أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس الأربعاء أن إسرائيل وحركة حماس قد “وقعتا رسميًا” على المرحلة الأولى من خطة لإنهاء الحرب الإبادة المستمرة منذ عامين على قطاع غزة.
وفي منشور على منصة “تروث سوشال” كتب ترامب: “هذا يعني أن جميع الرهائن سيُفرج عنهم قريبًا جدًا، وأن إسرائيل ستسحب قواتها إلى خط متفق عليه كخطوة أولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي. سيتم التعامل مع جميع الأطراف بإنصاف!”
وأضاف ترامب: “هذا يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي، ولإسرائيل، ولكل الدول المجاورة، وللولايات المتحدة الأمريكية. ونشكر الوسطاء من قطر ومصر وتركيا الذين عملوا معنا لتحقيق هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق.
طوبى لصانعي السلام!”
بعد دقائق من إعلان ترامب، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري بأنه تم التوصل إلى اتفاق يشمل “جميع البنود وآليات التنفيذ” الخاصة بالمرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار،
مشيرًا إلى أن هذه المرحلة “ستؤدي إلى إنهاء الحرب، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية”. وأضاف الأنصاري: “سيُعلن عن التفاصيل لاحقًا”.
وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن من المتوقع بدء الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بحلول يوم السبت.
وفي المقابل، أصدرت حركة حماس بيانًا دعت فيه الولايات المتحدة والدول الضامنة الأخرى إلى ضمان التزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق، بما في ذلك الانسحاب من القطاع، إذ تنص الخطة الأصلية على انسحاب تدريجي.
من جانبه، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منصة X أن اليوم يمثل “يومًا عظيمًا لإسرائيل”، مضيفًا: “أشكر من أعماق قلبي الرئيس ترامب وفريقه على تعبئتهم من أجل هذه المهمة المقدسة المتمثلة في إطلاق سراح رهائننا.”
وأكد نتنياهو أنه سيعقد جلسة حكومية يوم الخميس لإقرار الاتفاق رسميًا و”إعادة الرهائن إلى ديارهم”.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قال خليل الحية، رئيس وفد المفاوضين عن حماس، إن الوفد وصل إلى مدينة شرم الشيخ المصرية “لإجراء مشاورات جادة ومسؤولة”، موضحًا أن الهدف الواضح هو إنهاء الحرب، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين — الأحياء منهم والأموات — مقابل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وفقًا لخطة ترامب.
وفي الأمم المتحدة، كتب ماجد بامية، نائب السفير الفلسطيني، على منصة X كلمة واحدة فقط: “أخيرًا…” وردّ على أحد المهنئين بقوله: “لا أستطيع أن أصدق ذلك بالكاد.”
خطة ترامب
كان ترامب قد كشف الأسبوع الماضي عن خطة مثيرة للجدل مكونة من 20 بندًا لإنهاء الحرب المدمّرة على غزة، وهي الخطة التي منحت الأولوية الكاملة للسردية الإسرائيلية ومخاوفها الأمنية المزعومة.
وجاء في البند الأول من الخطة: “ستكون غزة منطقة منزوعة التطرف وخالية من الإرهاب، لا تشكّل تهديدًا لجيرانها.”
وقد تعرض المقترح لانتقادات واسعة من المدافعين عن القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد أن نص على أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير سيعمل إلى جانب ترامب في لجنة انتقالية للإشراف على القطاع.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن الإدارة الأمريكية ترغب مبدئيًا في التركيز على وقف القتال ووضع الترتيبات اللوجستية للإفراج عن الرهائن والأسرى السياسيين.
وتتضمن الخطة أيضًا نشر “قوة استقرار دولية” تعمل كقوات حفظ سلام داخل القطاع، إلى جانب تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة مكونة من تكنوقراط.
وتؤكد الخطة صراحة أنه لن يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين من غزة، لكنها تطرح في الوقت ذاته فكرة إنشاء “مجلس السلام” برئاسة ترامب، وهو ما أثار انتقادات واسعة بوصفه مشروعًا ذا طابع استعماري جديد.
سياق الحرب والإبادة
منذ اندلاع الحرب قبل عامين، قُتل وجُرح أو فُقد أكثر من 238 ألف فلسطيني، فيما دُمرت معظم البنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المنازل والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمستشفيات والمرافق العامة.
ويكاد يكون هناك إجماع بين خبراء الإبادة الجماعية والمنظمات الحقوقية الدولية على أن حرب إسرائيل على غزة تشكّل إبادة جماعية، وهو ما أكدته لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في تقاريرها الأخيرة.
وأشارت تقارير استخبارية إسرائيلية داخلية إلى أن أكثر من 80% من ضحايا الحرب حتى مايو الماضي كانوا من المدنيين، مما يعزز الاتهامات بارتكاب جرائم حرب وجريمة إبادة بحق الفلسطينيين