أبلغت دولة نيكاراغوا محكمة العدل الدولية رسمياً أن ألمانيا تقوم بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال دعمها العسكري والسياسي المستمر لإسرائيل.
وقدم وفد نيكاراجوا يوم الاثنين قضيته كجزء من جلسة استماع استمرت يومين، واتهم ألمانيا بـ “تسهيل ارتكاب الإبادة الجماعية” وطالب المحكمة بفرض إجراءات طارئة لوقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل وإعادة التمويل لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وقال سفير نيكاراغوا لدى هولندا كارلوس خوسيه أرغويلو غوميز في تصريحاته الافتتاحية أمام المحكمة، إنه ومن خلال دعمها المستمر لإسرائيل فإن “ألمانيا تفشل في احترام التزامها بمنع الإبادة الجماعية أو ضمان احترام القانون الإنساني الدولي”.
وطالبت نيكاراغوا المحكمة بإصدار خمسة إجراءات مؤقتة، تشمل أن “تعلق ألمانيا على الفور مساعداتها لإسرائيل، ولا سيما مساعدتها العسكرية، وأن تتراجع عن قرارها بتعليق تمويل الأونروا”.
وأوضح الوفد النيكاراغوي أن تنفيذ هذه الإجراءات “أصبح أكثر إلحاحاً وضرورة على نحو متزايد” في ضوء الوضع الإنساني المتدهور بسرعة في القطاع.
وترفض ألمانيا، التي قدم محاموها دفاعهم أمام المحكمة يوم الثلاثاء، هذه الاتهامات، حيث وصفت الممثلة القانونية الألمانية تانيا فون أوسلار-غليشن العرض الذي قدمته نيكاراغوا بعد جلسة الافتتاح بأنه “متحيز بشكل صارخ”.
وتقول قضية نيكاراجوا أن ألمانيا كانت تدرك تماماً منذ بداية الحرب أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي في غزة، سيما بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية في 26 كانون الثاني/يناير الذي خلص إلى وجود “خطر معقول” بوقوع إبادة جماعية في غزة.
وأشار غوميز إلى أنه: “ليس هناك شك في أن ألمانيا كانت تدرك جيداً على الأقل الخطر الكبير المتمثل في ارتكاب إبادة جماعية، وفي أعقاب حكم محكمة العدل الدولية، دُق ناقوس الخطر وظهرت مؤشرات الإبادة الجماعية باللون الأحمر”.
وقال إن هذا القرار يلزم الدول بالعمل بوضوح على منع الإبادة الجماعية ومع ذلك فإن “ألمانيا تواصل حتى يومنا هذا تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل”.
وتابع غوميز أنه بينما علقت ألمانيا دعمها للأونروا “بناءً على قول إسرائيل”، فقد تجاهلت مراراً وتكراراً تحذيرات “أهم السلطات العالمية من أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية وانتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي في فلسطين”.
واستشهد دانييل مولر، الخبير القانوني الذي يتحدث نيابة عن نيكاراغوا، بتصريحات لمسؤولين ألمان رفيعي المستوى يعترفون فيها بالوضع “الجهنمي” في غزة، معتبرين أن هذا “يثير الشكوك حول احترام القواعد الأساسية للقانون الدولي”.
ومنذ اندلاع الحرب، بررت ألمانيا دعمها الثابت لإسرائيل من خلال الاحتجاج بحق الأخيرة في الدفاع عن النفس، حيث قال المستشار الاتحادي أولاف شولتز في البرلمان إن “أمن إسرائيل هو جزء من سبب وجود ألمانيا”.
وقال غوميز للمحكمة يوم الاثنين “من المثير للدهشة أن ألمانيا تبدو غير قادرة على التمييز بين الدفاع عن النفس والإبادة الجماعية”.
ومع ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة، في 26 تشرين الأول/أكتوبر، قال شولتز إنه “ليس لديه أدنى شك” في أن “الجيش الإسرائيلي سيحترم أيضاً القواعد التي تنشأ عن القانون الدولي في كل ما يفعله”.
وتعد ألمانيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل، حيث وافقت على تصدير أسلحة بقيمة 354 مليون دولار في عام 2023، أي بزيادة عشرة أضعاف مقارنة بالعام السابق.
وقال غوميز: “لا يمكن لألمانيا إلا أن تدرك أن الذخائر والمعدات العسكرية والأسلحة الحربية التي تزود بها إسرائيل تسهل انتهاكاتها لحقوق الإنسان في غزة”.
وأضاف: “لا يهم إذا تم تسليم قذيفة مدفعية مباشرة من ألمانيا إلى دبابة إسرائيلية تقصف مستشفى أو جامعة، أو ما إذا كانت تلك القذيفة المدفعية ستذهب لتجديد مخزون إسرائيل لاستخدامه في وقت لاحق”.
ودعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة إلى تعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وهي المرة الأولى التي يتخذ فيها المجلس موقفاً منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر”.