إسرائيل تستهدف الشرطة ووكالات الإغاثة في غزة من أجل “خلق فوضى” في القطاع!

بقلم مها الحسيني 

ترجمة وتحرير مريم الحمد

بالفعل، قام الجيش الإسرائيلي بالاتصال ببعض الفلسطينيين في شمال قطاع غزة طالباً منهم تنسيق دخول المساعدات في المستقبل، وذلك بهدف تجنب توزيعها عن طريق الحكومة التي تديرها حماس ووكالات الأمم المتحدة.

وفقاً لمصادر موقع ميدل إيست آي، فقد تواصلت السلطات الإسرائيلية مع ممثلي عائلتين على الأقل في مدينة غزة والمدن الشمالية وطلبت منهم “التعاون معهم”، من خلال تعليمات مقدمة من السلطات الإسرائيلية لتسهيل دخول البضائع وتلقي وتوزيع المساعدات الدولية.

“مع إعلان الاحتلال عن نيته تسليم إدارة المساعدات لبعض الجهات في حي الزيتون، فقد أصبح واضحاً أن شيئاً ما يجري ترتيبه على الأرض” – عبد الله شرشارة- محامي من غزة

تأتي هذه الخطوة بعد استهداف إسرائيلي متكرر للشرطة المحلية وموظفي الخدمة المدنية الآخرين الذين حاولوا الحفاظ على القانون والنظام وتنسيق توزيع المساعدات في شمال غزة، وبعد أشهر من سعي إسرائيلي لتقويض دور الأونروا، أكبر وكالة إنسانية في غزة.

وعلى الجانب الآخر، شدد الجيش حصاره على وصول المساعدات الإنسانية لأكثر من نصف مليون شخص في شمال قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى ظهور “مناطق مجاعة” أكدت عليها تقارير أكدت وفاة أشخاص بسبب سوء التغذية مع نفاد المواد الغذائية الأساسية.

في ظل الوضع القائم، يخشى السكان والخبراء من أن نظام الحكم المحلي القائم على الأسرة، والذي صممته إسرائيل، سيؤدي في حالة نجاحه إلى تأجيج الاضطرابات الاجتماعية والفوضى.

هذا ما أكده المحامي والناشط، عبد الله شرشارة، في حديثه إلى ميدل إيست آي، قائلاً: “تهدف إسرائيل إلى إغراق قطاع غزة بنظام حكم بدائي يشبه الحكم القبلي، حيث يكون لكل حي زعيمه الخاص الذي لا يعتمد على الإرادة الشعبية بل على قوة السلاح بالتنافس مع مجموعات أخرى”.

محاولات عدة

يذكر أن السلطات الإسرائيلية كانت تستعد لهذا السيناريو منذ أشهر، فقد أكد شرشارة من خلال عمله الميداني في  مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، أنه لاحظ حالات تشير إلى أن الجنود الإسرائيليين كانوا يبحثون عن مرشحين مناسبين لإدارة هذا المخطط منذ ديسمبر.

يقول شرشارة: “عندما قام الجيش باعتقال شخصيات من أساتذة وشيوخ ووجهاء وشخصيات مؤثرة، خاصة من شمال القطاع، قام بطرح أسئلة استطلاعية لمعرفة مدى تقبل الشخصيات والمجتمع بشكل عام لفكرة إدارة المساعدات الإنسانية، وفي تلك المرحلة، لم نلاحظ أي أثر ميداني لذلك ، لكن مع إعلان الاحتلال عن نيته تسليم إدارة المساعدات لبعض الجهات في حي الزيتون، فقد أصبح واضحاً أن شيئاً ما يجري ترتيبه على الأرض”.

قبل شهر، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش يعتزم إدخال البضائع إلى غزة عبر معبر المنطار البري (كارني) جنوب شرق مدينة غزة، والمغلق منذ عام 2011، وعليه يقوم الجيش بتسليم البضائع إلى “تجار” محددين في حي الزيتون كجزء من فترة تجريبية. 

 “يمنعون  وصول المساعدات إلى غزة عمداً ويعرقلون عمل منظمات الأمم المتحدة حتى يخلقوا فوضى عارمة تسمح لهم بفرض شكل جديد من الحكم في المستقبل” – عبد الله شرشارة- محامي من غزة

تجدر الإشارة إلى أن الجيش قد شن هجوماً برياً جديداً على الزيتون في منتصف فبراير، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع المجموعات الفلسطينية المسلحة هناك، قبل أن ينسحب الجنود الإسرائيليون، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان التوغل في منطقة الزيتون مرتبطًا بالمخطط المبلغ عنه.

قبل أيام أيضاً، أطلق الجنود الإسرائيليون النار على آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا غرب مدينة غزة لتلقي المواد الغذائية من الشاحنات القادمة من جنوب القطاع، مما أدى إلى مقتل أكثر من 112 وجرح 760 آخرين في ما وصفته وزارة الصحة الفلسطينية بـ”المجزرة”.

“فوضى عارمة”

تعد المجزرة الأخيرة الأحدث في سلسلة من الهجمات على قوافل المساعدات القليلة التي سمح لها بدخول شمال غزة في الأشهر الأخيرة، فقبل شهر، قصفت القوات البحرية الإسرائيلية قافلة تابعة للأمم المتحدة تحمل مساعدات ومنعتها من التقدم إلى مدينة غزة والبلدات الشمالية، حسبما أظهرت وثائق الأمم المتحدة.

في تقريرها لتغطية المجزرة، قالت شبكة سي إن إن أن أحداً لم يصب بأذى في الهجوم لكن معظم المساعدات الموجودة داخل الشاحنة، بما في ذلك دقيق القمح، قد تم تدميرها!

من جانب آخر، فقد استهدفت القوات الإسرائيلية ضباط الشرطة المدنية الفلسطينية المسؤولين عن حراسة قوافل المساعدات الدولية المسموح لها بالدخول إلى القطاع الفقير عدة مرات، مما أدى إلى مقتل عدد منهم.

نتيجة لذلك، انسحب الضباط الفلسطينيون من معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، مما أحدث فراغاً أدى إلى حشود جائعة وعصابات إجرامية تنهب معظم المساعدات!

من جانبه، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه “أوقف مؤقتاً تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غزة حتى تتوافر الظروف التي تسمح بوصول آمن التوزيعات”.

يعتقد شرشارة أن إسرائيل، من خلال اتخاذ كل هذه الخطوات، تنوي إنشاء بديل للأونروا يخدم أجندتها، موضحاً أن التعاون بين الاحتلال وشخصيات عشائرية في إدارة القطاع ليس بالأمر الجديد، ولكن الأمر مختلف هذه المرة، لأن الاحتلال يدرك أن هذه الجهات التي يتعاون معها تكتسب قوتها من كونها مجرد عصابات منظمة”.

في شهادته لموقع ميدل إيست آي، أشار عادل مهنا من سكان مدينة غزة، إلى أن انهيار النظام المدني يساعد إسرائيل في “صياغة نهج جديد” للحكم في غزة، مؤكداً أن شمال غزة “يعيش حالة فوضى عارمة بين السكان الجائعين والعصابات التي تنهب معظم المساعدات”.

أوضح شرشارة أن الجيش الإسرائيلي يرسل أيضًا “رسائل تهديد” إلى سكان غزة من أجل الذهاب جنوباً،  مشيراً إلى  أنهم “يمنعون  وصول المساعدات إلى غزة عمداً ويعرقلون عمل منظمات الأمم المتحدة حتى يخلقوا فوضى عارمة تسمح لهم بفرض شكل جديد من الحكم في المستقبل”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة