في مشهد غير مسبوق داخل الكنيست بالقدس المحتلة، قاطع النائبان عوفر كسيف وأيمن عودة خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يحتفي بما وصفه بـ”فجرٍ تاريخي جديد للشرق الأوسط”، مطالبين بالاعتراف بدولة فلسطين، قبل أن يتم جرهما بعنف إلى خارج القاعة على أيدي عناصر الأمن.
خلال الكلمة التي ألقاها ترامب أمام نواب دولة الاحتلال، رفع النائب أيمن عودة لافتة كُتب عليها: “اعترفوا بفلسطين!”، قبل أن يهتف مطالبًا بإنهاء الاحتلال، فيما أُخرج هو وزميله كسيف بالقوة بعد أن انتزع الحراس اللافتات من أيديهم.
وكتب عودة لاحقًا على منصة X: “طُردت فقط لأنني رفعت أبسط المطالب، مطلبًا يتفق عليه المجتمع الدولي بأسره: الاعتراف بدولة فلسطينية. علينا الاعتراف بهذه الحقيقة البسيطة: هناك شعبان على هذه الأرض، ولن يذهب أيٌّ منهما إلى أي مكان.”
أما كسيف فقال في منشور مماثل: “لم نأتِ لتعطيل الجلسة، بل للمطالبة بالعدالة، فالسلام الحقيقي الذي سينقذ شعبي هذه الأرض من الدمار لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال والفصل العنصري، وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة الاحتلال.” وأضاف: ” ارفضوا أن تكونوا محتلين! قاوموا حكومة الدم!”
خطاب ترامب والجوائز السياسية
يُعدّ ترامب رابع رئيس أمريكي يخاطب الكنيست، والأول منذ عام 2008، حيث جاءت كلمته في سياق الاحتفاء باتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن بين حركة حماس ودولة الاحتلال، والذي تضمّن صفقة لتبادل الأسرى.
وقال ترامب إن دولة الاحتلال “أصبحت قوية ومقتدرة، وهذا ما قاد إلى السلام”، مضيفًا: “دولة الاحتلال، بمساعدتنا، نالت كل ما يمكن أن تناله بالقوة”، كما شكر الدول العربية والإسلامية على دورها في تحقيق وقف إطلاق النار، قائلاً: “إنه العصر الذهبي لدولة الاحتلال والعصر الذهبي للشرق الأوسط.”
وأشار ترامب إلى أن “المنطقة بأكملها” وافقت على خطة لنزع سلاح حماس، معلنًا أن إدارته “تساعد الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله”، ودعا الدول التي لم تُطبّع بعد إلى “الانضمام إلى اتفاقات أبراهام”.
نتنياهو و”العفو الرئاسي”
وكان قد سبق خطاب ترامب كلمة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، شكره فيها على “نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والدفاع عن إسرائيل ضد الأكاذيب في الأمم المتحدة”. كما شكره على “الاعتراف بحقوقنا في يهودا والسامرة” – في إشارة إلى دعمه السيطرة على الضفة الغربية المحتلة.
وفي خطوة رمزية، منح نتنياهو ترامب “جائزة إسرائيل”، أرفع وسام مدني في دولة الاحتلال، وردّ ترامب ممازحًا: “بيبي ليس الرجل الأسهل في التعامل معه… لكن هذا ما يجعله عظيمًا.”
ثم التفت إلى رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ قائلاً: “لماذا لا تمنح نتنياهو عفوًا؟ سيجار وبعض الشمبانيا، من يهتم؟” في إشارة إلى قضايا الفساد التي يواجهها نتنياهو، والتي ينفيها.
سياق دموي واتهامات دولية
وأوضح ترامب أن اتفاق الهدنة جاء بعدما “بدأت الأمور تسوء وتحتدم”، وأضاف: “قلت لبيبي: ستُذكر بهذا أكثر من استمرار القتال والقتل والقتل… أهنئك على شجاعتك في قول: كفى، لقد انتصرنا، فلنستمتع بحياتنا الآن.”
تأتي هذه التصريحات في وقتٍ تشير فيه البيانات المسرّبة من جيش الاحتلال إلى أن أكثر من 67 ألف فلسطيني استشهدوا ارتقوا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن نحو 80% من الضحايا مدنيون.
لقد خلّف العدوان مجاعة واسعة ودمّر معظم البنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.