وفقاً لتقرير نشرته بلومبرج، فقد شنت السعودية حملة قمع مؤخراً ضد المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم فيما يتعلق بانتقاد الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه مسؤولون أمريكيون أن المحادثات جارية حول اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي قريب!
وقد نقل التقرير عن مصادر دبلوماسية لم يذكر اسمها، أن الاعتقالات شملت مسؤولاً تنفيذياً يعمل في شركة تشارك في برنامج “رؤية 2030″، وهو المشروع الاقتصادي الذي يقوده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث اعتقل الشخص بسبب تعبيره عن آراء اعتبرت “تحريضية” فيما يتعلق بالعدوان على غزة.
أما المعتقل الثاني، فهو شخصية إعلامية قال بحسب وكالة بلومبرغ أنه “لا ينبغي أن نغفر لإسرائيل أبداً”، فيما اعتقل آخر دعا إلى مقاطعة مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية في السعودية.
لا تكشف المملكة عن عدد المعتقلين، ولا تحاكمهم ضمن القضاء العادي، بل عادة ما يمثل هؤلاء المعتقلون أمام المحكمة الجزائية المتخصصة ويحاكمون بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي قالت جماعات حقوق الإنسان إنه يسمح بانتهاكات جسيمة للحق في المحاكمة الحرة
يقول نشطاء سعوديون أن التقرير يظهر أن احتمال التطبيع مع إسرائيل أدى إلى مزيد من القمع داخل المجتمع السعودي، ففي حديثها لموقع ميدل إيست آي، أوضحت رئيسة الرصد والمناصرة في منظمة القسط الحقوقية، لينا الهذلول، أن التقرير “يكشف الأكاذيب حول التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل، حيث يتم الترويج لها على أنها معاهدة سلام بين إسرائيل والدول العربية، وأنه لا وجود لحرب بين السعودية وإسرائيل، لذلك وبحسب ما نراه فإنه من المرجح أن تزيد الاعتقالات والمضايقات للشعب السعودي”.
يذكر أنه في عامي 2020 و2021، توصلت إسرائيل إلى اتفاقيات تطبيع بوساطة أمريكية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ومنذ ذلك الحين، كانت هناك تكهنات مستمرة حول صفقة مماثلة مع السعودية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة.
في يناير الماضي، صرح السفير السعودي في لندن، الأمير خالد بن بندر بالقول إن اتفاق التطبيع “قريب” لكن المملكة أوقفت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بعد 7 أكتوبر.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية السعودية في فبراير الماضي أنه لن يتم التطبيع دون وقف إطلاق النار والتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية،
لكن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عاد وأكد مؤخراً أن واشنطن والرياض منخرطتان منذ قرابة شهر في محادثات دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق التطبيع.
أكد بلينكن ذلك من خلال تصريح له في المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، حيث قال: “أعتقد أن العمل الذي تقوم به السعودية والولايات المتحدة معاً فيما يتعلق باتفاقياتنا الخاصة يقترب كثيراً من الاكتمال”.
حملات قمع سابقة
لقد أصبحت حملات القمع على حرية التعبير، وخاصة احتجاز الأشخاص بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ممارسة شائعة في السعودية منذ أن أصبح بن سلمان ولياً للعهد عام 2017.
لا تكشف المملكة عن عدد المعتقلين، ولا تحاكمهم ضمن القضاء العادي، بل عادة ما يمثل هؤلاء المعتقلون أمام المحكمة الجزائية المتخصصة ويحاكمون بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي قالت جماعات حقوق الإنسان إنه يسمح بانتهاكات جسيمة للحق في المحاكمة الحرة.
يذكر من بين المعتقلين بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مدربة اللياقة البدنية مناهل العتيبي، المحتجزة في السجن منذ نوفمبر 2022، وذلك بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يدعم المزيد من الحريات للمرأة في المملكة.
يضاف إليها أيضاً التلميذة منال الغفيري، التي تقضي حكماً بالسجن لمدة 18 عاماً لنشرها تغريدات داعمة للسجناء السياسيين في المملكة، وبالمثل، حُكم على مرشحة الدكتوراة في جامعة ليدز، سلمى الشهاب، عام 2022 بالسجن لمدة 34 عاماً بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بحقوق الإنسان.