لم يعد من المعلوم يقينا مكان وجود الرئيس السوداني السابق عمر البشير بعد فرار آلاف السجناء نهاية الأسبوع الماضي من سجن كوبر شديد الحراسة الذي ظل يحتجز فيه منذ عام 2019.
فقد أفاد أسيران أنهما تمكنا من الهرب من كوبر يوم الأحد بصحبة الآلاف من السجناء الآخرين، بعد اشتداد القتال حول السجن، وقالا أنهما لم يتمكنا من تحديد ما إذا كان البشير قد فر أو نُقل إلى مكان آخر.
ونشرت وسائل إعلام سودانية محلية مقطع فيديو يظهر سجناء يغادرون سجن كوبر ولقطات لمصادمات حوله يوم الأحد، وأظهر الفيديو أشخاصا يرتدون زي السجن الأبيض وهم يسيرون في زقاق حاملين متعلقاتهم.
فيديو يظهر فرار السجناء من سجن كوبر شمال الخرطوم الذي يحتجز فيه الرئيس السوداني السابق #عمر_البشير وبعض رموز نظامه.#قوات_الدعم_السريع #الجيش_السوداني pic.twitter.com/BYZSXmmVWX
— رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) April 23, 2023
وكان السجناء قد أضرموا النار في سيارتي حراسة محتجين على نقص الطعام والماء في السجن.
وأوضحت مصادر سودانية وأمريكية إنها تلقت أخبارا عن قيام الجيش السوداني بنقل البشير من سجنه دون أن تتمكن من تأكيد هذه المعلومات.
ونقلت صحف من جنوب السودان عن مصدر مجهول من الشرطة أن البشير وبعض أعضاء إدارته الآخرين قد نُقلوا من سجن كوبر إلى مكان آمن، بعد أن هاجم مسلحون يعتقد أنهم من قوات الدعم السريع حراس السجن لإطلاق سراح السجناء.
خروج نزلاء السجن المركزي #سجن_كوبر ؛ الذي يقبع فيه الرئيس المعزول #عمر_البشير وكبار رجالاته منهم أحمد هارون ،وزير الدفاع الانقاذ عبدالرحيم محمد حسين ولم تؤكد مصادر أنهم من بين الذين خرجوا من السجن .#السودان #الخرطوم_بحري pic.twitter.com/B5RCCCE1sw
— Dr- HanAmin 🇸🇩🦋📿 (@hanaelmeen1) April 23, 2023
وقال:” اتخذت الشرطة الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة الرئيس السابق عمر البشير وأعضاء نظامه، الذين تم نقلهم إلى مكان آمن لمنعهم من الفرار من السجن”.
عودة الحرس القديم
وصل البشير وهو عميد في الجيش إلى السلطة في انقلاب عسكري بدعم من الإسلاميين عام 1989، وحكم السودان لمدة 30 عاما، وتمت الإطاحة به في ثورة شعبية في نيسان/ أبريل 2019 وواجه تهماً بالفساد وعقوبة الإعدام في حال تمت إدانته بدوره في ذلك الانقلاب.
ويواجه الرجل البالغ من العمر 79 عامًا أيضًا أوامر توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والنقل القسري والتعذيب والاغتصاب.
ومساء الأحد، أثارت بعض التقارير ومقاطع فيديو لسجناء يفرون من سجن كوبر التكهنات بشأن مكان وجود البشير.
وتشهد الخرطوم قتالًا عنيفًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل.
ويقود كلا الكيانين العسكريين رجال خدموا البشير لسنوات، إلا أنهم هم نفسهم من ساهموا في إزاحته من السلطة عام 2019.
ظل عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للسودان ورئيس القوات المسلحة السودانية، لسنوات عديدة أحد مساعدي البشير الموثوق بهم، بالمعنى الحرفي والسياسي.
وتميزت مسيرته العسكرية في عهد الرئيس السابق بأدوار بارزة لعبها في جنوب السودان ودارفور واليمن حيث ساعد بصفته قائد القوات المسلحة في إمداد التحالف الذي تقوده السعودية بمرتزقة سودانيين.
تم جلب محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع المعروف باسم حميدتي، إلى قلب الدولة السودانية من قبل البشير، الذي استخدم مقاتلي أمراء الحرب السابقين لقمع تمرد ضد حكمه في دارفور، في غرب السودان النائي.
وانبثقت قوات الدعم السريع، التي تأسست تحت سيطرة أجهزة مخابرات البشير في 2013، من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب عمليات قتل وتعذيب واغتصاب ممنهجة في دارفور.
وفي عام 2017، وضع البشير القوات شبه العسكرية تحت سيطرته المباشرة، وغالبًا ما كان يشير إلى حميدتي على أنه “حمايتي”.
وفي حين سهّل كل من البرهان وحميدتي الإطاحة بالبشير في عام 2019، عاد حلفاء البشير الإسلاميون إلى مواقع النفوذ في السودان منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021.
ويرى الكثيرون في السودان أن إطلاق سراح البشير هو الخطوة المنطقية التالية في إعادة تأكيد السلطة من قبل الحرس القديم.
المواقع الاستراتيجية
وتتمتع منطقة كوبر التي يقع فيها السجن بأهمية استراتيجية عالية، إذ تقع بالقرب من حي كافوري الراقي شمال شرق الخرطوم الذي يضم مكاتب للسفارات الأجنبية وأحد بوابات العاصمة شمال نهر النيل الأزرق.
وكافوري هو المكان الذي يقع فيه منزل البشير الذي اقتحمه المتظاهرون في أبريل 2019.
ونددت قوات الدعم السريع بفرار المحتجزين من السجن، وقالت في بيان على تويتر إن “قادة الانقلاب والمتطرفين يريدون قلب عجلة الزمن إلى الوراء من خلال إعادة نظام الحكم في البلاد”.
وأضاف البيان:” اليوم أصبحت هذه الخطة أكثر وضوحا من أي وقت مضى، من خلال ما تم تداوله في وسائل الإعلام حول قيام قادة الانقلاب بإخلاء قسري لجميع الأسرى في سجن كوبر الذي يضم جميع قيادات النظام السابق”.
دخلت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في صراع محتدم منذ 15 نيسان/ أبريل، حيث يسيطر الجيش على الجو بينما تحافظ المجموعة شبه العسكرية على وجود أكبر في الشوارع.
واشتدت حدة القتال حول الجسور الاستراتيجية والمطارات والقواعد العسكرية والمكاتب الحكومية.
ولقي أكثر من 400 شخص مصرعهم منذ بدء الصراع، بينما نزح آلاف السودانيين داخليًا أو فروا من البلاد.