ذكر أقارب الأسيرات الفلسطينيات وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن سلطات سجون الاحتلال كثفت من انتهاكاتها ضد الأسيرات خلال الأشهر الأخيرة، حيث تعرضن لعمليات تفتيش عار منتظمة، وتفتيش تعسفي للغرف ومصادرة الملابس وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
وقالت الهيئة في بيان لها الأسبوع الماضي أن 94 أسيرة على الأقل في سجن الدامون “يعانين من ظروف متدهورة تتجاوز كل الحدود التي يمكن تصورها”.
واستناداً إلى الزيارات الأخيرة التي قام بها محامون للسجون، أوضحت الهيئة أن “مئات الشهادات من الأسرى تكشف عن روايات صادمة ومروعة لما حدث ويتواصل حدوثه بحق الأسرى من الذكور والإناث”.
وأوضحت الهيئة أن “الشهادات تشمل أقوال الأسيرات من غزة، اللاتي واجهن انتهاكات وجرائم أكثر شدة وقسوة من أي وقت مضى منذ بدء الحرب”.
وذكرت الهيئة أن الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها سلطات الاحتلال تشمل مصادرة المزيد من ملابس الحجاب والأحذية وغيرها من الملابس.
وقالت هديل حسنين شقيقة الصحافية الأسيرة رولا حسنين أن شقيقتها المريضة تعاني من مضاعفات بسبب حرمانها من العلاج الطبي، موضحة أن رولا ” تعاني من صداع شديد وارتفاع ضغط الدم بشكل مستمر”.
وأضافت هديل لموقع ميدل إيست آي: “خضعت رولا مؤخرًا لفحوصات في عيادة السجن، لكن لم يتم تقديم أي علاج لها، على الرغم من أن النتائج تشير إلى وجود دم في مجرى البول، مما قد يؤدي إلى الفشل الكلوي إذا لم يتم تقديم العلاج لها”.
وذكرت هديل أن رولا اعتقلت من منزلها في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة في 19 مارس/آذار، فيما يعاني طفلها حديث الولادة أيضًا من مشاكل صحية متعددة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم قدرته على الرضاعة الطبيعية، حيث وُلد الطفل قبل الأوان بعد سبعة أشهر من الحمل ويحتاج إلى رعاية خاصة.
وأضافت هديل: “تأثر الجهاز التنفسي للطفل بشكل خاص، وتفاقم وضعه سوءاً بسبب الطقس البارد وانخفاض المناعة”.
وبحسب هديل، فقد أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن عوفر أمرين بالإفراج عن رولا، لكن النيابة العسكرية الإسرائيلية رفضتهما.
وقالت تالا ناصر، المحامية في منظمة الضمير غير الحكومية ومقرها رام الله، والتي تدافع عن حقوق أسرى فلسطين، إن الإهمال الطبي والاكتظاظ منتشران في السجون وأن الأسيرات لا يمنحن سوى القليل من الوقت في الهواء الطلق، وخاصة للاستحمام، حيث إن الحمامات تقع خارج الزنازين”.
وتابعت ناصر: “بالإضافة إلى ذلك، تتعمد إدارة السجون الإسرائيلية حجب مواد التنظيف عن سجن الدامون، مما أدى إلى زيادة الالتهابات الجلدية بسبب الاكتظاظ، حيث تضطر معظم الأسيرات إلى النوم على الأرض.”
“دولة بلا أخلاق”
ومن أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات عمليات التفتيش العاري، حيث يجبرن تحت ستار الإجراءات الأمنية، على خلع جميع ملابسهن، بما في ذلك الملابس الداخلية، مع تحملهن للإساءة اللفظية وسوء المعاملة.
ولا تزال عائلة زهرة خدرج، 53 عاماً، من قلقيلية، تشعر بقلق عميق بشأن سلامتها وسط الانتهاكات المستمرة ضد المعتقلات.
“لا أستطيع أن أتحمل التفكير في أن ابنتي ستنام جائعة، بينما يتوفر لدينا جميع أنواع الطعام” – حاتم فقها، والد فتاة فلسطينية معتقلة
وقال زوجها عبد اللطيف أبو صفاقة لـ “ميدل إيست آي” زهرة اعتقلت من منزلها في 28 يناير/كانون الثاني وما زالت قيد الاعتقال، في انتظار جلسة المحكمة”.
وأضاف: “عندما نسمع عما يحدث في السجون، نشعر بقلق شديد، خاصة من عمليات التفتيش العارية المهينة والمذلة لنسائنا، ولا يتم اتخاذ أي إجراء لوقف هذه الانتهاكات المروعة، ولا نعرف حتى ما إذا كانت قد تعرضت لهذه المعاملة”.
تدير خدرج، وهي أم لسبعة أطفال، مركزًا لدراسات الأسرى في قلقيلية لمساعدة عائلات المعتقلين وهي حاصلة على درجة الدكتوراة في التنمية البشرية، وعلى دبلوم عالي في التمريض ودرجة الماجستير في العلوم البيئية، كما ألفت 14 كتابًا في مواضيع مختلفة.
وقال زوجها: “من المأساوي أن تظل امرأة لديها مثل هذه الخبرة خلف القضبان دون تهمة، هذه الأفعال تعكس دولة بلا أخلاق”.
“نذهب إلى الفراش جائعين”
ومن الممارسات الشائعة الأخرى التي تنتهجها سلطات السجون الإسرائيلية حرمان المعتقلين من الطعام الكافي، حيث أشارت العديد من الشهادات إلى أن الحصص الغذائية اليومية التي تقدم للأسيرات بالكاد تشكل نصف وجبة عادية.
ووصفت براءة فقها في رسالة بعثت بها في آخر زيارة لمحاميها الحرمان الشديد الذي تتعرض له المعتقلات قائلة “نذهب إلى الفراش جائعات”.
تم اعتقال براءة، طالبة الطب في جامعة القدس، عند نقطة تفتيش عسكرية بالقرب من نابلس في 14 أغسطس/آب أثناء عودتها إلى منزلها في طولكرم من الجامعة، وجرى وضعها قيد الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة لمدة ستة أشهر، ويمكن تمديد اعتقالها بشكل تعسفي وغير محدد.
وقبل عام من اعتقالها، مُنعت براءة من دخول الجامعة لعدة أشهر بسبب مشاركتها في النشاط الطلابي.
وقال والدها حاتم فقها: “إن أحد أكثر الأمور التي تزعج الأسيرات، وفقًا لمحاميها، هي المداهمات والتفتيش المستمر والعنيف، والتي تحدث كل أسبوع تقريبًا، حتى أن بعض الأسيرات عوقبن لأسباب تافهة، بما في ذلك الحبس الانفرادي دون مبرر”.