إيران والاتفاق النووي.. كيف تصب خطوات أوروبا في إشعال الحرب؟

بقلم ماركو كارنيلوس

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

يوشك قانون مورفي أن يكون مألوفًا لدى الجميع، وهو الذي تمت صياغته بعد حادث هندسي وقع في أربعينات القرن الماضي، ويُستخدم اليوم على نطاق واسع كتفسير فكاهي لسوء الحظ: “أي شيء يمكن أن يسوء، سيسوء”.

ومن المؤسف أن نلاحظ كيف تنطبق إحدى أوجه هذا القانون على قرارات ما يسمى بالدول الأوروبية الثلاث الكبرى (فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا) في سياق الشرق الأوسط، وخاصةً العلاقة الغربية المتوترة مع إيران.

قد يكون نص قانون مورفي كما يلي: “إذا تعمدت الدول الثلاث القيام بشيء منفصل عن الواقع، غبي، غير مناسب، غير مدروس، خطير، ومن المرجح أن يؤدي إلى تفاقم أزمة دولية متوترة أصلًا، فسوف تفعله”.

ومن الأمثلة على ذلك قرار الدول الثلاث الأخير بتفعيل آلية “العودة السريعة” للاتفاق النووي لعام 2015، والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة ردًا على انتهاك إيران المزعوم لالتزاماتها النووية. 

وُقِّعَ الاتفاق النووي بشكل مشترك بين إيران والاتحاد الأوروبي والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا (رغم انسحاب الولايات المتحدة أحاديًا عام 2018).

وفي حين أن صيغة E3 من قانون مورفي كانت تُستخدم بشكل رئيسي فيما يتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، كما ألمحت بعض المصادر، حتى داخل إدارة ترامب، فإن قرار إعادة فرض العقوبات خطير للغاية، ويهدد بإشعال فتيل الأزمة في الشرق الأوسط مجددًا، كما لو أن سلوك دولة الاحتلال لم يكن كافيًا لتحقيق هذا الهدف أصلًا.

ويبدو أن قرار مجموعة الدول الأوروبية الثلاث مبني على منطق خاطئ للغاية، إن لم يكن تحريفًا متعمدًا يقوم على أن انتهاكات الاتفاق النووي تُنسب حصريًا إلى إيران.

عدوان غير مبرر

ففي عام 2018، انسحبت إدارة ترامب الأولى من الاتفاق النووي، بعد ثلاث سنوات فقط من توقيعه في عهد إدارة أوباما. 

وفي ذلك الوقت، لم تُصدر مجموعة الدول الأوروبية الثلاث أي انتقاد جدي لهذه الخطوة المشينة، بينما انحازت بحكم الأمر الواقع إلى نظام العقوبات الأمريكي الجديد الذي تضمن عقوبات ثانوية ضد الدول التي استمرت في التعامل التجاري مع إيران.

بعبارة أخرى، لقد انتهكت الولايات المتحدة التزاماتها بموجب الاتفاق أولًا، ولم تفعل مجموعة الدول الأوروبية الثلاث شيئًا حيال ذلك.

ومنذ تلك اللحظة، أصبح رد إيران متوافقا مع المادة 36 من الاتفاق، المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي تنص على أنه يمكن لأي طرف في نهاية المطاف أن يعامل انتهاك طرف آخر “كسبب للتوقف عن الوفاء بالتزاماته بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة كليًا أو جزئيًا و/أو إخطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنه يعتقد أن هذه القضية تشكل عائقاً كبيراً”.

وقد أيدت روسيا موقف إيران، مشيرةً إلى أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث نفسها انتهكت الاتفاق النووي بتمكينها سياسة “الضغط الأقصى” الأمريكية.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن تفعيل مجموعة الدول الأوروبية الثلاث لآلية “سناب باك” يأتي بعد الهجمات الإسرائيلية الأمريكية الأخيرة على إيران، والتي أصدرت خلالها هذه القوى الأوروبية بياناتٍ لتبرير ودعم هذا العدوان غير المبرر، مُلقيةً باللوم كله على طهران.

لم تسأل الدول الأوروبية الثلاث نفسها بجدية عن دوافع إيران المحتملة للتفاوض مع الغرب بعد انسحاب الولايات المتحدة أحاديًا من الاتفاق الأصلي.

بل وقبل حلفاء واشنطن الأوروبيون هذا الاستفزاز سرًا، ثم برروا هجمات يونيو/حزيران، على الرغم من أن المنشآت الإيرانية كانت لا تزال، في ذلك الوقت، خاضعةً لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان عدم وجود بُعد عسكري للبرنامج النووي الإيراني.

وكانت كلٌّ من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة الاستخبارات الأمريكية قد صرحت سابقًا بأنه لا يوجد دليل يشير إلى أن إيران تُصنّع قنبلة نووية.

بعد كل هذا، كيف يُمكن إلقاء اللوم على إيران لتقليص التزاماتها بالاتفاق النووي؟

في حين تشن دولة الاحتلال إبادة جماعية علنية ضد الشعب الفلسطيني، مدعيةً أنها تملك ترخيصًا لقتل وقصف كل دولة تقريبًا في المنطقة مع عجز الاتحاد الأوروبي، على ما يبدو، عن اتخاذ حتى الحد الأدنى من الإجراءات اللازمة لوضع حدٍّ لذلك، فإن الإجراء المهم الوحيد الذي يبدو أن دول E3 مستعدة لاتخاذه هو المزيد من الاستفزاز تجاه إيران، مما قد يُشعل المنطقة.

إما أن دول E3 تعمل عمدًا على إشعال صراع متجدد مع إيران، أو أنها لا تدرك ما تُخاطر به، وفي كلتا الحالتين، فقد وقعنا مجددًا في وضعٍ حرج للغاية.

للاطلاع على المقال الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة