أسرار اللعبة الأمريكية في سوريا.. ما الذي تريده؟

بقلم سين ماثيوز

ترجمة وتحرير مريم الحمد

أعلنت الولايات المتحدة مؤخراً عن عزمها إرسال طائرات من طراز إف 22 إلى سوريا لمواجهة تهديدات روسيا، وسط تصريحات أكدت على تحول المهمة من محاربة تنظيم الدولة “داعش” إلى صراع جيوسياسي أوسع نطاقاً.

لقد أدى  تقدم الصراع السوري إلى ترسيخ إيران وروسيا، خصوم واشنطن، لأنفسهم في سوريا، وفي نفس الوقت، بدأ بشار في استعادة صداقاته في المنطقة!

وصلت القوات الأمريكية إلى شمال شرق سوريا عام 2015، ومن خلال العمل جنباً إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية ذات الاغلبية الكردية، تم هزيمة داعش إقليمياً عام 2019، أما عسكرياً فقد استمرت الولايات المتحدة في تحقيق النجاح، حيث انخفضت أنشطة داعش بنسبة 70% عن العام 2020، وفقاً للتحالف الذي تقوده واشنطن.

قبل أسبوع، وفي تجمع لأعضاء التحالف في السعودية، أشاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنجاح المهمة، أما المنتقدون فيرون أنه بعد مرور 8 سنوات فإن واشنطن لم تكن أقرب إلى المغادرة مما كانت عليه عندما كانت داعش في ذروة قوتها، حسب توصيف السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، فإن “شمال شرق سوريا هو تعريف الحرب الأبدية، لأنها ليست عملية مكلفة وليس فيها خسائر في صفوف القوات الأمريكية”.

استنزاف إيران وروسيا

ويستند الوجود الأمريكي في تبريره على تصريح استخدام القوة العسكرية الذي أقره الكونغرس عام 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وقد أشار الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أندرو تابلر، إلى ذلك المعنى بقوله أن “900 جندي في سوريا هو وسيلة منخفضة التكلفة بالنسبة لنا مقابل قتل الأشرار من تنظيم الدولة ومنع روسيا وإيران من تعزيز سيطرتهم”.

أصبحت الولايات المتحدة الآن في مواجهة خصمين، إيران وروسيا، وذلك هو السبب الوحيد الذي يجعل الولايات المتحدة تحتفظ بالوجود العسكري في سوريا، فالهدف هو استنزاف روسيا وإيران، فبشار الأسد بات يسيطر على ثلثي البلد بدعم روسيا وإيران.

كما بدأ بشار الأسد مؤخراً باستعادة علاقاته الإقليمية، كما أتاح له الزلزال المدمر في فبراير 2023، فرصة من أجل كسب الأردن ومصر مجدداً، وبلغت هذه الجهود ذروتها بزيارة تاريخية للمملكة في مايو، إلى القمة العربية، ويرى المحللون أن هدف بشار الأسد بعيد المدى هو استعادة شمال شرق سوريا، المنطقة الخصبة تاريخياً والتي تحتوي على حقول النفط الوحيدة في البلاد. 

يرى المحللون أن هدف بشار الأسد بعيد المدى هو استعادة شمال شرق سوريا، المنطقة الخصبة تاريخياً والتي تحتوي على حقول النفط الوحيدة في البلاد

أشار مسؤولون أمريكيون إلى وجود زيادة في عدد التحليقات الجوية الروسية فوق القواعد الأمريكية، فيما أعلنت قيادة القوات الأمريكية بأنها متأهبة من هجمات إيران، التي شنت 78 هجوماً على قواعد أمريكية في سوريا منذ يناير 2021، وفقاً لتقرير أمريكي صدر في يونيو، فإن إيران “تستعد لنمط أكثر عدوانية في الهجوم من أجل طرد الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا، بتعزيز التنسيق مع روسيا من خلال استهداف خطوط الاتصال الأرضية بقنابل متطورة”، ولذلك ليس من المتوقع مغادرة الولايات المتحدة في أي وقت قريب.

لقد مهد الانسحاب الجزئي من شمال شرق سوريا، من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2019 ، الطريق لتوغل تركي مما أثار انتقادات حول تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد، حيث تعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تصفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأنقرة بأنه تنظيم إرهابي، ومن جانب آخر، فإن إدارة بايدن حساسة تجاه انسحاب عسكري أمريكي آخر من المنطقة بعد انسحابها الفوضوي من أفغانستان.

لعبة لا منتهية

لا توجد نهاية للعبة الأمريكية في سوريا، ولكن هناك رأي عام بأن الانسحاب سيكون بمثابة فوضى، وعليه، يمكن للوجود الأمريكي التقلص بطرق أخرى، حيث يجري حلفاء واشنطن من الأكراد محادثات مع دمشق بشأن اتفاق سياسي محتمل، لكن لا مؤشر لأي تقدم حتى الآن.

” الجميع لا يثق في الولايات المتحدة، الجميع يتحدث مع روسيا وإيران فيما تجلس واشنطن هناك فقط” – محمود مسلاط – جامعة أوبرلين

من جهة أخرى، يشكك المحللون في قدرة بشار الأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، على تحقيق فائدة أو السيطرة على منطقة يغلب عليها الوجود الكردي والعرب السنة، بالنسبة لدمشق، فإن الجائزة الكبرى هي إبرام اتفاق مع الأتراك.

بعد ضمان أردوغان الحكم لخمس سنوات أخرى، هناك دلائل تشير إلى أنه يتطلع للانضمام إلى العربة الإقليمية وإصلاح العلاقات مع الأسد، فخلال الأسابيع الماضية، التقى وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا وإيران في موسكو، في أول محادثات رفيعة المستوى منذ اندلاع الحرب السورية.

مع دخول الوجود الأمريكي عامه الثامن في شمال شرق سوريا، يتخوف البعض من شعورها بالرضا عن نفسها، مع حرصها على استغلال التوترات العربية الكردية بسبب الاستياء من تنظيم الدولة، وبحسب الأكاديمي في جامعة أوبرلين، محمود مسلاط، فإن ” الجميع لا يثق في الولايات المتحدة، الجميع يتحدث مع روسيا وإيران فيما تجلس واشنطن هناك فقط”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة