أعلنت إدارة ترامب يوم الجمعة وقف صرف منح وعقود فيدرالية لجامعة كولومبيا بقيمة 400 مليون دولار، بسبب اتهامات للجامعة بأنها لم تبذل ما يكفي من الجهد لمكافحة معاداة السامية.
وأخطر فريق عمل فيدرالي مؤسسة آيفي ليج يوم الاثنين أنها ستجري “مراجعة شاملة” للعقود والمنح الفيدرالية للجامعة كجزء من تحقيقاتها الجارية بموجب العنوان السادس من قانون الحقوق المدنية.
ويتكون فريق العمل الفيدرالي لمكافحة معاداة السامية من أربع وكالات حكومية هي وزارات العدل والصحة والخدمات الإنسانية والتعليم وإدارة الخدمات العامة الأمريكية.
وتأسس فريق العمل في فبراير/شباط بعد الأمر التنفيذي “التدابير الإضافية لمكافحة معاداة السامية” الذي وقعه ترامب في نهاية يناير/ كانون الثاني.
وأعلن فريق العمل الأسبوع الماضي أنه سيزور حرم عشر جامعات شهدت حوادث معادية للسامية منذ أكتوبر 2023 بعد الهجمات التي قادتها حماس على دولة الاحتلال والحرب التي تبعت ذلك على قطاع غزة.
وفي بيان صحفي مشترك صدر يوم الجمعة، قالت الوكالات إن تخفيض التمويل جاء بسبب “استمرار تقاعس الجامعة عن مواجهة المضايقات المستمرة للطلاب اليهود”.
وذكرت وزيرة التعليم ليندا ماكماهون في بيان صحفي أنه “منذ 7 أكتوبر 2023، واجه الطلاب اليهود عنفاً لا هوادة فيه وترهيباً ومضايقات معادية للسامية في حرم جامعاتهم وتم في المقابل تجاهلهم من قبل أولئك الذين من المفترض أن يقوموا بحمايتهم”.
وحذر البيان من أن إلغاء التمويل يمثل الجولة الأولى من العمل ومن المتوقع أن يتبعه عمليات إلغاء إضافية.
وتحتفظ جامعة كولومبيا حالياً بأكثر من 5 مليارات دولار من التزامات المنح الفيدرالية.
يذكر أن قيمة التمويل الذي تم الإعلان عن وقفه يوم الجمعة أكبر بثماني مرات تقريباً من المبلغ الذي سبق لفريق العمل الفيدرالي الإعلان عن أنه يفكر في إيقافه يوم الاثنين.
وقال المعلق السابق في قناة فوكس نيوز ليو تيريل، الذي يقود فريق العمل: “تجميد الأموال هو أحد الأدوات التي نستخدمها للرد على هذا الارتفاع في معاداة السامية”.
وأضاف: “هذه ليست سوى البداية، فوقف صرف أموال دافعي الضرائب هو أقوى إشارة حتى الآن بأن الحكومة الفيدرالية لن تكون طرفاً في مؤسسة تعليمية مثل كولومبيا لا تحمي الطلاب والموظفين اليهود”.
وواجهت جامعة آيفي ليج اتهامات بالسماح بمعاداة السامية في حرمها الجامعي بعد سلسلة من الاحتجاجات والمخيمات التي أقيمت العام الماضي احتجاجاً على عدوان الاحتلال على قطاع غزة.
وحذا طلبة الجامعات الأمريكية في عموم البلاد حذو طلاب جامعة كولومبيا في إقامة مخيمات الاحتجاج على الحرب.
ومراراً وتكراراً، أدانت إدارة الجامعة الاحتجاجات الطلابية لكنها ظلت تواجه الاستهداف من قبل الحكومة الأمريكية.
فقد سعت كل من إدارة بايدن وترامب إلى وصف الاحتجاجات المناهضة للاحتلال والصهيونية بأنها “معادية للسامية”، الأمر الذي تطلب عقد جلسات استماع في الكونغرس، حيث استجوب أعضاؤه مسؤولي الجامعات وفرضوا اقتحام وكالات إنفاذ القانون بالقوة على الاحتجاجات في الحرم الجامعي.
وفي أبريل/نيسان الماضي، نظمت لجنة التعليم والقوى العاملة في مجلس النواب الأمريكي جلسة استماع في الكونغرس بعنوان “كولومبيا في أزمة: استجابة جامعة كولومبيا لمعاداة السامية”.
واستجوب أعضاء الكونغرس الرئيسة السابقة مينوش شفيق وأعضاء مجلس أمناء آخرين في ما وصف بأنه “مكارثية جديدة” في رسالة وقع عليها ما يقرب من عشرين عضواً من أعضاء هيئة التدريس اليهود في جامعة كولومبيا وفرعها، كلية بارنارد.
ويقول المراقبون إن استهداف إحدى أكثر الجامعات ليبرالية في البلاد هو إجراء مقصود لخلق تأثير مخيف في جميع أنحاء البلاد، في حين يحقق فريق العمل في تسع جامعات أخرى.
وفي أعقاب رد الفعل السياسي، سارعت جامعات مثل نيويورك وهارفارد التي تخضع للتدقيق الفيدرالي إلى تبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست المثير للجدل عن معاداة السامية.
ومنذ توليه منصبه، أمر ترامب بوقف مؤقت للمنح والقروض الفيدرالية، والتي تم حظرها منذ ذلك الحين من قبل قاض اميركي.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس في فبراير/شباط أن توجيه ترامب جعل الجامعات في جميع أنحاء البلاد “تتدافع للتعامل مع تأثير تجميد التمويل على برامج البحث والطلاب وأعضاء هيئة التدريس”.
وقال أستاذ الأنثروبولوجيا في إحدى الجامعات الأمريكية، والذي طلب عدم الكشف عن هويته أن “جامعة كولومبيا والجامعات الكبيرة
يمكنها استيعاب الخسارة والاستمرار في دعم الأبحاث، ولكن الجامعات الأخرى، وخاصة جامعات الأبحاث العامة، ستعاني بشدة وقد تنهار أبحاثها”.
وفي حديث لموقع ميدل إيست آي أضاف أن “من المؤكد أن جامعات المستوى الثاني أو R2 لن تكون قادرة على استيعاب خسارة المنح البحثية وسوف تنهار أبحاثها”.
من ناحيتها، ذكرت كاثرين فرانك، أستاذة القانون في جامعة كولومبيا، والتي أجبرت على التقاعد المبكر من قبل الجامعة بسبب التعبير عن مخاوفها لموقع Democracy Now! بشأن الطلاب الإسرائيليين الذين يلتحقون بجامعة كولومبيا فور انتهاء خدمتهم العسكرية، إن ما حدث لها هو مجرد جزء من مناخ أوسع نطاقًا لاستهداف الحرية الأكاديمية.
وأضافت في حديث لموقع ميدل إيست آي “إذا نظرت إلى ما يحدث في حرمنا الجامعي، فقد كان يتعلق بالعنصرية المعادية للفلسطينيين، والتي يتم تغطيتها على أنها مكافحة معاداة السامية”.
وفي يناير/كانون الثاني قالت: “لم يتوقفوا عند هذا الحد فهذه نتائج أولية، ثم يتجهون بعد ذلك إلى الدراسات القانونية النقدية، ونظرية العرق النقدية، والنسوية، ونظرية المثلية الجنسية، وكل الأشياء التي حددها اليمين على أنها أفكار خطيرة”.
وفي بيانه الصحفي، قال جوش جرونباوم، أحد أعضاء فريق العمل، “إن التعامل مع الحكومة الفيدرالية يشكل امتيازًا”.
لكن فرانكي قالت أن فلوريدا كانت موضع الاختبار لهذا التقليص للحرية الأكاديمية، حيث يقوم الجمهوريون بإصلاح نظام التعليم، أو “يُحتمل أن يكسروه”.