ما لا يقل عن 70 ألف شخص.
وقد ارتبطت الكارثة بصدع البحر الميت، وهو سلسلة من خطوط الصدع بين الصفائح التكتونية الأفريقية والعربية والتي تسببت في العديد من الزلازل في الألفي عام الماضيين.
ودمر الزلزال كلا من مدن نابلس وأريحا والخليل وطبريا وعسقلان وعكا في فلسطين التاريخية، وتعرض مسجد في غزة للدمار فيما تضررت جدران وكنائس في البلدة القديمة بالقدس.
كما تم تدمير قصر هشام، وهو موقع إسلامي رئيسي في أريحا لا يزال وجهة للزائرين حتى يومنا هذا، بالإضافة إلى الإبلاغ عن أضرار في أجزاء من سوريا ومصر.
ووفقًا للسجلات التاريخية، فقد كان الدمار الناجم عن الزلزال مشابها للدمار الناجم عن زلزال آخر وقع في الجليل عام 749م، وأودى بحياة عشرات الآلاف.
زلزال القاهرة، مصر(1754 م):
قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص في زلزال مدمر في القاهرة عام 1754، قُدرت قوته بــ 6.6 درجة، وأدى لمقتل 40 ألف شخص في المدينة التي كانت تتبع الإمبراطورية العثمانية آنذاك.
انهار عدد كبير من المباني في القاهرة، مما أدى إلى مقتل العديد من السكان، وتدمير أجزاء من مدينة الموتى، وهي منطقة مقابر تعود للعصر الإسلامي في القاهرة.
كما تضرر دير سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء، الذي أصبح الآن أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، حيث تم تجديده لاحقًا.