بقلم جوزيف مسعد
من الأمور المثيرة في ما يتعلق بالدعم الغربي للاستعمار الاستيطاني في فلسطين هو الإصرار الدائم على أن المشروع الاستعماري الصهيوني هو مشروع شرعي ولا يشكل عدوانا على السكان الفلسطينيين الأصليين، أما ما هو غير شرعي فهي المقاومة التي يقوم بها الفلسطينيون ضد هذا الاستعمار الاستيطاني. ولهذا السبب فإن القمع الهائل الذي يمارسه الاستيطان اليهودي على السكان الأصليين الفلسطينيين يتم تعريفه دائما من قبل إسرائيل والحكومات الغربية والمؤسسات البحثية والصحافة الغربية المذعنة بأنه “ردّ” أو “انتقام”، وهو الوصف الذي لطالما استخدمته المستعمرات الاستيطانية بشكل أعم للإشارة إلى المذابح التي ارتكبتها بحق السكان الأصليين، ولكنه وصف لا يستخدم أبدا للإشارة إلى مقاومة السكان الأصليين للاستعمار الاستيطاني.
ومن هذا المنظور، فإن العنف الأولي في المستعمرات الاستيطانية هو دائما عنف مقاومة السكان الأصليين، ولهذا السبب تكون حرب المستعمرين ضد السكان الأصليين دائما عملا من أعمال “الرد الانتقامي”.
ولا يقتصر هذا على حرب الإبادة الجماعية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تصفها هي والصحافة الغربية بأنها “رد انتقامي”، وهو مصطلح لم تستخدمه أبدا لوصف عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر ، وإن كان يُستخدم لوصف كل المجازر الكبرى التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ إنشائها عام 1948.
فعلى سبيل المثال، لقد وصفت إسرائيل غزوها الهمجي للبنان عام 1982، والذي قتلت فيه 18 ألف شخصا وشردت أكثر من نصف مليون، بأنه “رد انتقامي” على منظمة التحرير الفلسطينية، مستشهدة بـ محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن آنذاك، والتي لم تكن منظمة التحرير مسؤولة عنها، بل جماعة أبو نضال المناهضة لمنظمة التحرير الفلسطينية
لقد استخدمت المستعمرات الاستيطانية هذا الخطاب بشكل منهجي، والأمثلة على ذلك عديدة. فعندما قامت مستعمرة روديسيا الاستيطانية في عام 1976 بذبح 310 من المقاتلين والمدنيين السود الذين كانوا يقاومون لإنهاء الاستعمار الاستيطاني ونظام تفوّق العرق الأبيض، وصف العنصريون البيض الروديسيون عملهم بأنه “رد انتقامي”، كما فعل “المحللون السياسيون” الذين استشهدت بهم صحيفة نيويورك تايمز. وعندما قتل الروديسيون البيض 1600 أفريقي في مخيمات اللاجئين في زامبيا في عام 1978، وصفت صحيفة نيويورك تايمز الهجمات بأنها “غارات انتقامية”، وهو تعبير لم تستخدمه لوصف هجمات المقاومة على المستعمرة- الاستيطانية التي يحكمها البيض.
أما الحملة العسكرية التي قام بها نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لهزيمة مناضلي الحرية الناميبيين التابعين للمنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، فقد استمر وصفها بأنها “ردّ انتقامي” من قبل الأمم المتحدة وصحيفة نيويورك تايمز حتى عام 1989، عشية استقلال ناميبيا في عام 1990، وحتى بعد ذلك.
وفي مستعمرة موزمبيق الاستيطانية العنصرية البيضاء وُصِفت هجمات الجيش البرتغالي والمستعمِرين على السكان والمقاومين الأفارقة الذين كانوا يناضلون من أجل إنهاء الحكم البرتغالي في السبعينيات على أنها “انتقامية”، وكذلك وصفت الهجمات البرتغالية في مستعمرة أنغولا الاستيطانية التي استهدفت السكان الأفارقة ومقاتلي “الحركة الشعبية لتحرير أنغولا”. كما وصف مرصد حقوق الإنسان (أو -كما يصر على ذكر اسمه بالعربية دون ترجمة- “منظمة هيومان رايتس واتش”) اجتياحات نظام جنوب إفريقيا العنصري لأنغولا بين عامي 1981 و1993 باعتبارها “ردا انتقاميا” على دعم الحركة الشعبية لتحرير أنغولا لمنظمة “سوابو”، وهو دعم لا يُنظر إليه على أنه “رد انتقامي” على الاستعمار الاستيطاني.
وربما تكون الجزائر حالة نموذجية في مناقشة السياق الفلسطيني، نتيجة همجية القوى الاستعمارية والمستعمرين الفرنسيين. ففي مواجهة المطالب الجزائرية المتواصلة بالاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، اندلعت المظاهرات في أيار/ مايو 1945 عبر الجزائر وهتف المتظاهرون “يسقط الاستعمار”. وفي 8 أيار/ مايو، في مدينة سطيف، حيث كان الفقر وحرمان الفلاحين من الأراضي في تزايد، واجهت الشرطة الفرنسية 8000 متظاهر يحملون الأعلام الجزائرية، وأطلقت النار على شاب جزائري وقتلته. تفرق الحشد في حالة من الذعر وهاجموا المستوطنين الفرنسيين أثناء هروبهم وقتلوا 21 مستوطنا. وقد امتد العنف إلى منطقة قسنطينة، حيث هاجم الجزائريون، مدفوعين بالجوع والغضب، المستوطنين وقتلوا 102 منهم ومثّلوا في جثثهم في أعمال انتقامية. ومعظم المستوطنين القتلى كانوا في الغالب “أصحاب” المزارع التي كان يعمل الجزائريون فيها.
في أعقاب أعمال العنف هذه، أعلنت فرنسا المحررة من الاحتلال النازي حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجزائر وأطلقت العنان لعشرة آلاف جندي لقمع التمرد، فقاموا بإحراق المنازل ونفذوا عمليات إعدام ميدانية بدعم من القوات البحرية والجوية الفرنسية التي قصفت الساحل وقصفت قرى بأكملها. وقام الجيش بإجبار آلاف الجزائريين على الركوع أمام العلم الفرنسي وهم يهتفون “نحن كلاب”، كما قام الجنود بصناعة حلقات من أصابع الجزائريين التي قطعوها من الجثث كتذكارات حرب كانوا يتفاخرون بها.
وهاجمت مليشيات المستوطنين جزائريين في مدينة قالمة على الحدود التونسية، حيث قام قائد المستوطنين الفرنسي المحلي بتسليح 4000 مستوطن تحسبا لمظاهرات 8 أيار/ مايو التي هاجمتها الشرطة. وقد تم ارتكاب المزيد من أعمال العنف الوحشية عندما قام المستوطنون بحملة هائجة استهدفت 16500 جزائري يعيشون في قالمة. وبحسب الأرقام الرسمية الفرنسية، فقد قتل المستوطنون 1500 منهم، أي ربع السكان الجزائريين البالغين الذين كانت تتراوح أعمارهم بين 25 و45 عاما، وقاموا بدفن الجثث في مقابر جماعية ثم قاموا بنبشها وحرقها لمنع إجراء أي تحقيق.
وكانت الحصيلة النهائية للقمع الفرنسي مروعة: فقد تحدثت صحيفة نيويورك تايمز عن مقتل ما بين 17000 إلى 20000 جزائري، في حين قدرت المصادر الجزائرية العدد بما يزيد عن 45000، فيما يتحدث المؤرخون الفرنسيون بأن عدد القتلى كان بين 6000 إلى 8000 قتيل لا أكثر. وكل ذلك كان “ردا انتقاميا” كما يخبرنا جندي فرنسي تحوّل إلى مؤرخ في كتابه عن هذه الأحداث. وقد دفن ديغول المذبحة بأكملها وأوقف لجنة التحقيق التي كان من المفترض أن تحقق في الفظائع التي ارتكبتها فرنسا المحررة بحق الجزائريين المستعمَرين.
وقد شهدت انتفاضة جزائرية أخرى في آب/ أغسطس 1955 مهاجمة الجزائريين للمستعمِرين في مستعمرة فيليبفيل (التي أقيمت عام 1838 على أنقاض مدينة سكيكدة القديمة) على الساحل بالقرب من قسنطينة، بالإضافة إلى قوى الشرطة والجيش. وقد قتل الجزائريون 100 مستوطن أوروبي، وقطّعوا العديد منهم بالفؤوس حتى الموت. كان “الانتقام” الفرنسي وحشيا، حيث قُتل آلاف الجزائريين على يد الجيش والشرطة والمستوطنين. وقد تم إطلاق النار على العشرات على الفور، وتم اقتياد المئات إلى ملعب فيليبفيل لكرة القدم وإعدامهم هناك. وخلال إقامة جنازة المستعمرين، تم إعدام ثمانية جزائريين على يد المشيعين الأوروبيين إعداما ميدانيا. وقد أوردت جبهة التحرير الوطني الجزائرية أن الفرنسيين قتلوا 12 ألف شخص، بينما زعم الفرنسيون أنهم قتلوا عُشر هذا العدد، رغم أن مسؤولا فرنسيا أعلم دبلوماسيا أمريكيا بأن الفرنسيين قد قتلوا 20 ألف شخص خلال شهر بعد الهجوم على مستوطني فيليبفيل.
وعند وصفها للمذبحة، ذكرت مؤسسة راند، وهي مؤسسة أبحاث أمريكية ذات نفوذ تعمل بشكل وثيق مع حكومة الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، أنها كانت “ردا انتقاميا” على “مذبحة المدنيين” التي ارتكبها الثوار الجزائريون. من الواضح أن الهجوم الجزائري على المستوطنين لا يمكن اعتباره، بحسب باحثي مؤسسة راند، ردا انتقاميا على الإبادة الجماعية المستمرة للجزائريين، والتي بدأت في عام 1830 وأودت بحياة ثلث السكان بحلول عام 1871 فقط.
تذكرنا كل هذه الأحداث بالحرب المستمرة على الشعب الفلسطيني، حيث يتواصل هذا الخطاب الغربي في فرض نفسه اليوم دون عوائق. فقد أعلنت صحيفة نيويورك تايمز، على سبيل المثال، مرددة خطاب إسرائيل والحكومات الغربية وغيرها من وسائل الإعلام الغربية الرئيسة، أن الهجوم الإسرائيلي على غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2008، والذي قُتل فيه 1400 فلسطيني، كان “ردا” على إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل. ولم يكن هذا الأخير بالطبع ردا انتقاميا على العنف الاستعماري الإسرائيلي والاحتلال والحصار المفروضين على غزة.
وفي عام 2012، وُصفت الهجمات الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل 180 فلسطينيا أيضا بأنها “رد انتقامي”. وأبلغتنا صحيفة نيويورك تايمز أيضا أن الهجوم الإسرائيلي على غزة المحاصرة إسرائيليا في حزيران/ يونيو 2014، والذي قُتل فيه 2250 فلسطينيا، كان على شكل “ضربات إسرائيلية انتقامية”. وفي عام 2021، وصفت صحيفة نيويورك تايمز، من بين وسائل إعلام غربية أخرى، الهجمات الإسرائيلية القاتلة على غزة والتي قُتل فيها 256 فلسطينيا بأنها “جولات انتقامية”. لذلك، لم يكن من المفاجئ أن ترد كلمة “ردّ” أو “انتقام” في كل مكان في الأوصاف الغربية المستمرة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
يبدو أن الإسرائيليين قد أدركوا أن هزيمتهم العسكرية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر لم تكن كافية في حد ذاتها لتبرير الإبادة الجماعية “الانتقامية” بحق الشعب الفلسطيني، لذلك بدأوا في اختلاق قصص مروعة عن حرق أطفال إسرائيليين، ونزع أحشاء النساء الحوامل، والقتل الجماعي المتعمد للمدنيين، والاغتصاب المنهجي، بالإضافة إلى حملة الأكاذيب اللاحقة التي تزعم أن موظفي وكالة الغوث (الأونروا) أعضاء ينتمون إلى حركة حماس.
وقد تم الكشف عن أن قصص حرق الأطفال ونزع الأحشاء باعتبارها روايات إسرائيلية كاذبة من صنع الخيال ولم تحدث قط. وحتى اللحظة، لا يوجد دليل قاطع على قيام الفلسطينيين بارتكاب عمليات قتل منهجي بحق مدنيين إسرائيليين، على الرغم من ظهور الكثير من الأدلة في الصحافة الإسرائيلية على أن القوات الإسرائيلية هي من قام بقتل العديد منهم بنيران صديقة أثناء استهداف مقاومي حركة حماس، وربما ضحّت إسرائيل بمدنيين إسرائيليين عمدا نتيجة تفعيلها لتكتيك عسكري إسرائيلي يسمى “بروتوكول هنيبعل”.
أما بالنسبة لقصص الاغتصاب، ففي ظل غياب أي أدلة شرعية أو شهادات من ضحايا الاغتصاب، ظلت الادعاءات غير مثبتة، بما في ذلك في مكاتب صحيفة نيويورك تايمز ذاتها، التي أدت مشاركتها في نشر هذه الادعاءات الإسرائيلية على أنها حقيقة إلى إدخال الصحيفة في حالة من التوتر والمشاكل مع صحفييها (مما أدى إلى حملة مطاردة داخل الصحيفة بحق الموظفين من أصول عربية ومسلمة الذين اشتبهت الصحيفة في قيامهم بتسريب أخبار عن هذه المعارك الداخلية)، ومع العائلات الإسرائيلية التي أنكرت تعرض قريباتها للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي من قبل الفلسطينيين.
وقد كان هنالك دور حتى للأمم المتحدة لتلعبه في نشر الدعاية الإسرائيلية، فقد خلص تقرير الأمم المتحدة الأخير حول حالات الاغتصاب المزعومة، والذي لم يُسمح فيه لمسؤولي الأمم المتحدة بإجراء تحقيقاتهم الخاصة ولكن تم تزويدهم بمعلومات من قبل الحكومة الإسرائيلية، إلى أن هنالك “أسبابا معقولة”، لم يكشف عنها التقرير أبدا، لتصديق المزاعم الإسرائيلية. على الرغم من أن فريق الأمم المتحدة وجد أن بعض المزاعم الإسرائيلية المثيرة “لا أساس لها من الصحة”، فقد أعلن التقرير أن فريقه “لم يتمكن من تحديد مدى انتشار العنف الجنسي” وأن “الحجم الإجمالي والنطاق والإسناد المحدد لهذه الانتهاكات سيتطلب إجراء تحقيق كامل”. علاوة على ذلك، فإن فريق الأمم المتحدة “لم يلتق بأي ناجية/ضحية من العنف الجنسي” المزعوم والذي تدعي إسرائيل أنه حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، “على الرغم من الجهود المتضافرة التي بذلها الفريق بتشجيع الناجين على التقدم للفريق بشهاداتهم”.
وكما أظهر علي أبو نعمة وآيسا وينستانلي على موقع “الانتفاضة الإلكترونية” في تقييم شامل لتقرير الأمم المتحدة، فإن الجانب المثير للدهشة في التقرير هو أنه لا يتحدث عن أي دليل كشفه عن العنف الجنسي، بل يتحدث فقط عن “معلومات واضحة ومقنعة”، ويعترف التقرير بأن “مصدره في جزء كبير منها هي مؤسسات وطنية إسرائيلية” وأن فريق الأمم المتحدة لم ير “أي دليل رقمي يصور على وجه التحديد أعمال العنف الجنسي” في تحقيقه “مفتوح المصدر”، على الرغم من مراجعة “مواد رقمية واسعة النطاق”. ونظرا لأهمية ادعاءات الاغتصاب في تبرير الإبادة الجماعية “الانتقامية” التي ترتكبها إسرائيل، فإن غياب الأدلة هذا يضفي المزيد من المصداقية على الشكوك التي أعرب عنها الكثيرون بشأن هذه المزاعم والاتهامات الإسرائيلية.
يشير تقرير الأمم المتحدة إلى مزاعم بارتكاب الجيش الإسرائيلي والمستوطنين جرائم جنسية ضد النساء والرجال الفلسطينيين في الضفة الغربية، وحثّ الجيش الإسرائيلي على فتح تحقيقات في هذه الادعاءات، وهو ما رفضه الأخير بشكل قاطع. لكن التقرير لم يذكر حقيقة تعرض المجندات الإسرائيليات لاعتداءات جنسية واغتصاب من قبل جنود إسرائيليين منذ عقود، ولكن ذلك بالطبع لم يكن جزءا من مهمة الفريق.
تكمن مشكلة الرواية الغربية في إصرارها على أن الاستعمار الإسرائيلي والصهيوني الذي اسْتُهِل بالعنف بحق السكان الفلسطينيين الأصليين منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر؛ هو حق مشروع للغزو وليس شكلا من أشكال العدوان الذي يمكن اعتبار مقاومته شرعية. في هذه الرواية، يتم طرح الفلسطينيين على أنهم مَن بدأ باستخدام العنف
وفي عام 2020 وحده، نشر الجيش الإسرائيلي أرقام الاعتداء الجنسي في صفوفه التي شملت 1542 شكوى، بما في ذلك 26 حالة اغتصاب، و391 فعلا فاحشا، و92 حالة توزيع صور ومقاطع فيديو. ومن بين هذا العدد الضخم من الجرائم، لم يقدم الجيش الإسرائيلي أكثر من 31 لائحة اتهام بحق المتهمين. ومن غير الواضح ما إذا كانت الاعتداءات الجنسية الإسرائيلية على النساء الإسرائيليات والفلسطينيات هي أيضا “رد انتقامي”.
إن ما يغيب في كثير من الأحيان عن المناقشات الغربية حول “الردود الانتقامية” الإسرائيلية هو الهزيمة الحقيقية التي مني بها الجيش الإسرائيلي على يد قوات المقاومة الفلسطينية، والتي تتوافر أدلة كافية عليها. وهذه الحقيقة لا تقبل الجدال! إن استيلاء وسيطرة الفلسطينيين على العديد من القواعد العسكرية الإسرائيلية ونقاط التفتيش التي تحاصر قطاع غزة، والمشاهد المهينة للجنود الإسرائيليين النائمين أثناء الهجوم، هو في الواقع السبب الحقيقي لحرب الإبادة الجماعية الغاضبة التي تشنها إسرائيل، حيث وجدت إسرائيل أنه من غير المعقول أن تقوم “حيوانات بشرية” مستعمَرة، كما يشير المسؤولون الإسرائيليون إلى الفلسطينيين، بهزيمة الجيش الإسرائيلي الاستعماري الفذ.
تكمن مشكلة الرواية الغربية في إصرارها على أن الاستعمار الإسرائيلي والصهيوني الذي اسْتُهِل بالعنف بحق السكان الفلسطينيين الأصليين منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر؛ هو حق مشروع للغزو وليس شكلا من أشكال العدوان الذي يمكن اعتبار مقاومته شرعية. في هذه الرواية، يتم طرح الفلسطينيين على أنهم مَن بدأ باستخدام العنف من خلال تجرئهم على مقاومة هذا العنف الصهيوني الأوروبي العنصري والاستعماري، ولهذا السبب لا يمكن أبدا تسمية مقاومتهم بـ”الرد الانتقامي”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)