بقلم ندى عثمان ومحمد العصار وأنس علاء
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لو كنت مفتوناً بشخص ما أو تقدس مفهوم الحب وتستمتع بالتعمق في أسراره، فإن اللغة العربية هي أجمل اللغات وأوسعها نطاقاً في المترادفات والطرق التعبيرية المنوعة لتعبر عن شعورك أو تتحدث عنه، خاصة في الشعر العربي المنسوج باللغة الفصحى والذي يعود إلى عهد قديم يسبق حتى العصر الإسلامي، في وقت كان فيه الشعر الرصين هو التعبير المتداول عن الحب بين القبائل العربية.
كان الحب موضوعاً يزين القصائد في مطلعها، فلا تكاد تجد قصيدة عربية عريقة إلا بدأت أبياتها بالغزل والغرام، حتى أنه كان يتم الحكم على الشاعر بحسب قدرته على التعبير الرومانسي، إرث ساهم لاحقاً في تطوير اللغة العربية من حيث المفردات ووسائل التعبير، حتى بات العرب يملكون ترسانة من الكلمات والتعبيرات يمكن استخدامها لإخبار شخص بما يشعر به تجاهه.
وعلى الرغم من تواجد الكثير من التعبيرات ضمن قوالب شعرية، إلا أن العربي يستعيرها مجردة في كثير من الأحيان مثل “حياتي” او “عيني” أو “روحي”، بل تم ابتكار بعضها تلفظ باللغة العامية وتعبر عن الشعور بأبسط أشكاله مثل “تقبرني” وكأنك تقول للحبيب أنه لا يمكنك العيش بدونه.
هذا عن وصف الحب، فماذا عن وصف درجته؟ فمن جمال اللغة العربية أنها تطرقت لتصنيف بعض كلمات الحب طبقاً لدرجتها لدى المحب والمحبوب، حيث تتمايز بفروق دقيقة يمكن للمحب الاختيار منها حسب أحوال قلبه تجاه المحبوب ورغبته في إيصال شعوره بدقة، إليك أشهرها:
-
الميل:
الميل هو الإعجاب الأولي بشخص ما، وعادة ما ترتبط بالمراحل الأولى عند الوقوع في الحب، وهي تشبه كلمة “هوى” التي يتم استخدامها عندما يبدأ شخص بإظهار الاهتمام الرومانسي، وهو شعور عابر قد يقف الشخص عنده وينتهي أو ينتقل لمرحلة قلبية جديدة.
-
الخُلّة:
ويشيع استخدام كلمة الخُلّة في النصوص الدينية في إشارة إلى الرفقة المتينة والصحبة القوية، فهو ذلك الشعور الذي تتشاركه مع شخص تجمعك به الكثير من القواسم المشتركة ووجهات النظر المتشابهة، فيكون لهذا الشخص تأثير إيجابي في مشاعرك وحياتك، وإذا تحولت العلاقة لزواج، فسوف يؤدي شعور الخُلّة إلى توطيد الولاء والوفاء بين الزوجين.
-
الشغف:
وهنا يبدأ الحب في التأثير جسدياً على المحب، بشكل يمكن وصفه بحالة من الافتتان، حيث يبدأ المحب بالشعور ببعض الانزعاج والصعوبة إذا كان بعيداً عن الحبيب، ولذلك يكون المحب مستعداً في هذه المرحلة للتنازل عن أي شيء من أجل من يحب دون التفكير بالعواقب إن وجدت.
-
العشق:
ربما هي أكثر كلمات الحب وروداً في الأغاني والشعر والترجمة، حتى أنها بعض اللغات الأخرى تستخدم اشتقاقاً من الكلمة العربية مثل اللغة التركية فتلفظ “إِشق”، فالعشق حالة تتملك المحب فيها رغبة بالبقاء قرب المحبوب جسدياً وروحياً، فلا يحتمل الحبيبين فراقاً.
-
التيم:
نقول متيم أي ولهان، ويعني الولاء المنجرف بسذاجة أحياناً دون تفكير ويشبهونه وكأنه ضرب من السحر، هذا النوع من الحب عميق وشديد ويشبه الجنون، فلا ينشغل المحب إلا بالتفكير بالحبيب من شدة الحب، الأمر الذي قد يطغى على التوازن في التفكير والحكم على الأمور في بعض الأوقات، ولذلك قالوا في قيس “مجنون ليلى”.
-
اللوعة:
تعبير عن الحب مرادف للألم، ويستخدم في وصف شعور المحب حين يكون بعيداً عن محبوبه، وتشابه كلمة الشجن أو الصبابة المشتقة من كلمة الجرح، وتصف الفعل المجازي لسفك الدم من القلب.
-
التدليه:
درجة تشبه حالة الاضطراب والفوضى في الروخ، مشتقة من مدله أي ذهب فؤاده من شدة العشق فلم يعد قادراً على التركيز والانتباه، وهي درجة شديدة وكأن قلب المحب لم يعد ملكه بل أصبح عبداً للمحبوب ولا يستطيع تحرير نفسه من هذا الحب، وهنا يصبح التحكم في العواطف أصعب، وقد تتغير طبيعة المحب وبعض صفاته وعادته، لأن الحب قد استهلك طاقته بالكامل، فلم يعد يستطيع التركيز فيصير إلى حالة من الفوضى والارتباك السلبي.
-
السُهاد:
في هذه المرحلة يصبح الشخص مرتبطاً جداً بمن يحب، ولا يمكنه الاستغناء عنه أو حتى التفكير بدونه، وقد تسبب لهم شدة الاتكالية والارتباط هذه بعض الألم، أو ما يسمى “الجوى”، وهو الحب الحارق الذي يشبه حرقة المعدة، والمقصود أنه قد يأتي بآثار سلبية جسدية على المحب.
-
الاستكانة:
وتوصف هذه الدرجة من الحب بأنها غير صحية، لأنها تقود الشخص نحو حالة من الاستسلام الأعمى لمن يحب، فيراه كاملاً بدون عيوب، ولذلك يلزم نفسه بالطاعة العمياء للمحبوب، ولا يتورع عن موافقته والتذلل له في أي شيء من الحفاظ على مودته وقربه.
-
الهُيام:
وهي من أكثر درجات الحب حدة، حيث يغرق الشخص في حالة من الجنون، ويفقد المحب الإحساس بالعقل والعقلانية، درجة قد تصل إلى الهوس يقود المحب إلى التصرف بشكل غير عادي والقيام بأشياء لا تشبهه دلالة على مدى العمى الذي وصل إليه جراء هذا الحب.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)