بقلم ندى عثمان
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
تتدفق التعازي برحيل الأكاديمي والشاعر الفلسطيني البارز رفعت العرعير، الذي استشهد في غارة جوية إسرائيلية هذا الأسبوع.
عُرف العرعير ناشطًا وكاتبًا ومترجمًا وأستاذًا للأدب في الجامعة الإسلامية بغزة ومصدر إلهام لجيل من الكتاب الفلسطينيين في القطاع.
ووفقاً لعائلته فقد استشهد العرعير في منزل شقيقه في مدينة غزة، وارتقى معه شقيقه وشقيقته وأربعة من أطفالها.
ووصف جهاد أبو سليم، وهو مؤلف تتلمذ على يد العرعير، أستاذه بأنه كان “أكثر من مجرد مدرس”.
وقال أبو سليم على منصة X ” خضعت لأول دورة تدريبية في الكتابة باللغة الإنجليزية على يديه، لقد كان مرشدًا وصديقًا، وكان يهتم حقًا بطلابه خارج الفصل الدراسي”.
وأضاف: “لقد كان شغفه هو اللغة الإنجليزية، لكنه لم يتخذها وسيلة للانفصال عن المجتمع، كما هو شائع بين العديد من الطبقات العليا والمتوسطة الناطقة باللغة الإنجليزية في العالم الثالث، فبالنسبة لرفعت، كانت اللغة الإنجليزية أداة للتحرر من حصار غزة الطويل، وجهاز نقل آني يتحدى أسوار إسرائيل والحصار الفكري والأكاديمي والثقافي المفروض على غزة.”
عمل العرير محررًا لمجموعة Gaza Writes Back وهي مجموعة قصص قصيرة لكتّاب من شبان غزة نُشرت عام 2014، كما شارك في تحرير Gaza Unsilenced (2015) وساهم في مجموعة Light in Gaza: Writings Born of Fire، والتي نشرت عام 2022.
ويعد العرعير أحد مؤسسي منصة “نحن لسنا أرقاماً”، المهتمة بإرشاد الكتاب الفلسطينيين الشباب لسرد القصص وراء الأرقام التي تنشر حول أعداد الشهداء الفلسطينيين.
ومنذ أن شنت إسرائيل عدوانها المتواصل على غزة في 7 تشرين الأول / أكتوبر، كان العرعير واحدًا من بين ذوي الأصوات الغزية النشطة التي تكتب بانتظام على وسائل التواصل الاجتماعي، وتظهر في المقابلات الصحفية والأدبية.
تعرض منزل العرعير للقصف في وقت مبكر من الحرب، مما اضطره وعائلته إلى النزوح إلى مكان آخر، لكنه رفض مغادرة مدينة غزة.
وفي قصيدة مؤثرة له نُشرت في الأول من تشرين الثاني / نوفمبر، تحدث العرعير في مطلعها عن المستقبل المشؤوم الذي كان يراه قادماً لا محالة.
“كم من الدماء، وكم من أرواح الفلسطينيين، وكم مرة علينا أن نفقد حتى ترضى إسرائيل؟” – رفعت العرعير
المعلم، المرشد، الصديق
لجأ العديد من الكتاب الفلسطينيين وطلاب العرعير السابقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن حزنهم على رحيله واحتفائهم بسيرته.
وقال أبو سليم، الذي تلقى دروسه الأولى في اللغة الإنجليزية على يد العرعير، إن أستاذه الراحل كان يصر دائمًا على أن يقرأ طلابه أعمال مالكولم إكس، من بين كتاب آخرين.
وأوضح أبو سليم: ” كان يؤكد على أن تعلم اللغة يتطلب فهم ثقافتها والنقد والوعي بأن اللغة ليست خالية من مسائل السلطة والتمثيل”.
بدوره، ذكر محمد شحادة، وهو كاتب من غزة، إن العرعير “ناضل دائمًا حتى لا يتحول إلى رقم”، مضيفاً ” لقد كان ينبض بالطاقة والحياة والفكاهة، لقد أحب بيتزا شيكاغو والقطط والتاريخ والموسيقى الكلاسيكية والمسرح والشعر وهاري بوتر”.
أحد طلاب العرعير السابقين وصف أستاذه بأنه كان “صوت الشباب”، قائلاً: ” آمن الأستاذ رفعت بكتابتي عندما كان عمري 15 عامًا وأراد مساعدتي في نشر قصصي القصيرة في كتاب، لقد كنت أراه كقدوة لي، لقد كان مصدر إلهام حقيقي بالنسبة لي وكنت أحرص دائمًا على ذكره أمام الجميع، لكن قلبي ينزف ألماً الآن”.
وتابع: ” وعلى مر السنين أصبح العرعير همزة الوصل بين غزة وكتاب العالم، وكان صوت الشباب حيث غالبا ما كان يعمل مع الشباب في المجالات الأدبية”.
“بقينا في المنزل”
ساهم العرعير بانتظام في منصة الانتفاضة الإلكترونية ( Electronic Intifada ) على الإنترنت حيث تحدث عن استشهاد طلابه ومعلميه وشرح كيف يؤثر الحصار الإسرائيلي على حياة الناس على الأرض.
وخلال عام 2014، استشهد شقيقه محمد الذي كان يناديه باسم “حمادة” مع جد زوجته وشقيقها وشقيقتها وأطفال أختها الثلاثة في غارة جوية إسرائيلية كما أن شقته دمرت في نفس العام.
وسبق للعرعير أن قال أنه فقد من عائلته وعائلة زوجته، نسيبة، أكثر من 30 من أقاربهما في الاعتداءات الإسرائيلية.
“كم من الدماء، وكم من أرواح الفلسطينيين، وكم مرة علينا أن نفقد حتى ترضى إسرائيل؟” – رفعت العرعير
وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2021، نشر العرعير مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز تناول فيه بالتفصيل الحياة تحت القصف.
وكتب: “أنا محاصر بين الرغبة في إخراج العائلة، على الرغم من الصواريخ والشظايا والحطام المتساقط، وبين البقاء في المنزل، أصبحنا راقدين في بيوتنا كما البط أمام الطائرات الأمريكية التي يقودها الإسرائيليون”.
وتابع: ” لقد بقينا في المنزل، فعلى الأقل سنموت معًا. كما أننا لا نريد أن نغادر لأننا لا نريد نكبة أخرى”.
وخلال العدوان الإسرائيلي الحالي، والذي استشهد فيه أكثر من 17 ألف فلسطيني خلال شهرين، كرر العرعير إصراره على البقاء في المنزل.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)