بقلم دانية العقاد
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في انتهاك للقانون الدولي، كشفت منظمة سيناء لحقوق الإنسان، ومقرها بريطانيا، عن قيام القوات المسلحة المصرية وميليشيات أخرى موالية للحكومة بتجنيد الأطفال للقتال ضد داعش في شمال سيناء.
أشارت المنظمة إلى أنه بين الأعوام 2013-2022، تم تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم 12 عاماً، حتى أن عدداً منهم شارك بشكل مباشر في الأعمال القتالية، فيما تم تكليف آخرين بالتجسس وعمليات التمشيط وإيصال الطعام إلى نقاط التفتيش العسكرية والكمائن والبحث عن المتفجرات وتفكيكها.
جاءت نتائج التحقيق، الذي تم نشره مؤخراً، بعد تحقيق استمر لعدة شهور، وقامت به منظمة سيناء لحقوق الإنسان، حيث استند بشكل جزئي إلى شهادات أقرباء الأطفال وأعضاء الميليشيات الموالية للحكومة، بالإضافة إلى طفل قيل أنه أحد المجندين لدى القوات المسلحة.
ساهم التدهور الاقتصادي لسكان المنطقة في تسهيل تجنيد الأطفال، فمنهم من وعدوه بالوقود والطعام، أو بإمكانية العودة إلى قراهم التي نزحوا منها!
لقد قام تنظيم داعش بقتل أطفال في شمال سيناء، بينهم فتى يبلغ من العمر 17 عاماً قُتل بمشرط حاد أمام أعين والده، ثم تُرك رأسه عند معبر للسكك الحديدية في قريته، فيما أشارت مؤسسة سيناء إلى إصابة آخرين بجروح خطيرة أثناء عملهم منها ما كان نتيجة انفجارات ناجمة عن متفجرات.
بموجب القانون الدولي، فإن الحكومات ملزمة بعدم تجنيد الأطفال دون سن 15، ولذلك يعد هذا التجنيد من قبل القوات المسلحة المصرية جريمة حرب وفقاً للقانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
من جانبها، دعت منظمة سيناء الحكومة المصرية إلى “الوقف الفوري لتجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18 عاماً كمقاتلين أو في أدوار دعم عسكرية قد تعرضهم للخطر”، كما أوصت المنظمة مجلس الأمن الدولي بإحالة النزاع في شمال سيناء إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب محتملة.
في تقريرها، دعت المنظمة الحكومات الأخرى أيضاً إلى “محاسبة مصر على التزاماتها الدولية المتعلقة بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة”، مضيفة “يتعين على صانعي السياسة في الولايات المتحدة والعواصم الغربية الموازنة بين هذه الإجراءات والمساعدات الخارجية، ولا سيما المساعدات العسكرية، للتأكد من أن أموالهم لا تسهم في هذه الممارسات”.
الصراع في شمال سيناء
يذكر أن القوات المسلحة المصرية تقاتل داعش، التي هاجمت المدنيين وقوات الأمن على حد سواء، في شمال ولاية سيناء منذ عام 2013، وانضمت إليها ميليشيا مكونة من قبائل في المنطقة موالية للحكومة عام 2015.
لقد أثرت سنوات الصراع على الجنود والمدنيين في المنطقة بشكل كبير، ولكن تقدير صعوبة التأثير ظل صعباً بسبب منع الصحفيين من الدخول إلى المنطقة ونقل الواقع هناك.
وفقاً لهيومن رايتس ووتش، فقد نزح أكثر من 100 ألف من سكان المنطقة البالغ عددهم 450 ألف بين العامين 2013-2020، كما تم هدم ما لا يقل عن 12530 مبنى وتدمير 6 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية.
“كنت خائفًا، كان عمري 17 عامًا فقط، لكن عمي وضابطاً آخر قاما بتدريبي على إطلاق النار لمدة شهرين تقريبًا، وعندما تعلمت، أردت المشاركة لذا تركت المدرسة” – طفل مجند في سيناء
من جانبها، أشارت منظمة سيناء لحقوق الإنسان إلى أنه قد تم هدم أو الهجوم على ما لا يقل عن 59 مدرسة، فيما تحولت 37 مدرسة إلى قواعد عسكرية، الأمر الذي تسبب بوجود جيل من التلاميذ خارج أسوار التعليم، كما ساهم التدهور الاقتصادي لسكان المنطقة في تسهيل تجنيد الأطفال، فمنهم من وعدوه بالوقود والطعام، أو بإمكانية العودة إلى قراهم التي نزحوا منها!
استراتيجية استخدمها الجيش والميليشيا الحكومية، خاصة مع الأطفال المنحدرين من عائلات مهمشة لا تنتمي لأي من قبائل سيناء، فوفقاً لمنظمة سيناء فقد “وجد الأطفال في تعاونهم مع الجيش فرصة للحصول على السلطة والامتيازات من خلال الاقتراب من ضباط الجيش”، حيث سُجل أنه قد تم وعد طفلين بإعطائهما بطاقات عضوية من جمعية مقاتلي سيناء من أجل الحصول على “حصانة من العقاب”.
داعش تستهدف المراهقين
أشار أحد أقرباء الطفل جاسر الباطن إلى أنه قد تم تجنيده بشكل غير رسمي من قبل السلطات المصرية عندما كان في 12 من عمره فقط، وعلى مدى 4 سنوات، تم تكليفه بالتجسس في حيه في بلدة الشيخ زويد، وفي سن 16، طلب منه أحد الضابط القيام بتوصيل الطعام إلى المواقع العسكرية في سيارته الخاصة مقابل راتب رمزي ووقود وطعام له ولأسرته، حتى قُتل جاسر في نوفمبر عام 2019 بعبوة ناسفة في السيارة التي كان يقودها، وفقاً لمنظمة سيناء لحقوق الإنسان.
عقب وفاته، قام اتحاد قبائل سيناء، الموالي للحكومة المصرية، بنشر مقطع فيديو لجنازته على فيسبوك، كتب معه “”استشهد أثناء توصيل المياه للمجندين ومؤسسات الدولة”.
وفي شهادة أخرى وردت في تقرير المنظمة، أن طفلاً من قرية بير عابد قال أن عمه هو من قام بإقناعه بالعمل مع الجيش المصري عام 2018، حيث تم تكليفه بالبداية بإيصال الطعام إلى نقاط التفتيش الأمنية، مع احتمالية مشاركته بالحرب في أي وقت، وقد نُقل عن الفتى قوله “كنت خائفًا، كان عمري 17 عامًا فقط، لكن عمي وضابطاً آخر قاما بتدريبي على إطلاق النار لمدة شهرين تقريبًا، وعندما تعلمت، أردت المشاركة لذا تركت المدرسة”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)