ترجمة: موقع بالعربية
يثير تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي تتكون من تحالف يميني متطرف مخاوف الكثيرين من المراقبين السياسيين الدوليين والفلسطينيين وحتى الإسرائيليين أنفسهم.
وفي مقال نشر على موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، يرى الأكاديمي المتخصص في التاريخ، إيلان بابيه، أن التحالف اليميني المتطرف سيستمر في قمع الفلسطينيين، لكن بتجاهل أكبر للرقابة العالمية، أكثر من أي وقت مضى.
يبدأ الكاتب مقاله بالقول إنه ليس من المفاجئ أن الحكومة الإسرائيلية والكنيست ستدار الآن من قبل الأغلبية المهيمنة من اليهود المتدينين القوميين والصهاينة والسياسيين المتشددين الذين لطالما دافعوا في السابق عن التطهير العرقي الرسمي وسياسات إطلاق النار لقتل الفلسطينيين.
ويضيف بابيه، الذي يعمل كمدير للمركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية وكمدير لمركز للدراسات العرقية والسياسية في جامعة اكستر، قائلا: “لقد كانت إسرائيل تميل أكثر نحو اليمين على مدى العقدين الماضيين، وقد كاد هذا التحالف أن يفوز في الانتخابات السابقة، لذلك ليس من الصادم أنهم الآن في السلطة، ومع ذلك، ينبغي للمرء أن يسأل: كيف ستختلف إسرائيل بعد هذه الانتخابات؟”
وفيما يلي نص المقال:
مع وجود أغلبية واضحة في الكنيست وسيطرة قوية على السلطة التنفيذية، ستستمر هذه النخبة السياسية القديمة الجديدة في فعل كل ما فعلته الحكومات السابقة على مدار الـ 74 عامًا الماضية – ولكن بمزيد من الحماس والتصميم وتجاهل للإدانة الدولية.
هذا التحالف سيبدأ على الأرجح بتوسيع تهويد الضفة الغربية المحتلة والقدس الكبرى، وبتكثيف النشاط العسكري الذي يوشك أن يكون أكبر عام مميت بشكل استثنائي للفلسطينيين، فمنذ بداية العام 2022 قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون أكثر من 130 فلسطينيا، من بينهم أكثر من 30 طفلا، في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
من المؤكد أن الحكومة الجديدة ستكثف الزيارات الاستفزازية للسياسيين اليهود إلى المسجد الأقصى، كما يمكننا أيضًا أن نتوقع تصعيدًا في عمليات هدم المنازل، والاعتقالات دون محاكمة، وإطلاق العنان لحراس المستوطنين لإحداث الدمار كما يحلو لهم.
طمس الهوية الفلسطينية
“ستختفي أي تمثيلية متبقية من الديمقراطية في ظل هذا النظام الجديد”
“ستختفي أي تمثيلية متبقية من الديمقراطية في ظل هذا النظام الجديد”
ليس من الواضح إلى أي مدى ستذهب هذه النخبة الجديدة في سياستها تجاه قطاع غزة، فمنذ عام 2008، كانت سياسة إسرائيل في غزة قاسية وغير إنسانية، حيث يصعب تخيل ما يمكن أن يكون أسوأ من الحصار والتضييق والقصف الجوي الوحشي العرضي على المجتمع المدني.
وكذلك من الصعب التنبؤ بسياسات الحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين داخل إسرائيل، حيث إنها أضفت الطابع الرسمي على كونها دولة فصل عنصري، بموجب قانون الدولة القومية لعام 2018، ويمكن توقع ما هو أسوأ بالنسبة للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، إذ بات من المحتمل أن نشهد تجاهلًا مستمرًا لتصاعد النشاط الإجرامي، إلى جانب سياسات أكثر صرامة بشأن التوسعات السكنية في المناطق الريفية الفلسطينية.
يمكننا أيضًا أن نتوقع قمعًا مستمرًا لأي محاولات جماعية فلسطينية للتعبير عن الهوية الوطنية للأقلية- سواء كان ذلك من خلال التلويح بالأعلام الفلسطينية في الجامعات، أو إحياء ذكرى النكبة، أو بطرق أخرى للتعبير عن التراث الثقافي الغني لهذا المجتمع.
باختصار، ستختفي أي تمثيلية متبقية للديمقراطية في ظل هذا النظام الجديد.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التحول الهائل في التصورات العالمية تجاه إسرائيل في السنوات الأخيرة- والذي تجلى في تصويرها كدولة فصل عنصري من قبل مجموعات حقوق الإنسان الدولية الرئيسة مثل منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، بالإضافة إلى استعداد محكمة العدل الدولية لمناقشة إنهاء الاستعمار في الضفة الغربية المحتلة- إلا أنه يبدو أن هناك إحجامًا عامًا عن الاعتراف بإمكانية وجود عنصرية يهودية، بقدر الاعتراف بوجود عنصرية مسيحية أو مسلمة أو بوذية.
أيديولوجية خطيرة
لم يعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 (الذي تم تمريره في عام 1975 قبل إلغائه في وقت لاحق)، والذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية، إعلانًا بعيدا عن الحقائق والصعوبات في إسرائيل وفلسطين، حيث أظهرت الدول الأفريقية والعربية، التي دفعت مشروع القرار، بُعدا في النظر باعتبارها أن العنصرية تشكل الخطر الرئيس الذي تحمله الصهيونية كأيديولوجية دولة- ليس فقط للفلسطينيين، وإنما للمنطقة ككل.
يمكن أيضًا فهم اختفاء اليسار الصهيوني في هذه الانتخابات بسهولة، إذا ما أدركنا مدى عمق واتساع العنصرية داخل المجتمع الإسرائيلي، وخاصة بين الشباب، وبصفتي ابنًا ليهود ألمان هربوا من العنصرية الألمانية في أوائل الثلاثينيات، وأدرسها الآن كشخص بالغ، فإنني منزعج بشدة من هذه الصورة لمجتمع مفتون بالعنصرية ويورثها للجيل القادم.
هل ستدرك الجاليات اليهودية هذه الحقيقة أم ستستمر في تجاهلها؟ هل ستقر الحكومات في الغرب، ولا سيما الإدارة الأمريكية، هذا التوجه أم ستتجاهله؟ هل سيتعامل العالم العربي، الذي شرع في عملية تطبيع مع إسرائيل، مع ذلك على أنه غير صحيح، طالما أنه لا يقوض المصالح الأساسية لأنظمته؟
ليس لدي أجوبة لهذه الأسئلة، ومن وجهة نظر ناشط، فليس من الضروري في الواقع الإجابة على هذه الأسئلة، بل القيام بكل ما هو ممكن حتى يتم الرد عليها يومًا ما بطريقة تنقذ الفلسطينيين واليهود من مصير كارثي- وتمنع إسرائيل من قيادتنا جميعًا نحو الهاوية التي أصبحت حافتها الآن أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.