ذكرت تقارير صحفية أمريكية أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي منح السفن الأمريكية حرية العبور من قناة السويس، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد الحوثيين في اليمن.
وفي مكالمة هاتفية جرت بينهما في أبريل/نيسان الماضي، لم يُخفِ ترامب اعتقاده بضرورة حرية مرور السفن الأمريكية عبر الممر المائي الاستراتيجي، بل إنه طالب بذلك علناً حين قال يوم السبت أن قناة السويس “ما كانت لتكون موجودة لولا الولايات المتحدة الأمريكية”.
ووصف نائب مصري مساعي إدارة ترامب بالابتزاز نافياً مزاعمه عن الدور الأمريكي في وجودها من الأساس، وقال أن قناة السويس “مصرية بحتة”.
وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الثلاثاء أن ترامب أثار القضية مع السيسي مباشرةً هذا الشهر حين تحدث الزعيمان في الأول من أبريل/نيسان، حيث أفاد بيان مصري أن الزعيمين “ناقشا تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وجهود الوساطة لإعادة الهدوء إلى المنطقة، مما ينعكس إيجابًا على حركة الملاحة في البحر الأحمر”.
وكان المكتب الرئاسي المصري قد أعلن في أواخر العام 2024 بأن البلاد خسرت ما لا يقل عن 7 مليارات دولار من عائدات قناة السويس.
ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد أبلغ ترامب السيسي بأن الولايات المتحدة تريد دعمًا مصريًا لحملتها ضد الحوثيين، بما في ذلك المساعدة العسكرية وتبادل المعلومات الاستخبارية والتمويل، على اعتبار أن نجاح الحملة يمكن أن يساعد في استعادة حركة الملاحة عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
ووفقاً للتقارير، فقد تجاهل السيسي طلب ترامب وأبلغه أن أفضل طريقة لمواجهة تهديد الحوثيين هي وقف إطلاق النار في غزة.
وتتوافق المعلومات الواردة حول المحادثة مع تصريحات ترامب المعلنة بشأن قناة السويس، كما يتوافق منطقه مع مناقشات خاصة بين كبار المسؤولين الأمريكيين، وفقاً لما كُشف في محادثة جماعية مسربة على تطبيق سيجنال في وقت سابق من هذا العام.
وكُشف النقاب عن تصريحٍ لأحد الأشخاص في محادثة جماعية بدأها مستشار الأمن القومي مايك والتز، لصحيفة “ذا أتلانتيك”: “كما سمعت، كان الرئيس واضحًا: الضوء الأخضر، لكننا سنوضح قريبًا لمصر وأوروبا ما نتوقعه في المقابل”.
وقد تم تحديد هوية الشخص برمز SM، وهو ما يبدو أنه يشير إلى مستشار ترامب ستيفن ميلر، حيث قال على تطبيق سيجنال: “إذا نجحت الولايات المتحدة في استعادة حرية الملاحة بتكلفة باهظة، فيجب أن يكون هناك المزيد من المكاسب الاقتصادية في المقابل”.
ويُمثل طلب ترامب من مصر تقديم دعم عسكري أو مساعدة اقتصادية للولايات المتحدة تحولًا صارخًا في علاقة البلدين بعد الحرب، والتي عادةً ما كانت تسير في الاتجاه العكسي، فقد توسطت الولايات المتحدة في معاهدة السلام عام 1979 بين دولة الاحتلال ومصر وأصبحت منذ ذلك الحين تقدم للقاهرة ما يقرب من 1.3 مليار دولار سنويًا في حزم مساعدات عسكرية.
غير أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تضررت بسبب عدوان الاحتلال على غزة، حيث حاول دبلوماسيون أمريكيون في القاهرة ثني إدارة ترامب عن الضغط على مصر لاستقبال الفلسطينيين النازحين قسراً، وفقاً لما سبق وذكره موقع ميدل إيست آي.
وينتاب المسؤولون المصريون شعور بغضب شديد من الولايات المتحدة لانحيازها إلى الاحتلال عندما سيطرت قواته على مدينة رفح جنوب غزة في مايو/أيار 2024، واتهمت مصر بالتقصير في مراقبة الحدود.
وفي مارس/آذار، كشف موقع ميدل إيست آي النقاب عن أن الإمارات العربية المتحدة، الداعمة الوثيقة لمصر، كانت تضغط على إدارة ترامب ضد خطة قدمتها القاهرة إلى جامعة الدول العربية لحكم قطاع غزة بعد الحرب.
ووفقاً لمسؤولين أمريكيين ومصريين، فقد أبلغت الولايات المتحدة مصر أنها تدرس خفض المساعدات العسكرية، في تهديد يقول المسؤولون أنه نابع من الإحباط داخل الدائرة المقربة من ترامب من رفض مصر استقبال الفلسطينيين النازحين قسراً.
ولا تعتبر دعوة ترامب للسيسي لدعم الحملة الأمريكية ضد الحوثيين المرة الأولى التي يضطر فيها السيسي إلى مقاومة دعوات التدخل في اليمن، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي انسحبت من التحالف الذي تقوده السعودية والذي كان يقصف الحوثيين عام 2016.
ولمصر تاريخ طويل في اليمن، وكثيرًا ما يُشبّه المسؤولون العرب هذه الدولة الخليجية بـ “فيتنام مصر”، في إشارة إلى حرب الولايات المتحدة المرهقة في آسيا، حيث تدخل الرئيس المصري جمال عبد الناصر في ستينات القرن الماضي في الحرب الأهلية اليمنية داعمًا ما يُسمى بالجمهوريين ضد الملكيين.