أكوام من الجثث، حرق، ودمار.. هذا ما خلفّته قوات الاحتلال في مستشفى الشفاء 

بقلم محمد الحجار

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

انسحبت قوات الاحتلال من مستشفى الشفاء في غزة بعد حصار دام أسبوعين، تاركةً مباني المجمع الطبي الأكبر في فلسطين مدمرة وفي حالة خراب كامل ومخلفة وراءها أكواماً من الجثث.

وذكر مسؤولون عسكريون يوم الاثنين أن قوات الاحتلال قتلت 200 فلسطيني واعتقلت 900 خلال عدوانها الذي استمر 15 يوماً على المستشفى، في حين قدر الدفاع المدني في غزة عدد الشهداء بنحو 300.

 وزعم جيش الاحتلال إنه نفذ هجومه على المستشفى دون الإضرار بالمدنيين والعاملين في المجال الطبي، لكن المنظمات الطبية وشهود العيان رفضوا بشدة هذا الادعاء.

 وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن 21 مريضاً على الأقل استشهدوا خلال الحصار، فيما أكد الناجون أن عشرات المدنيين قضوا خلال الحصار الذي استمر أسبوعين.

 وقال شاهد عيان: “تعرضنا لإطلاق النار والهجوم رغم أننا مدنيون، كان المشهد أسوأ من الزلزال”.

“لم يكن هناك أطباء، استشهد بعضهم، واعتقل البعض الآخر ونجا من نجا ومات من مات، لقد أمضينا خمسة عشر يوماً من الحصار في الشفاء بلا شيء ولا طعام ولا ماء”- شاهد من مستشفى الشفاء.

وتعرضت جميع مباني المجمع لأضرار في حين تناثرت المعدات والأوراق في كل مكان.

وفي وحدة الجراحة الخاصة، وهي واحدة من أحدث المباني في المستشفى، لم يتبق سوى أكوام من الصخور والمعادن.

 ومن بين الوحدات التي دمرت مبنى الكلى والولادة والمشارح ومرافق التبريد، فضلاً عن مبنى العيادات الخارجية.

 وملأت عشرات الجثث، ومن بينها جثث الأطفال والنساء وكبار السن، الشوارع القريبة من المجمع، فيما أعلنت مصادر طبية العثور على مئات الجثث.

وكان لافتاً للنظر صراخ امرأة “ابني، ابني، ابني الحبيب!”، لقد كانت تبكي وهي تحمل جثة ابنها الشهيد ملفوفةً بملاءات بيضاء.

ووصل الدفاع المدني في غزة إلى المستشفى يوم الاثنين لبدء عملية التفقد والإصلاح بعد الانسحاب الإسرائيلي.

 وفي الفناء الخارجي انهمك الأهالي في حفر القبور لدفن شهدائهم الذين تُركت جثثهم لتتعفن خلال الأسبوعين الماضيين.

 وذكرت وكالة وفا للأنباء أن قوات الاحتلال أنشأت مقبرة مؤقتة في الشفاء، حيث تم استخراج الجثث وإلقائها في مناطق مختلفة من المستشفى.

 وأضرمت قوات الاحتلال النار في مباني المستشفى خلال اقتحامها ولم يسمح لفرق الدفاع المدني بإخمادها، بحسب جمعية الهلال الأحمر.

ووصف رائد النمس، المتحدث باسم الجمعية الوضع لقناة الجزيرة بالمزري “فبعض أفراد الطاقم الطبي قد استشهدوا والبعض الآخر تعرض للتعذيب والآخرون اعتقلوا”.

 ووفقاً لروايات شهود عيان والتقارير الرسمية، فقد تم إعدام العديد من المدنيين عمداً من قبل جنود الاحتلال بمن فيهم أعضاء الطواقم الطبية والأطباء والممرضات.

 وأضاف النمس: “ليس لدينا أرقام نهائية بعد، ولكن ليس هناك شك في أنه من المؤكد أن الكثيرين قتلوا إما بشكل مباشر على يد قوات الاحتلال أو ماتوا جوعا”.

 وخلال الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانييل هاغاري، إن المعتقلين في مستشفى الشفاء “مسؤولون مهمون للغاية في حماس”.

 ولم تقدم إسرائيل بعد أي دليل على هذه الادعاءات، لكن هاغاري زعم أن ذلك يعود إلى أن المعتقلين “يمتلكون معلومات استخباراتية مهمة”.

وتوعد هاغاري بالكشف عن المزيد بمجرد قيام الاحتلال باستجواب المعتقلين.

 من جهته ذكر محمد قراجة أحد أقارب ضحايا العدوان على الشفاء أن والدته استشهد في اليوم الثاني للحصار، وبعدما تم فصل الرجال عن النساء حيث تركت والدته المسنة والمريضة دون مساعدته.

“أخذنا العلم الأبيض وخرجنا، لكنهم أطلقوا علينا النار، لماذا؟” – فاتن محمد دبور، غزة

 وأضاف: ” تحدثت معي عبر الهاتف وقالت لي يا بني، ليس لدي أي دواء أو طعام أو ماء، أين أنت يا حبيبي؟ وكان هذا آخر شيء سمعته منها”.

وي اليوم التالي، وجد قراجة أمه ميتة في مبنى الولادة في الشفاء، وتعرف عليها من شعرها وملابسها.

 وقال: “طوال هذا الوقت كنت أعيش معها وحدنا، والآن تركتني لأعيش وحدي”.

 أما باسل الحلو فقال أن أفراد عائلته كانوا يحتمون بمنزل أحد الجيران بالقرب من المستشفى، عندما ضربت غارة بطائرة بدون طيار المبنى فاستشهد سبعة أشخاص.

وأضاف الحلو: “بدأت الجثث بالذوبان”، موضحاً أن الأمر استغرق سبعة أيام حتى يتمكن أي شخص من الوصول إلى المبنى لدفن الجثث.

 من جهتها، قالت فاتن محمد دبور، وهي امرأة مسنة أن حفيدها أصيب بالرصاص أثناء الحصار.

وأضافت دبور: “قلت للجندي أنا بحاجة إلى مساعدة طبية، لماذا فعلت هذا؟ لكنه نظر إلي وكأن شيئاً لم يحدث”.

 ولفتت دبور إلى أن امرأة تبلغ من العمر 95 عاماً كانت تصلي عندما قصفت قوات الاحتلال منزلها، مما أدى إلى استشهاد من بداخله.

 وتساءلت أين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في إشارة إلى تصويت مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي على وقف إطلاق النار.

 وأردفت: “أين الأمم المتحدة؟ من المفترض أن الولايات المتحدة لم تستخدم حق النقض، ​​فأين هم؟ أم أنهم يعطون الاحتلال أسلحة ليقتلنا بها فقط؟

 وختمت بالقول: “الله وحده من يحمينا، لا السعودية ولا مصر”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة