إغلاق الحسابات البنكية غير المبرر.. سلاح سري بريطاني ضد المؤسسات الخيرية الإسلامية وتلك المناصرة لفلسطين

اتهمت عدد من المؤسسات الخيرية الإسلامية في بريطانيا الحكومة بالكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بإغلاق حسابات مصرفية تعود لجهات او شخصيات إسلامية، وذلك في أعقاب الغضب الإعلامي الذي سببه إغلاق بنك كوتس لحساب السياسي البريطاني نايجل فاراج مؤخراً.

على مدى أسابيع، تمت تغطية حدث إغلاق الحساب المصرفي لزعيم حزب الاستقلال البريطاني، نايجل فاراج، على نطاق واسع في وسائل الإعلام المحلية، حتى اعتذر البنك عن إغلاق حسابه بسبب آرائه السياسية التي قال سابقاً أنها “لا تتماشى” مع قيم البنك.

قبل أيام، اعتذرت أيضاً هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” ومراسلها التجاري سايمون جاك أيضاً من فاراج، وذلك بعد التصريح بأن إغلاق حسابه كان لأسباب مالية وليست سياسية، وعملت على تصحيح ذلك في تقاريرها.

في الوقت الذي تلقى فيه فاراج تقريراً من 40 صفحة يوضح أسباب إغلاق حسابه المصرفي، تقول العديد من المؤسسات الخيرية الإسلامية والشخصيات بأنه لم يتلق أي منهم نفس التفسير أو التوضيح حول إغلاق حساباتهم

على الجانب الآخر، تشتكي المؤسسات الإسلامية منذ فترة طويلة من إغلاق البنوك لحساباتها دون أي تفسير يذكر، الأمر الذي تسبب في إعاقة جهود تلك المؤسسات ومواجهة تحديات عدة من أهمها جمع التبرعات للمناطق الفقيرة والمنكوبة، خاصة في المناطق النائية.

بين التأخير والرفض

في هذا السياق، أشار رئيس الإعلام في منظمة الإغاثة الإسلامية، ألون ماكدونالد، إلى أنه من الشائع “أن نسمع عن مؤسسات خيرية تواجه تأخيرات أو رفضاً عند استخدام النظام المصرفي الدولي من أجل إرسال الأموال”، وأضاف “بعض البنوك تحجم عن التعامل مع المؤسسات الخيرية والإنسانية التي تعمل في أكثر دول العالم هشاشة وتعقيداً، فالأسهل أن ترفض ذلك”.

“المؤسسات الخيرية تواجه إغلاق البنوك منذ أكثر من عقدين، وغالباً ما يتم الإفراط في الرقابة عليها” – فادي عيتاني من منتدى الجمعيات الخيرية الإسلامية

وفي الوقت الذي تلقى فيه فاراج تقريراً من 40 صفحة يوضح أسباب إغلاق حسابه المصرفي، تقول العديد من المؤسسات الخيرية الإسلامية والشخصيات بأنه لم يتلق أي منهم نفس التفسير أو التوضيح حول إغلاق حساباتهم، فبحسب ماكدونالد “بدلاً من الإغلاق وما يسمونه (إزالة المخاطر)، فإن العمل مع تلك المؤسسات عن كثب قد يسمح للبنوك بالتخفيف من مخاطرها والوفاء لمعاييرها، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجها بشكل عاجل ومنظم”.

كما دعا ماكدونالد البنوك إلى الاطلاع على بروتوكولات العناية التي تطبقها المؤسسات الخيرية، من باب الحرص على عدم ترك مجتمعات دون مساعدات أساسية!

الحرمان من المساعدات العاجلة

عن الإغلاق المتواصل للحسابات، أشار الرئيس التنفيذي لمنتدى الجمعيات الخيرية الإسلامية ومقره بريطانيا، فادي عيتاني، إلى أن المؤسسات الخيرية تواجه إغلاق البنوك منذ أكثر من عقدين، وغالباً ما يتم “الإفراط في الرقابة عليها”، وأضاف “يحدث هذا عادة مع المنظمات التي تعمل في مناطق أكثر حساسية من حيث الخطر الأمني، لكن هذا لا يمنع امتداده كتعريف على نطاق أوسع، مما يخلق عبئاً غير منصف على كاهل تلك المنظمات”.

في الغالب، يتسبب إغلاق الحسابات بإعاقة جهود المؤسسات الخيرية في تقديم المساعدة العاجلة والأساسية لإنقاذ الحياة، يقول عيتاني ” لا يحصل الأشخاص الأكثر احتياجاً في مناطق، مثل سوريا وغزة والصومال وغيرها، على مساعدة فورية، قد يكونون بأمس الحاجة لها لإنقاذ حياتهم”، كما أشار إلى أن “المؤسسات الإسلامية هي الوحيدة القادرة على تقديم المساعدة في تلك المناطق النائية حيث تكون هناك مخاطر أمنية أكثر،  ولكن للأسف تصبح عمليات التدقيق لمكافحة غسيل الأموال الذاهبة لتلك المناطق أكثر دقة، مما يجعل من الصعب أحياناً فهم سياق المساعدة التي تقدمها المؤسسات على أرض الواقع”.

استهداف المجموعات المؤيدة لفلسطين

لقد أثارت التغطية الإعلامية الواسعة لقضية فاراج مقارنة بالتغطية شبه المعدومة لمشاكل إغلاق حسابات المنظمات الإسلامية رغم معاناتها من ذلك لسنوات طويلة، يقول عيتاني “المنظمات الإسلامية لا تحصل على نفس القدر من التغطية الإعلامية والصحفية، لقد كان نادراً خاصة في ظل عدم وجود اهتمام حقيقي أو حملات دعم مستمر مثل اليوم”.

من جانب آخر، سلط نشطاء مؤيدون لفلسطين الضوء على تعرضهم لإغلاقات بنكية أيضاً لسنوات بسبب آرائهم السياسية، لكن الأمر لم يحظَ يوماً باهتمام الصحافة والسياسيين، ففي عام 2015، قام البنك التعاوني بإغلاق حساب حملة التضامن مع فلسطين، وهي أبرز المنظمات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا، دون ذكر أي تفسير عدا ما اعتبره البنك أسباباً متعلقة بـ “شهية البنك للمخاطرة”.

بعد عام من ذلك، تم إغلاق حساب مجموعة أصدقاء الأقصى في نفس البنك، كما واجه عدد آخر من المنظمات عمليات إغلاق حسابات مفاجئة أخرى بأدنى حد من التفسير والتوضيح!

مقالات ذات صلة