أول وزيرة مسلمة في بريطانيا تفضح جانباً خفياً من حزب المحافظين في كتاب سيخلده التاريخ!

بقلم بيتر أوبورن

ترجمة وتحرير مريم الحمد

في كتابها “المسلمون ليسوا مهمين”، روت البريطانية المسلمة سيدة وارسي ما وراء الأبواب، بعد أن كرست حياتها منتمية لحزب المحافظين البريطاني لسنوات عديدة.

عندما انضمت وارسي إلى الحزب قبل عقدين من الزمن، كان تظن أن اختيارها آنذاك فيه تجسيد لكل ما تؤمن هي به من القيم العائلية والأخلاق والتسامح والعدالة وسيادة القانون، لكن سرعان ما فتحت عيونها بعد أن أصبحت أول وزيرة مسلمة في المملكة المتحدة لتدرك أن الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق. 

كانت هناك طريقة واحدة فقط يمكن لمسلم بريطاني أن يتقدم بها في حزب المحافظين، وذلك من خلال التملق عند زعماء المحافظين والصحافة اليمينية، أو بمعنى آخر، التنكر لهويتك كمسلم!

في كتابها، سجلت وارسي كل مواقف الخيانة والتنمر والإساءة والشتائم التي تعرضت لها، كما ذكرت في الكتاب جاسوسة حزب المحافظين التي كانت قد أُرسلت للإبلاغ عنها عندما أصبحت وزيرة في الحكومة، وكيف وصفها العنصري اليميني دوجلاس موراي عام 2013 بأنها “عدو على الطاولة”.

تحدثت وارسي في الكتاب أيضاً عن استهداف صحيفة الديلي تلغراف لها في مقال نشرته الصحيفة بعنوان “المتطرفون الإسلاميون في قلب وايتهول”، فيما اتهمتها صحيفة أخرى بأنها “متعاطفة مع داعش”، حتى أنها كانت بالفعل مدرجة في قائمة القتل لتنظيم داعش!

“مسلمون مقبولون”

تؤكد وارسي في كتابها أنها لم تكن الوحيدة الضحية، فكتبت: “وصم المسلمين وتشويه سمعتهم في الحياة العامة ليس من قبيل الصدفة، بل هي استراتيجية متعمدة تهدف إلى تخويف وإسكات المسلمين البريطانيين وإثناءهم عن أخذ مكانهم الصحيح في الحياة العامة والتعامل مع المؤسسات الديمقراطية والعامة”. 

كانت هناك طريقة واحدة فقط يمكن لمسلم بريطاني أن يتقدم بها في حزب المحافظين، وذلك من خلال التملق عند زعماء المحافظين والصحافة اليمينية، أو بمعنى آخر، التنكر لهويتك كمسلم!

تفضح وارسي في كتابها أولئك الذين تسميهم “المحاورون من المجتمعات الإسلامية الذين لا يشككون في الحكومة أو يتحدونها”، وتذكر كيف دعا الوزير السابق مايكل جوف المسلم ماجد نواز من مؤسسة كويليام إلى مقر الحكومة في شارع داونينج ستريت.

“السياسيون مثل بريفرمان، غالباً ما يقدمون أنفسهم على أنهم وطنيون، وأنهم أشخاص يقاتلون من أجل الحفاظ على التقاليد والثقافة والتراث، ولكن الحقيقة أنهم من خلال شن الحروب الثقافية، يدمرون القيم التي يجب أن ندافع عنها” – سعيدة وارسي- كتاب “المسلمون ليسوا مهمين”

أشارت وارسي إلى أنه “لم يكن هناك أي شيء جديد في الاجتماع، فقد سمح لنا فقط بالاستماع إلى آراء جوف حول المسلمين من خلال صوت يُفترض أنه أصيل”.

تتحدث وارسي أيضاً عن كيفية اختيار المحافظين لما يسمى “المسلمين المقبولين” في الحكومة، على أساس أنهم “لا يشككون في أي جانب من جوانب السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط”، وأن الموافقة عليهم يجب أن تمر من خلال “منظمات من ديانات أخرى مثل مجلس نواب اليهود البريطانيين”.

“القتل لكونك مسلم”

كتبت وارسي أيضاً عن أنه وفي حفل استقبال العيد السنوي في داونينج ستريت، لم تتم دعوة سوى أولئك الذين وافقوا على النسخة “التي أقرتها الدولة” لما يجب أن يعتقده المسلمون، منتقدة أولئك الذين “يتملقون لأجل مكافأة بسيطة على شكل صورة أو بعض المال للامتثال”.

في ظل هذه البيئة، توضح وارسي أن “المسلمين لم يكونوا جزءاً من تشكيل هذه السياسة، بل يتم استخدامها كسلاح يستخدم ضد المسلمين”، وهنا ذكرت الطريقة البشعة التي روج بها كبار الساسة في حزب المحافظين لفكرة أن الاعتداء الجنسي على الأطفال هو ظاهرة جنوب آسيوية على وجه التحديد مرتبطة بما يسمى “عصابات الاستمالة”، وعواقبها المتمثلة بالمزيد من الهجمات العنصرية الشريرة والمعادية للإسلام على أناس أبرياء تماماً.

وتستشهد وارسي  بمقتل الرجل المسن موشين أحمد البالغ من العمر 81 عاماً في منطقة روثرهام وهو في طريقه إلى منزله من الصلاة، 

حيث داس قتلته على رأسه مما تسبب في كسر في محجر العين وتلف في الدماغ. 

في حادثة أخرى، قُتل مكرم علي خارج مسجد فينسبري بارك في لندن على يد الإرهابي اليميني دارين أوزبورن، الذي قيل أنه تحول إلى التطرف بعد أن شاهد فيلماً درامياً وثائقياً من إنتاج بي بي سي حول حلقة جنسية عما يحدث للأطفال في روثرهام.

لنفس السبب، قُتل محمد سالم البالغ من العمر 82 عاماً، على بعد بضع مئات من الأمتار من منزله في برمنغهام على يد إرهابي يميني أثناء عودته من مسجده.

على حد قول وارسي، فإن هؤلاء الرجال الثلاثة “قُتلوا لمجرد كونهم مسلمين”!

ادعاء خادع

تؤكد وارسي في كتابها أن كبار المحافظين هم من قاموا بترويج أكذوبة “عصابات الاستمالة”، وهنا خصت بالذكر اثنين من وزراء الداخلية السابقين لحزب المحافظين، هما ساجد جافيد وبريتي باتل. 

ومع ذلك، فالسم الحقيقي كان من قبل وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، سويلا بريفرمان، التي أكدت في عمود نشرته صحيفة ديلي ميل عام 2023، أن الاعتداء الجنسي على الأطفال كان من قبل “جميع الرجال البريطانيين الباكستانيين تقريباً”.

لقد كان هذا ادعاء كاذباً، ولكن وارسي تتذكر أنه نتيجة لذلك، فقد كتب مئات من القادة الباكستانيين البريطانيين إلى رئيس الوزراء آنذاك ريشي سوناك “يطلبون منه عقد اجتماع وأن ينأى بنفسه عن تصريحات بريفرمان”.، ولكن على حد وصف وارسي، فإن سوناك “لم يكن لديه حتى اللياقة للاعتراف بهذه الشكوى، ناهيك عن الرد عليها”. 

تقول وارسي في الكتاب أن السياسيين مثل بريفرمان، “غالباً ما يقدمون أنفسهم على أنهم وطنيون، وأنهم أشخاص يقاتلون من أجل الحفاظ على التقاليد والثقافة والتراث، ولكن الحقيقة أنهم من خلال شن الحروب الثقافية، يدمرون القيم التي يجب أن ندافع عنها”.

لا يعد كتاب وارسي مهماً لحقبة محددة فقط، بل هو بمثابة وثيقة تاريخية سوف تدرسها الأجيال القادمة، فإذا ما أراد شخص معرفة السبب وراء فقدان الحزب السياسي الأكثر نجاحاً في التاريخ البريطاني علاقته بالقيم السائدة وتحوله بدلاً من ذلك إلى حركة يمينية متطرفة خبيثة، فعليه أن يقرأ هذا الكتاب.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة