في أقوى إعلان عن تأييده العلني لحركة حماس منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شبه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية حماس بقوات الثورة الوطنية التركية الذين أسهموا في طرد الجيوش الأجنبية من الأناضول خلال عشرينيات القرن الماضي.
وخلال خطاب أدلى به أمام البرلمان أمس الأربعاء، قال أردوغان: “أقولها بكل وضوح وصراحة: حماس هي بالضبط نفس القوات الوطنية في تركيا خلال حرب التحرير”.
وأردف الرئيس التركي قائلاً: “نحن ندرك أن هناك ثمناً يجب دفعه مقابل قول هذا، ونحن نعلم أنه من الصعب إعلان الحقوق والحقائق في مثل هذه الفترة لكن ليعلم العالم أجمع وليفهم أننا لن نستسلم”.
وكانت القوات الوطنية قد لعبت دورًاً مهماً خلال حرب الاستقلال التركية بين عامي 1918 و1920، حيث استخدمت القوة العسكرية لتنصيب حكومة قومية في أنقرة وطرد القوات اليونانية والغربية من غرب الأناضول وتراقيا الشرقية وهي الجزء الأوروبي من تركيا.
وقع ذلك بعد أن تعرضت أجزاء من الإمبراطورية العثمانية، الدولة السالفة للجمهورية التركية، للاحتلال من قبل الحلفاء الغربيين بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى.
لكن النجاحات العسكرية التركية خلال الكفاح من أجل الاستقلال الذي قاد مسيرته مصطفى كمال أتاتورك فتحت الطريق لإلغاء الدولة العثمانية وإقامة الجمهورية.
ومن اللافت أن تصريحات أردوغان لم تلق ترحيباً من معارضيه الذين رفضوا المقارنة بين القوميين الأتراك وحماس، بيد أن مصادر مطلعة أكدت أنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس التركي برئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في إسطنبول يوم السبت القادم.
ورفضت إلهان أوزغول، نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض تصريحات أردوغان، قائلة إنه لا يوجد أي تشابه بين حماس والثوار الأتراك.
وأضافت مخاطبة أردوغان: “لا تستخدموا حرب الاستقلال كأداة لتفضيلاتكم الأيديولوجية، أنتم لم تدفعوا أي ثمن من أجل القضية الفلسطينية، وكانت أعظم شجاعتك هي حصولك على وسام الشجاعة من اللوبي اليهودي”
يذكر أن أردوغان أصر في خطابه على أنه سيظل “صوت الشعب الفلسطيني المظلوم طالما بقي على قيد الحياة”، علماً بأنه كان من أشد المنتقدين للعدوان الإسرائيلي على غزة، والذي بدأ بعد هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1141 إسرائيلياً على الأقل.
وانتقد أردوغان “الجرائم ضد الإنسانية” و”الإبادة الجماعية” اللاحقة التي ارتكبتها إسرائيل، لكنه سمح بمواصلة التجارة بين البلدين.
وخلال الانتخابات المحلية التي جرت في 31 آذار/مارس عاقب أنصار أردوغان الرئيس بسبب حفاظه على العلاقات التجارية مع إسرائيل عبر تحويل أصواتهم لصالح حزب الرفاه الجديد الإسلامي أو مقاطعتهم التصويت، مما أدى إلى إلحاق هزيمة بحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان في انتخابات البلديات في المدن الكبرى.
وبعد النتائج، أوقفت أنقرة تصدير 54 منتجاً إلى إسرائيل في أوائل نيسان/أبريل، بما في ذلك الأسمنت والصلب ومواد البناء، مشيرة إلى مسؤوليتها بموجب القانون الدولي لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.
ويوم الأربعاء، أعرب أردوغان عن غضبه من تنكر الجمهور التركي العريض لأداء حكومته ضد إسرائيل نافياً الشائعات التي ترددت حول قيام أنقرة بتزويد الإسرائيليين بوقود الطائرات، وقال: “سندافع بشجاعة عن نضال فلسطين من أجل الاستقلال تحت كل الظروف”.
ومضى أردوغان يقول: “يا إخوتي، تذكروا هذا، قد لا تكون بعض خطواتنا مرئية، قد لا نكون قادرين على شرح بعض ما نقوم به، ومع ذلك، فإن أولئك الذين يخرجون ويشككون في حساسيتنا تجاه فلسطين سيشعرون عاجلاً أم آجلاً بالحرج والعار، وسيرون حجم الظلم الذي ارتكبوه”.
وتعتبر تركيا من أوائل المنتقدين للعدوان الإسرائيلي على غزة حيث يعد أردوغان واحداً من أوائل زعماء العالم الذين وصفوا العدوان بأنه إبادة جماعية في وقت مبكر من وقوعه.
الجدير بالذكر أن تركيا تعتبر أيضاً واحدة من أكبر الجهات المانحة للإغاثة الإنسانية لغزة، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، وقد قامت بنقل عشرات الفلسطينيين من القطاع لتلقي العلاج الطبي في المستشفيات التركية.