أزمة الأونروا تهدد برامج التعليم في مدارس قطاع غزة المحاصر

بقلم عبير أيوب

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

عاد أكثر من 300,000 طالب في غزة للعودة إلى مدارسهم التي أنشأتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

تدير الأونروا 288 مدرسة داخل قطاع غزة، حيث توفر التعليم للاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون حوالي ثلثي إجمالي سكان القطاع المحاصر.

ومنذ تأسيسها عام 1949 في أعقاب تهجير الفلسطينيين عند قيام دولة إسرائيل عام 1948، التزمت الأونروا بتوفير الدعم والحماية والخدمات الأساسية لحوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في كل من الأردن ولبنان وسوريا، وكذلك في الضفة الغربية وقطاع غزة داخل فلسطين.

لكن قرار المنظمة بتقليص الخدمات وما نتج عنه من تخفيضات كبيرة في الإنفاق على مدارس الأونروا هذا العام ترك مخاوف لدى العديد من الأهالي والطلاب من عدم تمكنهم من استكمال الفصول الدراسية.

وقال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم الأونروا في غزة إن المنظمة تعاني من عجز يبلغ حوالي 200 مليون دولار.

وأوضح قائلاً:” لقد دفعنا رواتب معلمينا عن شهر آب/ أغسطس، لكننا قد لا نتمكن من دفع أجورهم عن شهر أيلول/ سبتمبر، بسبب عدم الحصول على الأموال اللازمة لذلك”.

ويعزو أبو حسنة الأزمة إلى تدهور الاقتصاد العالمي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتي أدت إلى نزوح ملايين الأوكرانيين، قائلاً:” هذا بالطبع يزيد الضغط على الدول المانحة”.

الأزمات المالية 

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها الأونروا أزمة مالية، فقد تعرضت المنظمة للأزمة الأكبر عام 2018، عندما أوقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الأموال الأمريكية المخصصة لوكالة اللاجئين، قبل أن يتم استئناف التمويل في نيسان/ أبريل 2021 عقب انتخاب الرئيس جو بايدن.

وكشف أبو حسنة أن الأونروا في الوقت الحالي لا تملك الأموال اللازمة لدفع رواتب موظفيها حتى نهاية العام.

وأضاف: “سنحصل على الأموال السنوية بحلول نهاية العام، لكن العجز لدينا الآن يتعلق بالأشهر الأربعة المتبقية من عام 2023”.

وقالت إلهام حلس (34 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا، إن الخبر شكّل مصدر قلق بالنسبة لها لأنها كانت مطمئنةً إلى الخدمات التعليمية التي يحصل عليها أبناؤها.

“إذا توقف العام الدراسي الشهر المقبل، بالطبع سأتخذ قرارًا بنقل أطفالي إلى المدارس الحكومية، لكنني أتمنى ألا يحدث ذلك” – إلهام حلس

ويوم الأربعاء، نشر مدير شؤون الأونروا في غزة، توماس وايت، صورة لنفسه على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يتحدث مع طلاب المدارس خلال زيارته لغزة في وقت سابق من شهر آب/ أغسطس.

وأكد في تغريدته معاناة الأونروا من العجز المالي قائلاً “إن أفضل شيء يمكننا القيام به هو أن نوفر لهم تعليمًا معرضًا للانقطاع في ظل عدم توفر المزيد من الأموال”.

وقالت منى أحمد، وهو اسم مستعار لمعلمة اللغة الإنجليزية في إحدى مدارس الأونروا، والتي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها الحقيقية، إنها لم تشعر بقلق مفرط بشأن احتمال عدم تلقي راتبها، قائلةً:” كثيرًا ما نسمع عن هذا العجز المالي، لكن مستحقاتنا تصلنا باستمرار في النهاية”.

وأكدت منى، وهي واحدة من 9,367 مُدرساً يعملون لدى الأونروا في قطاع غزة، أن الوضع في مدرستها يسلط الضوء على الحاجة إلى تمويل إضافي.

وتابعت:” لدي أكثر من 45 طالبًا في كل فصل، وهو عدد كبير جداً ويجعل من الصعب توفير الاهتمام الفردي الذي يستحقه كل طفل”.

وأعربت منى عن الحاجة إلى توفير سبورة بيضاء على الأقل في الفصل الدراسي، مشيرة إلى أنها لا تزال تستخدم السبورات الخضراء والطباشير.

وقالت:” أنا أطالب بالحصول على سبورة بيضاء في الوقت الذي يتمكن فيه بعض الأطفال في جميع أنحاء العالم من الوصول إلى الأجهزة اللوحية، هل يمكنك تخيل ذلك؟”.

ورغم من أنها لم تتعرض لأي تخفيض أو تأخير في راتبها، إلا أن منى تعتقد أن الراتب الذي تحصل عليه والذي يعادل نحو 800 دولار شهريًا، غير كافٍ ولا يتناسب مع ضغوط العمل.

“تحديات تتزايد”

وأعلنت الأونروا مؤخرا عن افتتاح ثلاث مدارس جديدة في خان يونس جنوب قطاع غزة وفي مدينة غزة، كما قامت بتعيين أكثر من 500 مدرس جديد.

وذكرت مريم الريس، وهي أم لطالبتين، إنها شعرت بالقلق الشديد عند تلقيها أخبار العجز المالي للأونروا، حيث لن يكون أمامها خيار آخر سوى إرسال ابنتيها للمدارس الحكومية في حال أغلقت المدارس التي تديرها الدولية أبوابها.

وقالت:” لا أفكر في إرسال ابنتي إلى مدرسة تديرها الحكومة، أفضل مدارس الأونروا أو المدارس الخاصة، لكنني لا أعتقد أني أستطيع تحمل تكاليف المدارس الخاصة”.

ووفقًا للبنك الدولي، ارتفع معدل الفقر في غزة من 38.8% من السكان إلى 53% في عام 2020. 

وتخضع غزة لحصار إسرائيلي منذ عام 2007، بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية عام 2006، حيث عانى القطاع منذ ذلك الحين من أكثر من أربع حروب إسرائيلية والعديد من جولات التصعيد.

وأعرب أبو حسنة عن أمله في أن يؤدي مؤتمر المانحين المزمع عقده في أيلول/سبتمبر المقبل في نيويورك إلى تأمين التمويل اللازم للأونروا لاستئناف خدماتها الحيوية.

لكنه، أكد أن الوضع المالي للوكالة يتأثر بشكل كبير بالتحولات السياسية العالمية.

وقال:” في ظل صعود اليمين إلى سدة الحكم في الدول المانحة، فإن دعم الأونروا يتحول إلى تحد متزايد، خاصة بالنظر إلى تمدد الصراعات في مناطق مختلفة من العالم”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة