أظهر استطلاع مقياس الثقة السنوي الذي تجريه مؤسسة العلاقات العامة إيدلمان أن الخلافات الحادة بشأن الحرب تؤثر على قرارات الإنفاق لدى المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
فقد كشفت النسخة الأخيرة من الاستطلاع أن أكثر من واحد من بين كل ثلاثة أشخاص يقاطعون علامة تجارية ما بسبب النظر إليها على أنها تدعم جانباً في عدوان الاحتلال على غزة.
ويقود المستهلكون في دول الخليج العربي الغنية بالنفط والدول ذات الأغلبية المسلمة الكبيرة اتجاه المقاطعة وفق ما أظهر الاستطلاع الذي جمع آراء 15000 مستهلكاً من 15 دولة، تشمل فرنسا والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
واحتلت ثلاث من الدول ذات الغالبية المسلمة مكاناً بين الدول الدول الخمسة الأكثر انخراطاً في مقاطعة العلامات التجارية بسبب غزة وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا.
أما رابع الدول فهي الهند التي تعيش فيها أقلية مسلمة كبيرة، وخامس هذه الدول هي ألمانيا.
وكانت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) قد اكتسبت زخماً في جميع أنحاء العالم حيث تهدف إلى الضغط على دولة الاحتلال بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي وقمع الفلسطينيين.
غير أن الحركة واجهت أيضاً معارضة قويةً في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية حيث يتعاطف عدد كبير من السكان مع الاحتلال.
وشهدت المملكة العربية السعودية أعلى عدد من المستجيبين للاستطلاع، حيث قال 71% أنهم يقاطعون العلامات التجارية بسبب دعمها لطرف من أطراف الحرب.
هذا ويعرف عن سكان المملكة العربية السعودية تأييدهم لفلسطين بشكل كبير.
وسبق أن أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، وهو مؤسسة بحثية مؤيدة للاحتلال، في كانون الأول/ديسمبر، أن 96% من المواطنين السعوديين يعتقدون أن على الدول العربية قطع العلاقات مع الاحتلال رداً على حربه على غزة.
وقبل الحرب، كانت الولايات المتحدة تعمل بجد من أجل التوصل إلى اتفاق للتطبيع بين دولة الاحتلال والمملكة العربية السعودية.
وفي الإمارات العربية المتحدة، قال 57% من المستجيبين أنهم يقاطعون علامات تجارية بعينها بسبب الحرب.
وفي إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، قال أكثر من شخص واحد من كل شخصين أيضاً أنهم يقاطعون العلامات التجارية لذات الغرض.
وأبرز الاستطلاع أن عدد المستجيبين من الدول العربية والإسلامية الذين يقاطعون المنتجات بسبب الحرب على غزة أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 37%، أي أكثر بقليل من واحد من كل ثلاثة مستجيبين.
وتشعر مجالس إدارة الشركات الغربية بتأثير المقاطعة على أسواقها في ظل نمو “القومية الاستهلاكية” في دول الخليج العربي.
فقد قررت شركة الشايع العملاقة لتجارة التجزئة، التي تمتلك حقوق ستاربكس في الشرق الأوسط، خلال آذار/مارس البدء في تسريح أكثر من 2000 موظف في المنطقة وشمال أفريقيا، يشكلون 4% من إجمالي قوتها العاملة، نتيجة لمقاطعات المستهلكين المرتبطة بغزة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز كريس كيمبزينسكي في وقت سابق من هذا العام أن المبيعات كانت أضعف في البلدان ذات الأغلبية المسلمة مثل ماليزيا وإندونيسيا وكذلك في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأثارت ماكدونالدز غضباً في أوساط الناشطين المؤيدين لفلسطين عندما أعلن فرعها الإسرائيلي في تشرين أول/أكتوبر أنه يقدم وجبات مجانية لجنود الاحتلال.
وفي باكستان، خفضت فروع الامتياز لماكدونالدز أسعارها واضطرت إلى إصدار بيان ينأى بها عن امتيازات ماكدونالدز في دولة الاحتلال.
وقال كيمبزينسكي يوم الاثنين أن: “التأثير المستمر للحرب على الأعمال التجارية المحلية لأصحاب الامتياز محبط”.
ولطالما وفر أداء المستهلكين في منطقة الخليج منحاً وعطايا للشركات الغربية وذلك لأن سكانها الشباب يتمتعون بقوة شرائية عالية نسبياً، ولأن اقتصاداتهم المنتجة للنفط والغاز لم تتأثر بالحروب والأزمات مثل الدول العربية الأخرى منذ الربيع العربي.
وقد أشار موقع ميدل إيست آي إلى أن المستهلكين في عُمان قاطعوا السلع الغربية بسبب الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها للاحتلال.
ووفقاً للمعطيات فقد تحول العمانيون من تناول مشروبات مثل ماونتن ديو إلى كينزا، وهي علامة تجارية سعودية للمشروبات.
وفي باكستان، بدأت العلامات التجارية المحلية في توفير منتجات تحل محل المشروبات الغازية ومستحضرات التجميل الغربية.
كما أشار الاستطلاع إلى ارتفاع النزعة القومية لدى المستهلكين في دول الخليج، حيث ارتفع عدد المستجيبين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الذين قالوا إنهم يشترون العلامات التجارية لبلادهم بدلاً من العلامات التجارية الأجنبية بمقدار 13 و10 نقطة على التوالي.